responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 11  صفحه : 82
الِاسْتِحْقَاقِ، فَبِفَوَاتِ مَا هُوَ مُسْتَحِقٌّ لَهُ ثَبَتَ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ، فَأَمَّا بِعَقْدِ التَّبَرُّعِ لَا يَسْتَحِقُّ الْمَوْهُوبُ لَهُ صِفَةَ السَّلَامَةِ؛ وَلِهَذَا لَوْ وُجِدَ الْمَوْهُوبُ مَعِيبًا لَا يَرُدُّهُ بِالْعَيْبِ، فَلَا يَرْجِعُ بِسَبَبِ الْغُرُورِ أَيْضًا.
(وَالثَّانِي) وَهُوَ أَنَّ الْقَابِضَ بِحُكْمِ عَقْدِ الضَّمَانِ عَامِلٌ لِلْمَالِكِ مِنْ وَجْهٍ، فَإِنَّهُ يَتَقَرَّرُ بِهِ حَقُّهُ فِي الْعِوَضِ، وَهُوَ الثَّمَنُ، فَإِذَا لَحِقَهُ ضَمَانٌ بِسَبَبِهِ رَجَعَ بِهِ عَلَيْهِ، فَأَمَّا الْمَوْهُوبُ لَهُ فِي الْقَبْضِ عَامِلٌ لِنَفْسِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ الْوَاهِبَ لَمْ يَشْتَرِطْ لِنَفْسِهِ شَيْئًا لِيَتَأَكَّدَ ذَلِكَ بِقَبْضِهِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ وَهَبَ لَهُ جَارِيَةً فَاسْتَوْلَدَهَا، ثُمَّ جَاءَ مُسْتَحِقٌّ، وَاسْتَحَقَّهَا وَأَخَذَهَا وَعُقْرَهَا وَقِيمَةُ وَلَدِهَا لَمْ يَرْجِعْ الْمَوْهُوبُ لَهُ عَلَى الْوَاهِبِ بِشَيْءٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ اشْتَرَاهَا، فَإِنَّ هُنَاكَ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ ضَمِنَ لَهُ سَلَامَةَ الْوَلَدِ بِعَقْدِ الضَّمَانِ، فَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْ لَهُ رَجَعَ عَلَيْهِ بِمَا لَحِقَهُ، وَلَا يَرْجِعُ بِالْعُقْرِ عِنْدَنَا. وَعَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَرْجِعُ بِالْعُقْرِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ قَدْ ضَمِنَ لَهُ سَلَامَةَ الْوَطْءِ أَيْضًا، وَلَكِنَّا نَقُولُ: وَجَبَ الْعُقْرُ بِمَا اسْتَوْفَى مِنْهَا، وَهُوَ الَّذِي نَالَ تِلْكَ اللَّذَّةَ، فَلَا يَرْجِعُ بِمَا لَحِقَهُ بِسَبَبِهِ عَلَى أَحَدٍ.
وَعَلَى هَذَا لَوْ أَنَّ غَاصِبَ الدَّابَّةِ أَجَّرَهَا فَعَطِبَتْ عِنْدَ الْمُسْتَأْجِرِ، ثُمَّ ضَمَّنَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ قِيمَتَهَا رَجَعَ بِهَا عَلَى الْآخَرِ لِيَتَحَقَّقَ الْغُرُورُ بِمُبَاشَرَةِ عَقْدِ الضَّمَانِ، وَلِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ فِي قَبْضِهَا عَامِلٌ لِلْآخَرِ مِنْ وَجْهٍ، فَإِنَّهُ يَتَقَرَّرُ بِهِ حَقُّهُ فِي الْأَجْرِ، فَأَمَّا الْمُسْتَعِيرُ إذَا ضَمَّنَ قِيمَةَ الدَّابَّةِ لِصَاحِبِهَا لَمْ يَرْجِعْ عَلَى أَحَدٍ بِالِاتِّفَاقِ عِنْدَنَا لِانْعِدَامِ عَقْدِ الضَّمَانِ كَمَا بَيَّنَّا فِي الْهِبَةِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ ضَامِنٌ لِلْعَيْنِ فِي حَقِّ الْمُعِيرِ فَلِهَذَا لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الضَّمَانِ.

وَإِذَا اخْتَلَفَ رَبُّ الثَّوْبِ وَالْغَاصِبُ فِي قِيمَتِهِ، وَقَدْ اسْتَهْلَكَهُ الْغَاصِبُ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ رَبِّ الثَّوْبِ لِمَا فِيهَا مِنْ إثْبَاتِ الزِّيَادَةِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ مَعَ يَمِينِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِرَبِّ الثَّوْبِ بَيِّنَةٌ لِإِنْكَارِهِ الزِّيَادَةَ، وَإِنْ أَقَامَ الْغَاصِبُ بَيِّنَةً أَنَّ قِيمَةَ ثَوْبِهِ كَانَ كَذَا لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى بَيِّنَتِهِ، وَلَا يَسْقُطُ الْيَمِينُ بِهَا عَنْهُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْقَدْرَ مِنْ الْقِيمَةِ ثَابِتٌ بِاتِّفَاقِهِمَا، وَإِنَّمَا يَدَّعِي رَبُّ الثَّوْبِ الزِّيَادَةَ عَلَى ذَلِكَ، وَالشُّهُودُ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِتِلْكَ الشَّهَادَةِ أَوْ نَفَوْا تِلْكَ الزِّيَادَةَ، وَالشَّهَادَةُ عَلَى النَّفْيِ لَا تَكُونُ مَقْبُولَةً فَلِهَذَا كَانَ لِرَبِّ الثَّوْبِ أَنْ يُحَلِّفَ الْغَاصِبَ عَلَى دَعْوَاهُ.
وَفِي الْأَصْلِ يَقُولُ رَبُّ الثَّوْبِ هُوَ الْمُدَّعِي، وَالْغَاصِبُ هُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَالشَّرْعُ جَعَلَ الْبَيِّنَةَ فِي جَانِبِ الْمُدَّعِي فَقَالَ: الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَبِالْأَلِفِ وَاللَّامِ يَظْهَرُ أَنَّ جِنْسَ الْبَيِّنَةِ فِي جَانِبِ الْمُدَّعِي، وَجَعْلَ الْيَمِينِ فِي جَانِبِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَالْبَيِّنَةُ لَا تَصْلُحُ بَدَلًا عَنْ الْيَمِينِ، فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْيَمِينُ بِمَا أَقَامَ مِنْ الْبَيِّنَةِ، فَإِنْ شَهِدَ لِرَبِّ الثَّوْبِ شَاهِدٌ أَنَّ قِيمَةَ ثَوْبِهِ كَذَا، وَشَهِدَ آخَرُ عَلَى إقْرَارِ الْغَاصِبِ بِذَلِكَ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمَا

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 11  صفحه : 82
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست