responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 1  صفحه : 108
وَنَفَضَهُمَا ثُمَّ مَسَحَ بِكُلِّ كَفٍّ ظَهْرَ ذِرَاعِ الْأُخْرَى وَبَاطِنَهَا إلَى الْمِرْفَقَيْنِ، وَفِي قَوْلِهِ أَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ قَبْلَ الْوَضْعِ عَلَى الْأَرْضِ أَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ لِيَنْظُرَ هَلْ الْتَصَقَ بِكَفِّهِ شَيْءٌ يَصِيرُ حَائِلًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّعِيدِ.
وَالثَّانِي: أَقْبَلَ بِهِمَا عَلَى الصَّعِيدِ وَأَدْبَرَ بِهِمَا وَهَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ.

قَالَ (وَإِنْ كَانَ مَعَ رَفِيقٍ لَهُ مَاءٌ فَطَلَبَ مِنْهُ فَلَمْ يُعْطِهِ فَتَيَمَّمَ وَصَلَّى أَجْزَأَهُ)؛ لِأَنَّهُ عَادِمٌ لِلْمَاءِ حِينَ مَنَعَهُ صَاحِبُ الْمَاءِ وَهُوَ شَرْطُ التَّيَمُّمِ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ مِنْهُ حَتَّى تَيَمَّمَ وَصَلَّى لَمْ يُجْزِهِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ مَبْذُولٌ فِي النَّاسِ عَادَةً خُصُوصًا لِلطَّهَارَةِ فَلَا يَصِيرُ عَادِمًا لِلْمَاءِ إلَّا بِمَنْعِ صَاحِبِهِ فَلَا يَظْهَرُ ذَلِكَ إلَّا بِطَلَبِهِ فَإِذَا لَمْ يَطْلُبْ لَا يُجْزِئُهُ فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَ أَحَدٍ مِنْ الرُّفْقَةِ مَاءٌ وَتَيَمَّمَ وَصَلَّى جَازَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ الْمَاءَ عِنْدَنَا. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا بُدَّ مِنْ طَلَبِ الْمَاءِ أَوَّلًا يَمْنَةً وَيَسْرَةً فَيَهْبِطُ وَادِيًا وَيَعْلُو شَرَفًا إنْ كَانَ ثَمَّةَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43] وَذَلِكَ لَا يَتَبَيَّنُ إلَّا بِطَلَبِهِ وَلَكِنَّا نَقُولُ الطَّلَبُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ إذَا كَانَ عَلَى طَمَعٍ مِنْ الْوُجُودِ، فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى طَمَعٍ مِنْهُ فَلَا فَائِدَةَ فِي الطَّلَبِ وَقَدْ يَلْحَقُهُ الْحَرَجُ فَرُبَّمَا يَنْقَطِعُ عَنْ أَصْحَابِهِ وَمَا شُرِعَ التَّيَمُّمُ إلَّا لِدَفْعِ الْحَرَجِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ} [المائدة: 6].

قَالَ (وَكُلُّ شَيْءٍ مِنْ الْأَرْضِ تَيَمَّمَ بِهِ مِنْ تُرَابٍ أَوْ جِصٍّ أَوْ نُورَةٍ أَوْ زِرْنِيخٍ فَهُوَ جَائِزٌ) فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَكَانَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ أَوَّلًا لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ إلَّا بِالتُّرَابِ وَالرَّمْلِ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: لَا يُجْزِئُهُ إلَّا بِالتُّرَابِ الْخَالِصِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: الصَّعِيدُ هُوَ التُّرَابُ الْخَالِصُ وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «التُّرَابُ طَهُورُ الْمُسْلِمِ وَالْجِصُّ وَالنُّورَةُ لَيْسَا بِتُرَابِ» فَلَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِهِمَا وَمَا سِوَى التُّرَابِ مَعَ التُّرَابِ بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ الْمَائِعَاتِ مَعَ الْمَاءِ فِي الْوُضُوءِ فَكَمَا يَخْتَصُّ الْوُضُوءُ بِالْمَاءِ دُونَ سَائِرِ الْمَائِعَاتِ فَكَذَلِكَ التَّيَمُّمُ وَفِيهِ إظْهَارُ كَرَامَةٍ الْآدَمِيِّ فَإِنَّهُ مَخْلُوقٌ مِنْ التُّرَابِ وَالْمَاءِ فَخُصَّا بِكَوْنِهِمَا طَهُورًا لِهَذَا. وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى اسْتَدَلَّا بِالْآيَةِ فَإِنَّ الصَّعِيدَ هُوَ الْأَرْضُ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يُحْشَرُ الْعُلَمَاءُ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ كَأَنَّهَا سَبِيكَةُ فِضَّةٍ فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى يَا مَعْشَرَ الْعُلَمَاءِ إنِّي لَمْ أَضَعْ عِلْمِي فِيكُمْ إلَّا لِعِلْمِي بِكُمْ إنِّي لَمْ أَضَعْ حِكْمَتِي فِيكُمْ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُعَذِّبَكُمْ انْطَلِقُوا مَغْفُورًا» لَكُمْ فَدَلَّ أَنَّ الصَّعِيدَ هُوَ الْأَرْضُ وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» ثُمَّ مَا سِوَى التُّرَابِ مِنْ الْأَرْضِ أُسْوَةُ التُّرَابِ فِي كَوْنِهِ مَكَانَ الصَّلَاةِ فَكَذَلِكَ فِي كَوْنِهِ طَهُورًا

نام کتاب : المبسوط نویسنده : السرخسي    جلد : 1  صفحه : 108
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست