responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 11  صفحه : 2
[كِتَابُ اللَّقِيطَةِ]
(قَالَ) الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ الزَّاهِدُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَفَخْرُ الْإِسْلَامِ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْفَضْلِ السَّرَخْسِيُّ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيمَنْ وَجَدَ لُقَطَةً فَالْمُتَفَلْسِفَة يَقُولُونَ: لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَرْفَعَهَا؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ الْمَالَ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ، وَذَلِكَ حَرَامٌ شَرْعًا، فَكَمَا لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَنَاوَلَ مَالَ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ لَا يَحِلُّ لَهُ إثْبَاتُ الْيَدِ عَلَيْهِ، وَبَعْضُ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ أَئِمَّةِ التَّابِعِينَ كَانَ يَقُولُ: يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَرْفَعَهَا وَالتَّرْكُ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهَا إنَّمَا يَطْلُبُهَا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي سَقَطَتْ مِنْهُ، فَإِذَا تَرَكَهَا وَجَدَهَا صَاحِبُهَا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وَلِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَطْمَعَ فِيهَا بَعْدَ مَا يَرْفَعُهَا فَكَانَ فِي رَفْعِهَا مُعَرِّضًا نَفْسَهُ لِلْفِتْنَةِ، وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ عُلَمَائِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - وَعَامَّةِ الْفُقَهَاءِ أَنَّ رَفْعَهَا أَفْضَلُ مِنْ تَرْكِهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَرَكَهَا لَمْ يَأْمَنْ أَنْ تَصِلَ إلَيْهَا يَدٌ خَائِنَةٌ فَيَكْتُمَهَا عَنْ مَالِكِهَا، فَإِذَا أَخَذَهَا هُوَ عَرَّفَهَا حَتَّى يُوَصِّلَهَا إلَى مَالِكِهَا، وَلِأَنَّهُ يَلْتَزِمُ الْأَمَانَةَ فِي رَفْعِهَا؛ لِأَنَّهُ يَحْفَظُهَا وَيُعَرِّفُهَا، وَالْتِزَامُ أَدَاءِ الْأَمَانَةِ يُفْرَضُ بِمَنْزِلَةِ الثَّوَابِ؛ لِأَنَّهُ يُثَابُ عَلَى أَدَاءِ مَا يَلْتَزِمُهُ مِنْ الْأَمَانَةِ، فَإِنَّهُ يَمْتَثِلُ فِيهِ الْأَمْرَ قَالَ تَعَالَى: {إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58] وَامْتِثَالُ الْأَمْرِ سَبَبٌ لِنَيْلِ الثَّوَابِ، ثُمَّ مَا يَجِدُهُ نَوْعَانِ:
(أَحَدُهُمَا) مَا يَعْلَمُ أَنَّ مَالِكَهُ لَا يَطْلُبُهُ كَقُشُورِ الرُّمَّانِ وَالنَّوَى.
(وَالثَّانِي) مَا يَعْلَمُ أَنَّ مَالِكَهُ يَطْلُبُهُ. فَالنَّوْعُ الْأَوَّلُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ وَيَنْتَفِعَ بِهِ إلَّا أَنَّ صَاحِبَهُ إذَا وَجَدَهُ فِي يَدِهِ بَعْدَ مَا جَمَعَهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ إلْقَاءَ ذَلِكَ مِنْ صَاحِبِهِ كَانَ إبَاحَةَ الِانْتِفَاعِ بِهِ لِلْوَاحِدِ وَلَمْ يَكُنْ تَمْلِيكًا مِنْ غَيْرِهِ، فَإِنَّ التَّمْلِيكَ مِنْ الْمَجْهُولِ لَا يَصِحُّ، وَمِلْكُ الْمُبِيحِ لَا يَزُولُ بِالْإِبَاحَةِ وَلَكِنْ لِلْمُبَاحِ لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ مَعَ بَقَاءِ مِلْكِ الْمُبِيحِ، فَإِذَا وَجَدَهُ فِي يَدِهِ فَقَدْ وَجَدَ عَيْنَ مِلْكِهِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ وَجَدَ عَيْنَ مَالِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» وَإِنْ وَجَدَ ذَلِكَ مُجْتَمِعًا لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمَالِكَ مَا أَلْقَاهُ بَعْدَ مَا جَمَعَهُ وَلَكِنَّهُ سَقَطَ مِنْهُ فَكَانَ هَذَا مِنْ النَّوْعِ الثَّانِي، وَرَوَى بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ أَنَّ مَنْ أَلْقَى شَاةً مَيِّتَةً لَهُ فَجَاءَ آخَرُ وَجَزَّ صُوفَهَا كَانَ لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ وَلَوْ وَجَدَهُ صَاحِبُ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 11  صفحه : 2
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست