responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 8  صفحه : 572
عَلَى هَذِهِ الْأَنْكِحَةِ إذَا أَسْلَمُوا، وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي النِّكَاحِ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْكَافِرَ الْحَرْبِيَّ لَا يَرِثُ الذِّمِّيَّ سَوَاءٌ كَانَ الْحَرْبِيُّ مُسْتَأْمَنًا فِي دَارِنَا أَوْ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَأَهْلُ الذِّمَّةِ يَرِثُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ صُورَةُ مِلَلِهِمْ عِنْدَ عَامَّةِ الصَّحَابَةِ؛ لِأَنَّ الْكُفْرَ كُلَّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ فَجَعَلُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِلَّةً وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ يُوَرِّثُونَ أَهْلَ الْحَرْبِ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ إذَا كَانُوا مِنْ أَهْلِ دَارٍ وَاحِدَةٍ.
وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الدَّارَانِ لَمْ يُوَرِّثُوا وَتَفْسِيرُ اخْتِلَافِ الدَّارَيْنِ أَنْ يَكُونَا مِلْكَيْنِ فِي مَوْضِعَيْنِ وَيَرَى كُلُّ وَاحِدٍ قَتْلَ الْآخَرِ، وَإِنْ اتَّفَقَتْ الْمِلَلُ وَهَذَا بِخِلَافِنَا فَإِنَّ أَهْلَ الْعَدْلِ مَعَ أَهْلِ الْبَغْيِ يَتَوَارَثُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ؛ لِأَنَّ دَارَ الْإِسْلَامِ دَارُ الْأَحْكَامِ فَبِاخْتِلَافِ الْمِلْكِ وَالْمَنْفَعَةِ لَا تَتَغَيَّرُ الدَّارُ فِيمَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّ أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ تَجْمَعُهُمْ، وَأَمَّا دَارُ الْحَرْبِ فَلَيْسَتْ بِدَارِ الْأَحْكَامِ بَلْ هِيَ دَارُ قَهْرٍ وَبِاخْتِلَافِ الْمِلَلِ تَخْتَلِفُ الدَّارُ بَيْنَهُمْ، وَاخْتِلَافُ الدَّارَيْنِ يَقْطَعُ التَّوَارُثَ وَكَذَلِكَ إذَا خَرَجُوا إلَيْنَا بِأَمَانٍ يَعْنِي أَهْلَ الدَّارَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ بَيْنَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، وَإِنْ كَانُوا مُسْتَأْمَنِينَ فَيُجْعَلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي الْحُكْمِ كَأَنَّهُ فِي الْبُقْعَةِ الَّتِي خَرَجَ مِنْهَا بِأَمَانٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا صَارُوا ذِمَّةً لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ يَتَوَارَثُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا لَوْ أَسْلَمُوا فَإِنَّهُ يَجْرِي التَّوَارُثُ بَعْدَمَا مَاتَ بَيْنَهُمْ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مَنْعَتُهُمْ فِي حَالَةِ الْكُفْرِ جِئْنَا إلَى الْمَسَائِلِ ذِمِّيٌّ مَاتَ وَخَلَّفَ وَرَثَةً فِي دَارِ الْحَرْبِ فَمَالُهُ فَيْءٌ سَوَاءٌ كَانَتْ الْوَرَثَةُ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ مُعَاهَدِينَ، وَلَوْ مَاتَ الْيَهُودِيُّ وَتَرَكَ ابْنًا يَهُودِيًّا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ يُؤَدِّي الْجِزْيَةَ وَابْنًا لَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَالْمَالُ كُلُّهُ لِلِابْنِ الْيَهُودِيِّ الَّذِي يُؤَدِّي الْجِزْيَةَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَلَوْ مَاتَ يَهُودِيٌّ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ وَهُوَ مُسْتَأْمَنٌ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَتَرَكَ ابْنًا مُسْتَأْمَنًا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَابْنًا ذِمِّيًّا وَابْنًا حَرْبِيًّا وَابْنًا مُسْلِمًا فَالْمَالُ عَلَى قَوْلِ أَهْلِ الْعِرَاقِ بَيْنَ الِابْنِ الْمُعَاهَدِ وَالْحَرْبِيِّ؛ لِأَنَّ الْمُعَاهَدَ بِمَنْزِلَةِ الْحَرْبِيِّ عِنْدَهُمْ فَيَرِثُ مِنْهُ الْحَرْبِيُّ وَمَنْ هُوَ مِثْلُهُ وَهُوَ الْمُعَاهَدُ.
وَلَوْ مَاتَ يَهُودِيٌّ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَخَلَّفَ ابْنًا يَهُودِيًّا وَابْنًا نَصْرَانِيًّا فَعَلَى قَوْلِ مَنْ يُوَرِّثُ أَهْلَ الذِّمَّةِ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ صُوَرُ مِلَلِهِمْ الْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ بِأَنَّ الْيَهُودَ مِلَّةٌ وَالنَّصَارَى مِلَّةٌ الْمَالُ لِلِابْنِ الْيَهُودِيِّ، وَأَمَّا مِيرَاثُ الْمَجُوسِ فِيمَا بَيْنَهُمْ يُبْنَى عَلَى أُصُولٍ ثَلَاثَةٍ أَحَدُهَا أَنَّهُمْ لَا يَتَوَارَثُونَ بِالْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَإِنَّمَا يَتَوَارَثُونَ بِالْأَنْكِحَةِ الصَّحِيحَةِ، وَالْفَاصِلُ أَنَّ كُلَّ نِكَاحٍ لَوْ أَسْلَمَا تُرِكَا عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ نِكَاحٌ صَحِيحٌ، وَلَوْ أَسْلَمَا لَمْ يُتْرَكَا فَهُوَ نِكَاحٌ فَاسِدٌ وَالثَّانِي أَنَّ النَّسَبَ فِيمَا بَيْنَهُمْ يَثْبُتُ بِالْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ وَيَتَوَارَثُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ بِذَلِكَ النَّسَبِ، وَإِنْ كَانُوا لَا يَتَوَارَثُونَ بِذَلِكَ النِّكَاحِ الثَّالِثُ أَنَّ كُلَّ مَنْ يُدْلِي إلَى الْمَيِّتِ بِسَبَبَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ فَإِنَّهُ يَرِثُ بِجَمِيعِ ذَلِكَ إلَّا إذَا كَانَ أَحَدُ السَّبَبَيْنِ يَحْجُبُ الْآخَرَ فَحِينَئِذٍ يَرِثُ بِالْحَاجِبِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا، وَلَوْ تَزَوَّجَ بِأُمِّهِ أَوْ بِابْنَتِهِ أَوْ بِأُخْتِهِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا لَا يَرِثُ الْآخَرُ وَهَذَا الْجَوَابُ عَلَى أَصْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ نِكَاحَ الْمَحَارِمِ فِيمَا بَيْنَهُمْ فَاسِدٌ عِنْدَنَا، وَإِنْ كَانُوا يَدِينُونَ جَوَازَهُ؛ وَلِهَذَا قَالَا: إذَا طَلَبَتْ النَّفَقَةَ مِنْ الْقَاضِي فَالْقَاضِي لَا يَفْرِضُ النَّفَقَةَ وَإِذَا دَخَلَ بِهَا سَقَطَ إحْصَانُهُ حَتَّى لَا يُحَدَّ قَاذِفُهُ لَوْ قَذَفَهُ إنْسَانٌ بَعْدَمَا أَسْلَمَ، وَلَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا التَّفْرِيقَ فَالْقَاضِي يُفَرِّقُ وَذَلِكَ لَا يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى مَا هُوَ مُخْتَارُ مَشَايِخِ الْعِرَاقِ، وَإِنْ كَانَ نِكَاحُ الْمَحَارِمِ فَاسِدًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَاسْتَدَلُّوا لِذَلِكَ بِفَصْلِ عَدَمِ حِرْمَانِ الْإِرْثِ بَيْنَهُمَا.
وَإِنَّمَا يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِ مَشَايِخِ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ بِأَنَّ نِكَاحَ الْمَحَارِمِ فِيمَا بَيْنَهُمْ جَائِزٌ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَيَقُولُونَ: لَوْ لَمْ يَكُنْ النِّكَاحُ جَائِزًا عِنْدَهُ لَمَا فَرَضَ لَهَا النَّفَقَةَ وَيَسْتَدِلُّونَ أَيْضًا بِمَا لَوْ دَخَلَ بِهَا بَعْدَ النِّكَاحِ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ إحْصَانُهُ عِنْدَهُ وَالْعُذْرُ لِمَشَايِخِ الْعِرَاقِ فِي فَصْلِ النَّفَقَةِ أَنَّ النَّفَقَةَ كَمَا تُحْجَبُ بِسَبَبِ النِّكَاحِ فَتُحْجَبُ بِسَبَبِ الِاحْتِبَاسِ فَإِنَّ ثَمَّةَ لَمْ يَكُنْ نِكَاحٌ، وَإِنْ كَانَ نِكَاحٌ فَاسِدًا يُؤْخَذُ النَّفَقَةُ بِسَبَبِ الِاحْتِبَاسِ لَا بِسَبَبِ النِّكَاحِ وَبَقَاءُ الِاحْتِبَاسِ بَعْدَ الدُّخُولِ لَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ النِّكَاحِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا مَحَالَةَ، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَدَخَلَ بِهَا وَكَانَ نَظَرَ إلَى فَرْجِ أُمِّهَا أَوْ ابْنَتِهَا بِشَهْوَةٍ أَنَّ إحْصَانَهُ لَا يَسْقُطُ، وَإِنْ كَانَ نِكَاحًا فَاسِدًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْعُذْرُ لِمَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - عَنْ فَصْلِ الْإِرْثِ فَإِنَّهُ لَا يَجْرِي الْإِرْثُ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَإِنْ كَانُوا يَدِينُونَ جَوَازَ النِّكَاحِ وَاعْتَبَرَ دِيَانَتَهُمْ فِي حَقِّ جَوَازِ النِّكَاحِ فِي حَقِّ الْإِرْثِ فِيمَا بَيْنَ الْمَحَارِمِ أَنْ يَقُولَ: إنَّ دِيَانَتَهُمْ إنَّمَا تُعْتَبَرُ بِجَوَازِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ جَوَازَ نِكَاحِ الْمَحَارِمِ قَدْ كَانَ فِي شَرِيعَةِ آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَفِي الذَّخِيرَةِ، ثُمَّ فَرَّقُوا بَيْنَ نِكَاحِ الْمَحَارِمِ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ النَّسَبِ الثَّابِتِ فِي هَذَا النِّكَاحِ فَقَالُوا: إذَا تَزَوَّجَ الْمَجُوسِيُّ

نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 8  صفحه : 572
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست