responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 10  صفحه : 219
يَجِبُ الْقِصَاصُ لِأَنَّا نَعْلَمُ أَنَّهُ لَا وَلِيَّ لَهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَالطَّرِيقُ الْآخَرُ أَنَّ الْقِصَاصَ عُقُوبَةٌ مَشْرُوعَةٌ لِيَشْفِيَ الْغَيْظَ وَدَرْكِ الثَّأْرِ، وَهَذَا الْمَقْصُودُ يَحْصُلُ لِلْأَوْلِيَاءِ، وَلَا يَحْصُلُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَالْإِمَامُ نَائِبٌ عَنْ الْمُسْلِمِينَ فِي اسْتِيفَاءِ مَا هُوَ حَقٌّ لَهُمْ، وَحَقُّهُمْ فِيمَا يَنْفَعُهُمْ، وَهُوَ الدِّيَةُ لِأَنَّهُ مَالٌ مَصْرُوفٌ إلَى مَصَالِحِهِمْ فَلِهَذَا أَوْجَبْنَا الدِّيَةَ دُونَ الْقِصَاصِ.
وَعَلَى هَذَا الطَّرِيقِ الَّذِي أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْحَرْبِ، وَاللَّقِيطُ سَوَاءٌ، وَحُجَّةُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى الْعُمُومَاتُ الْمُوجِبَةُ لِلْقَوَدِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاصُ} [البقرة: 178]، وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْعَمْدُ قَوَدٌ»، وَلِأَنَّ مَنْ لَا يُعْرَفُ لَهُ وَلِيٌّ فَالْإِمَامُ وَلِيُّهُ كَمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «السُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ»، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ السُّلْطَانَ هُوَ الْوَلِيُّ تَمَكَّنَ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} [الإسراء: 33]، وَالْمُرَادُ سُلْطَانُ اسْتِيفَاءِ الْقَوَدِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ عَقَّبَهُ بِالنَّهْيِ عَنْ الْإِسْرَافِ فِي الْقَتْلِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ} [الإسراء: 33]، وَهَذَا يَتَّضِحُ فِي الَّذِي أَسْلَمَ، وَكَذَلِكَ فِي اللَّقِيطِ لِأَنَّ مَا لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ فِي حُكْمِ الْمَعْدُومِ وَلِأَنَّ وَلِيَّهُ لَمَّا كَانَ عَاجِزًا عَنْ الِاسْتِيفَاءِ نَابَ الْإِمَامُ مَنَابَهُ فِي ذَلِكَ وَلَيْسَ هُنَا شُبْهَةُ عَفْوٍ لِأَنَّ ذَلِكَ الْوَلِيَّ غَيْرُ مَعْلُومٍ حَتَّى يُتَوَهَّمَ الْعَفْوُ مِنْهُ، وَحَدِيثُ الْهُرْمُزَانِ حُجَّةٌ لَهُمَا أَيْضًا فَإِنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - لَمَّا قَتَلَهُ بِتُهْمَةِ دَمِ أَبِيهِ، وَاسْتَقَرَّ الْأَمْرُ عَلَى عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - طَلَبَ مِنْهُ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنْ يَقْتَصَّ مِنْهُ فَقَالَ عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - هَذَا رَجُلٌ قُتِلَ أَبُوهُ بِالْأَمْسِ فَأَنَا أَسْتَحْيِي أَنْ أَقْتُلَهُ الْيَوْمَ، وَإِنَّ الْهُرْمُزَانَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ، وَأَنَا وَلِيُّهُ أَعْفُو عَنْهُ، وَأُؤَدِّي الدِّيَةَ فَقَدْ اتَّفَقَا عَلَى وُجُوبِ الْقِصَاصِ ثُمَّ الْقِصَاصُ مَشْرُوعٌ لِحِكْمَةِ الْحَيَاةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: 179] الْآيَةَ، وَذَلِكَ بِطَرِيقِ الزَّجْرِ حَتَّى ضُرَّ إذَا تَفَكَّرَ فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ مَتَى قَتَلَ غَيْرَهُ قُتِلَ بِهِ انْزَجَرَ عَنْ قَتْلِهِ فَيَكُونُ حَيَاةً لَهُمَا جَمِيعًا وَلِهَذَا قِيلَ الْقَتْلُ أَنْفَى لِلْقَتْلِ، وَهَذَا الْمَعْنَى مُتَحَقِّقٌ فِي اللَّقِيطِ، وَاَلَّذِي أَسْلَمَ كَتَحَقُّقِهِ فِي غَيْرِهِمَا فَكَانَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْقِصَاصَ إنْ شَاءَ وَإِنْ شَاءَ صَالَحَ عَلَى الدِّيَةِ لِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ وَلَهُ أَنْ يَمِيلَ بِاجْتِهَادِهِ إلَى الْمُطَالَبَةِ بِالدِّيَةِ وَلِأَنَّهُ نَاظِرٌ لِلْمُسْلِمِينَ فَرُبَّمَا يَكُونُ اسْتِيفَاءُ الدِّيَةِ أَنْفَعَ لِلْمُسْلِمِينَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْفُوَ بِغَيْرِ مَالٍ لِأَنَّهُ نُصِّبَ لِاسْتِيفَاءِ حَقِّ الْمُسْلِمِينَ لَا لِإِبْطَالِهِ.

[قَاذِفُ اللَّقِيطِ]
وَيُحَدُّ قَاذِفُ اللَّقِيطِ فِي نَفْسِهِ وَلَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ فِي أُمِّهِ لِأَنَّهُ مُحْصَنٌ فَإِنَّهُ عَفِيفٌ عَنْ الزِّنَا أَوَّلًا مُعْتَبَرٌ بِالنَّسَبِ فِي إحْصَانِ الْقَذْفِ فَيُحَدُّ قَاذِفُهُ فِي نَفْسِهِ فَأَمَّا أُمُّهُ لَيْسَتْ بِمُحْصَنَةٍ بَلْ هِيَ فِي صُورَةِ الزَّانِيَاتِ لِأَنَّ لَهَا وَلَدٌ لَا يُعْرَفُ لَهُ وَالِدٌ فَلِهَذَا لَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ فِي أُمِّهِ، وَفِي حَدِّ الْقَذْفِ

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 10  صفحه : 219
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست