responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : العناية شرح الهداية نویسنده : البابرتي    جلد : 1  صفحه : 73
بِالطَّبْخِ بَعْدَمَا خُلِطَ بِهِ غَيْرُهُ لَا يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ فِي مَعْنَى الْمُنَزَّلِ مِنْ السَّمَاءِ إذْ النَّارُ غَيَّرَتْهُ إلَّا إذَا طُبِخَ فِيهِ مَا يُقْصَدُ بِهِ الْمُبَالَغَةُ فِي النَّظَافَةِ كَالْأُشْنَانِ وَنَحْوِهِ، لِأَنَّ الْمَيِّتَ قَدْ يُغْسَلُ بِالْمَاءِ الَّذِي أُغْلِيَ بِالسِّدْرِ، بِذَلِكَ وَرَدَتْ السُّنَّةُ، إلَّا أَنْ يَغْلِبَ ذَلِكَ عَلَى الْمَاءِ فَيَصِيرَ كَالسَّوِيقِ الْمَخْلُوطِ لِزَوَالِ اسْمِ الْمَاءِ عَنْهُ.
(وَكُلُّ مَاءٍ وَقَعَتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ لَمْ يَجُزْ الْوُضُوءُ بِهِ قَلِيلًا كَانَتْ النَّجَاسَةُ أَوْ كَثِيرًا)
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَإِنْ كَانَ الثَّانِي كَاللَّبَنِ وَالزَّعْفَرَانِ وَالْعُصْفُرِ فَالْعِبْرَةُ لِلَّوْنِ، فَإِنْ غَلَبَ لَوْنُ الْمَاءِ جَازَ الْوُضُوءُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَغْلِبْ لَمْ يَجُزْ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ كَمَاءِ الْبِطِّيخِ وَالْأَشْجَارِ فَالْعِبْرَةُ لِلطَّعْمِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ طَعْمٌ فَالْعِبْرَةُ لِكَثْرَةِ الْأَجْزَاءِ، وَإِنَّمَا كَانَ الْأَوَّلُ صَحِيحًا؛ لِأَنَّ الْغَلَبَةَ بِالْأَجْزَاءِ غَلَبَةٌ حَقِيقِيَّةٌ، إذْ وُجُودُ الشَّيْءِ الْمُرَكَّبِ بِأَجْزَائِهِ فَكَانَ اعْتِبَارُهَا أَوْلَى.
وَقَوْلُهُ: (بَعْدَمَا خُلِطَ بِهِ غَيْرُهُ) إنَّمَا قُيِّدَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ إذَا طُبِخَ وَحْدَهُ وَتَغَيَّرَ جَازَ الْوُضُوءُ بِهِ. وَقَوْلُهُ: (إلَّا إذَا طُبِخَ فِيهِ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ لَا يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِهِ، وَإِنَّمَا جَازَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ وَرَدَتْ بِهِ فِي غُسْلِ الْمَوْتَى بِالْمَاءِ الَّذِي أُغْلِيَ بِالسِّدْرِ إلَّا إذَا صَارَ غَلِيظًا بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ تَسْيِيلُهُ عَلَى الْعُضْوِ لِزَوَالِ اسْمِ الْمَاءِ عَنْهُ.
قَالَ (وَكُلُّ مَاءٍ وَقَعَتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ لَمْ يَجُزْ الْوُضُوءُ بِهِ) أَرَادَ بِالْمَاءِ مَا لَا يَكُونُ جَارِيًا وَلَا فِي حُكْمِهِ وَهُوَ الْغَدِيرُ الْعَظِيمُ لِذِكْرِهِ هَذَا بَعْدَ هَذَا، وَقَدْ وَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْهِدَايَةِ: قَلِيلًا كَانَتْ النَّجَاسَةُ أَوْ كَثِيرًا، وَفِي بَعْضِهَا قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا، وَهُوَ لَفْظُ الْمُخْتَصَرِ.
وَتَوْجِيهُ الْأُولَى أَنْ يُقَالَ شَبَّهَ فَعِيلًا بِمَعْنَى فَاعِلٍ بِفَعِيلٍ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ فِي حَذْفِ عَلَامَةِ التَّأْنِيثِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: 56] وَفِي قَوْلِهِ (قَلِيلًا) احْتِرَازٌ عَنْ قَوْلِ مَالِكٍ فَإِنَّهُ لَا يَتَنَجَّسُ الْمَاءُ عِنْدَهُ إذْ لَمْ يُرَ لَهَا أَثَرٌ. وَقَوْلُهُ: (كَثِيرًا) مُسْتَدْرَكٌ؛ لِأَنَّ قَلِيلَ النَّجَاسَةِ إذَا كَانَ مَانِعًا فَالْكَثِيرُ أَوْلَى. وَتَوْجِيهُ الثَّانِيَةِ الْمَاءُ الرَّاكِدُ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا إذَا وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ لَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ، وَالْقَلِيلُ مَا يَكْفِي الْوُضُوءَ وَالْغُسْلَ كَذَا قِيلَ. وَقَوْلُهُ: قَلِيلًا احْتِزَازٌ عَنْ قَوْلِ مَالِكٍ، وَقَوْلُهُ: كَثِيرًا احْتِرَازٌ عَنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ، فَإِنَّ مَالِكًا يُجَوِّزُ الْوُضُوءَ بِالْقَلِيلِ وَإِنْ وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ أَحَدُ أَوْصَافِهِ، وَيَسْتَدِلُّ بِمَا رَوَيْنَا مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْمَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ، إلَّا مَا غَيَّرَ لَوْنَهُ أَوْ طَعْمَهُ» الْحَدِيثَ. وَالشَّافِعِيُّ يُجَوِّزُهُ إذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ خَبَثًا» وَاضْطَرَبَتْ أَقْوَالُهُمْ فِي مِقْدَارِ الْقُلَّتَيْنِ، فَقِيلَ الْقُلَّتَانِ خَمْسُ قِرَبٍ كُلُّ قِرْبَةٍ خَمْسُونَ مَنًّا، وَقِيلَ ثَلَثُمِائَةِ مَنٍّ تَقْرِيبًا

نام کتاب : العناية شرح الهداية نویسنده : البابرتي    جلد : 1  صفحه : 73
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست