responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 11  صفحه : 121
لِأَنَّ قَبُولَهُ الْوَدِيعَةَ يَكُونُ إذْنًا لِمَنْ فِي عِيَالِهِ بِأَنْ يَحْفَظَهَا. وَالصَّبِيُّ وَالْعَبْدُ إذَا كَانَ مَأْذُونًا فِي حِفْظِ الْوَدِيعَةِ يُؤَاخَذُ بِضَمَانِ الِاسْتِهْلَاكِ. .

(رَجُلٌ) اسْتَوْدَعَ رَجُلًا أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَدَفَعَهَا الْمُسْتَوْدَعُ إلَى آخَرَ، وَادَّعَى أَنَّ رَبَّ الْوَدِيعَةِ أَمَرَهُ بِذَلِكَ: لَمْ يُصَدَّقْ عَلَيْهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. (وَقَالَ) ابْنُ أَبِي لَيْلَى: هُوَ مُصَدَّقٌ فِي ذَلِكَ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ " عِنْدَهُ ": لِلْمُودَعِ أَنْ يُودِعَ، وَهُوَ مُنْكِرٌ لِوُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ. " فَأَمَّا عِنْدَنَا ": لَيْسَ لِلْمُودَعِ أَنْ يُودِعَ، فَدَفْعُهُ إلَى الثَّانِي سَبَبٌ لِوُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ. ثُمَّ يَدَّعِي مَا يُسْقِطُ الضَّمَانَ عَنْهُ - وَهُوَ الْإِذْنُ -؛ فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، كَمَا لَوْ أَخَذَ مَالَ إنْسَانٍ فَادَّعَى أَنَّهُ أَخَذَهُ بِإِذْنِهِ، وَلَهُ أَنْ يَسْتَحْلِفَ صَاحِبَهَا أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالدَّفْعِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِالْأَمْرِ بَرِئَ الْمُودَعُ، فَإِذَا أَنْكَرَ يُسْتَحْلَفُ؛ لِرَجَاءِ نُكُولِهِ.
فَإِنْ كَانَ رَبُّ الْوَدِيعَةِ أَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهَا إلَى رَجُلٍ، فَقَالَ: قَدْ دَفَعْتُهَا، وَقَالَ الرَّجُلُ: لَمْ أَقْبِضْهَا مِنْك، وَقَالَ رَبُّ الْوَدِيعَةِ: لَمْ تَدْفَعْهَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُودَعِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ دَعْوَاهُ الدَّفْعَ إلَى مَنْ أَمَرَ الْمَالِكُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ دَعْوَاهُ الدَّفْعَ إلَى مَالِكِهَا؛ فَيَكُونُ مُصَدَّقًا فِي بَرَاءَتِهِ عَنْ الضَّمَانِ دُونَ وُصُولِ الْمَالِ إلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ، حَتَّى لَا يَضْمَنَ ذَلِكَ الرَّجُلُ، مَا لَمْ تَقُمْ الْبَيِّنَةُ عَلَى قَبْضِهِ. .

وَإِذَا قَالَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ لِلْمُودَعِ: اخْبَأْهَا فِي بَيْتِك هَذَا، فَخَبَّأَهَا فِي بَيْتٍ آخَرَ فِي دَارِهِ تِلْكَ، فَضَاعَتْ: فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ - اسْتِحْسَانًا - وَفِي الْقِيَاسِ: هُوَ ضَامِنٌ؛ لِأَنَّهُ خَالَفَ أَمْرَهُ نَصًّا، فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ: اخْبَأْهَا فِي دَارِك هَذِهِ، فَخَبَّأَهَا فِي دَارٍ أُخْرَى؛ فَهَلَكَتْ. وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَقُولُ: إنَّمَا يُعْتَبَرُ مِنْ كَلَامِهِ مَا يَكُونُ مُفِيدًا دُونَ مَا لَا يَكُونُ مُفِيدًا.
أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ: احْفَظْهَا بِيَمِينِك دُونَ يَسَارِك، أَوْ: اُنْظُرْ إلَيْهَا بِعَيْنِك الْيُمْنَى دُونَ الْيُسْرَى، لَمْ يُعْتَبَرْ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُفِيدٍ. إذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ: الْبَيْتَانِ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ لَا يَتَفَاوَتَانِ فِي مَعْنَى الْحِرْزِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ حِرْزٌ وَاحِدٌ.
أَلَا تَرَى أَنَّ السَّارِقَ إذَا أَخْرَجَ الْمَتَاعَ مِنْ أَحَدِ الْبَيْتَيْنِ إلَى الْبَيْتِ الْآخَرِ، لَمْ يُقْطَعْ إذَا أُخِذَ قَبْلَ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ الْحِرْزِ، فَأَمَّا الدَّارَانِ يَتَفَاوَتَانِ فِي الْحِرْزِ، فَكَانَ تَقْيِيدُهُ فِي الدَّارِ مُفِيدًا؛ لِأَنَّ كُلَّ دَارٍ حِرْزٌ عَلَى حِدَةٍ.
أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهُ: لَا تَخْرُجْ بِهَا مِنْ الْكُوفَةِ، فَخَرَجَ بِهَا إلَى الْبَصْرَةِ كَانَ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ التَّقْيِيدَ فِي الْمِصْرَيْنِ مُفِيدٌ، فَإِنْ انْتَقَلَ مِنْ الْكُوفَةِ إلَى الْبَصْرَةِ، أَوْ إلَى غَيْرِهَا لِشَيْءٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْهُ بُدٌّ، فَهَلَكَتْ: فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُودَعَ إنَّمَا يَلْتَزِمُ شَرْطَ الْمُودِعِ بِحَسَبِ إمْكَانِهِ.
أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَمْسِكْهَا بِيَدِك وَلَا تَضَعْهَا لَيْلًا وَلَا نَهَارًا، فَوَضَعَهَا فِي بَيْتِهِ؛ فَهَلَكَتْ: لَمْ يَضْمَنْهَا،؛ لِأَنَّ مَا شَرَطَ عَلَيْهِ لَيْسَ فِي وُسْعِهِ - بِاعْتِبَارِ الْعَادَةِ - فَكَذَلِكَ يَسْقُطُ اعْتِبَارُ شَرْطِهِ.

إذَا لَمْ يَجِدْ بُدًّا مِنْ الِانْتِقَالِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 11  صفحه : 121
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست