responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 10  صفحه : 32
بِالْفَسَادِ يَا أَبَا الْقَاسِمِ فَمَا بَالُ النَّخِيلِ تُقْطَعُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا} [الحشر: 5]» الْآيَةُ وَاللِّينَةُ النَّخْلَةُ الْكَرِيمَةُ فِيمَا ذَكَرَهُ الْمُفَسِّرُونَ «وَأَمَرَ بِقَطْعِ النَّخِيلِ بِخَيْبَرَ حَتَّى أَتَاهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَالَ: أَلَيْسَ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَعَدَ لَك خَيْبَرَ فَقَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ: إذًا تَقْطَعُ نَخِيلَك وَنَخِيلَ أَصْحَابِك فَأَمَرَ بِالْكَفِّ عَنْ ذَلِكَ» «وَلَمَّا حَاصَرَ ثَقِيفًا أَمَرَ بِقَطْعِ النَّخِيلِ وَالْكُرُومِ حَتَّى شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَجَعَلُوا يَقُولُونَ الْحُبْلَةُ لَا تَحْمِلُ إلَّا بَعْدَ عِشْرِينَ سَنَةً فَلَا عَيْشَ بَعْدَ هَذَا» فَفِي هَذَا بَيَانُ أَنَّهُمْ يُذَلُّونَ بِذَلِكَ وَأَنَّ فِيهِ كَبْتًا وَغَيْظًا لَهُمْ وَقَدْ أُمِرْنَا بِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ} [التوبة: 120] «وَلَمَّا مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَوْطَاسٍ يُرِيدُ الطَّائِفَ بَدَا لَهُ قَصْرُ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ النَّضْرِيِّ فَأَمَرَ بِأَنْ يُحَرَّقَ» وَفِيهِ يَقُولُ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
وَهَانَ عَلَى سَرَاةِ بَنِي لُؤَيٍّ ... حَرِيقٌ بِالْبُوَيْرَةِ مُسْتَطِيرٌ
فَهَذِهِ الْآثَارُ تَدُلُّ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ كُلِّهِ وَكَانَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: هَذَا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ الْحِصْنِ أَسِيرٌ مُسْلِمٌ فَأَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ فَلَا يَحِلُّ التَّحْرِيقُ وَالتَّغْرِيقُ لِأَنَّ التَّحَرُّزَ عَنْ قَتْلِ الْمُسْلِمِ فَرْضٌ وَتَحْرِيقُ حُصُونِهِمْ مُبَاحٌ وَالْأَخْذُ بِمَا هُوَ الْفَرْضُ أَوْلَى وَلَكِنَّا نَقُولُ: لَوْ مَنَعْنَاهُمْ مِنْ ذَلِكَ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِمْ قِتَالُ الْمُشْرِكِينَ وَالظُّهُورُ عَلَيْهِمْ وَالْحُصُونُ قَلَّمَا تَخْلُو عَنْ أَسِيرٍ وَكَمَا لَا يَحِلُّ قَتْلُ الْأَسِيرِ لَا يَحِلُّ قَتْلُ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ ثُمَّ لَا يَمْتَنِعُ تَحْرِيقُ حُصُونِهِمْ بِكَوْنِ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ فِيهَا فَكَذَلِكَ لَا يَمْتَنِعُ ذَلِكَ بِكَوْنِ الْأَسِيرِ فِيهَا وَلَكِنَّهُمْ يَقْصِدُونَ الْمُشْرِكِينَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ لَوْ قَدَرُوا عَلَى التَّمْيِيزِ فِعْلًا لَزِمَهُمْ ذَلِكَ فَكَذَلِكَ إذَا قَدَرُوا عَلَى التَّمْيِيزِ بِالنِّيَّةِ يَلْزَمُهُمْ ذَلِكَ.

وَلَا تُقَسَّمُ الْغَنِيمَةُ فِي دَارِ الْحَرْبِ حَتَّى يُخْرِجُوهَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَيُحْرِزُوهَا عِنْدَنَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَا بَأْسَ بِقِسْمَتِهَا فِي دَارِ الْحَرْبِ بَعْدَ مَا تَمَّ انْهِزَامِ الْمُشْرِكِينَ وَهُوَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ عِنْدَهُ يَثْبُتُ بِنَفْسِ الْإِصَابَةِ لِأَنَّهُ مَالٌ مُبَاحٌ فَيُمْلَكُ بِنَفْسِ الْأَخْذِ وَيَجُوزُ قِسْمَتُهُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ كَالصَّيْدِ وَهَذَا لِأَنَّ سَبَبَ الْمِلْكِ الْأَخْذُ وَذَلِكَ مَحْسُوسٌ يَتِمُّ بِنَفْسِهِ وَقِيَامُ مُنَازَعَةِ الْمُشْرِكِينَ لِكَوْنِ الْغُزَاةِ فِي دَارِهِمْ لَا يَمْنَعُ تَقَرُّرَ مِلْكِهِمْ لِقِيَامِ مُنَازَعَتِهِمْ فِي ثِيَابِ الْغُزَاةِ وَدَوَابِّهِمْ فَإِنَّهُمْ لَوْ تَمَكَّنُوا مِنْ الْكَرِّ عَلَيْهِمْ أَخَذُوا جَمِيعَ ذَلِكَ وَهَذَا لِأَنَّ تَوَهُّمَ الْكَرَّةِ عَلَيْهِمْ سَبَبٌ يُعَارِضُ الِاسْتِيلَاءَ بِالنَّقْضِ وَالْأَمْنُ عَمَّا يَنْقُضُ سَبَبَ الْمِلْكِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِوُقُوعِ الْمِلْكِ كَالْمِلْكِ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ.
أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْقِتَالُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ صَيَّرَ الْإِمَامُ الْبُقْعَةَ دَارَ إسْلَامٍ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُقَسِّمَ فِيهَا وَهَذَا التَّوَهُّمُ بَاقٍ وَلِأَنَّهُمْ إنْ كَرُّوا

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 10  صفحه : 32
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست