responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 8  صفحه : 493
الْبَعْضُ عَلَى الْبَعْضِ إلَّا بِالْعِتْقِ الْمُوَقَّعِ فِي الْمَرَضِ، وَالْعِتْقُ الْمُعَلَّقُ بِمَوْتِ الْمُوصِي كَالتَّدْبِيرِ الصَّحِيحِ سَوَاءٌ كَانَ مُطْلَقًا أَوْ مُقَيَّدًا، وَالْمُحَابَاةُ فِي الْمَرَضِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ إذَا مِتّ فَهُوَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِيَوْمٍ، وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ كُلَّ مَا يَكُونُ مُنَفَّذًا عَقِيبَ الْمَوْتِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى التَّقْيِيدِ فَهُوَ فِي الْمَعْنَى أَسْبَقُ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَى تَقْيِيدٍ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالتَّرْجِيحُ يَقَعُ بِالسَّبْقِ لِأَنَّ مَا يَنْفُذُ بَعْدَ الْمَوْتِ مِنْ غَيْرِ تَنْفِيذٍ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الدِّيوَانِ فَإِنَّ صَاحِبَ الدَّيْنِ يَنْفَرِدُ بِاسْتِيفَاءِ دَيْنِهِ إذَا ظَفِرَ بِجِنْسِ حَقِّهِ.
وَفِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ يَصِيرُ مُسْتَوْفِيًا بِنَفْسِ الْمَوْتِ، وَالدَّيْنُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَصِيَّةِ فَكَذَا الْحَقُّ الَّذِي فِي مَعْنَاهُ وَغَيْرُهَا مِنْ الْوَصَايَا قَدْ تَسَاوَتْ فِي السَّبَبِ، وَالتَّسَاوِي فِيهِ يُوجِبُ التَّسَاوِيَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَهُمَا يَقُولَانِ إنَّ الْعِتْقَ أَقْوَى لِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ الْفَسْخُ وَالْمُحَابَاةُ يَلْحَقُهَا الْفَسْخُ وَلَا مُعْتَبَرَ بِالتَّقَدُّمِ فِي الذِّكْرِ لِأَنَّهُ لَا يُوجِبُ التَّقْدِيمَ إلَّا إذَا اتَّحَدَ الْمُسْتَحَقُّ، وَاسْتَوَتْ الْحُقُوقُ عَلَى مَا يَجِيءُ بَيَانُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ أَنَّ الْمُحَابَاةَ أَقْوَى لِأَنَّهَا تَثْبُتُ فِي ضِمْنِ عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ فَكَانَ تَبَرُّعًا بِمَعْنَاهَا لَا بِصِفَتِهَا حَتَّى يَأْخُذَهُ الشَّفِيعُ، وَيَمْلِكَهُ الْعَبْدُ وَالصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ لَهُمَا، وَالْإِعْتَاقُ تَبَرُّعٌ صِيغَةً وَمَعْنًى فَإِذَا وُجِدَتْ الْمُحَابَاةُ أَوَّلًا دَفَعْت الْأَضْعَفَ، وَإِذَا وُجِدَ الْعِتْقُ أَوَّلًا، وَثَبَتَ، وَهُوَ لَا يَحْتَمِلُ الدَّفْعَ كَانَ مِنْ ضَرُورَاتِهِ الْمُزَاحَمَةُ، وَعَلَى هَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إذَا حَابَى ثُمَّ أَعْتَقَ يُقْسَمُ الثُّلُثُ بَيْنَ الْمُحَابَتَيْنِ نِصْفَيْنِ ثُمَّ مَا أَصَابَ الْمُحَابَاةَ الْأَخِيرَةَ قُسِمَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْعِتْقِ لِأَنَّ الْعِتْقَ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِمَا فَيَسْتَوِيَانِ، وَلَوْ أَعْتَقَ ثُمَّ حَابَى ثُمَّ أَعْتَقَ قُسِمَ الثُّلُثُ بَيْنَ الْعِتْقِ الْأَوَّلِ وَبَيْنَ الْمُحَابَاةِ وَمَا أَصَابَ الْعِتْقَ قُسِمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعِتْقِ الثَّانِي وَلَا يُقَالُ إنَّ أَصْحَابَ الْمُحَابَاةِ تَسْتَرِدُّ مَا أَصَابَ الْعِتْقَ الَّذِي بَعْدَهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِكَوْنِهِ أَوْلَى مِنْهُ لِأَنَّا نَقُولُ لَا يُمْكِنُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الدَّوْرُ.
بَيَانُهُ أَنَّ صَاحِبَ الْمُحَابَاةِ الْأَوَّلَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لَوْ اسْتَرَدَّ مِنْ الْعِتْقِ لِكَوْنِهِ أَوْلَى لَاسْتَرَدَّ مِنْهُ صَاحِبُ الْمُحَابَاةِ الثَّانِي لِاسْتِوَائِهِمَا ثُمَّ اسْتَرَدَّ الْعِتْقَ لِأَنَّهُ يُسَاوِي صَاحِبَ الْمُحَابَاةِ الثَّانِي، وَفِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ لَوْ اسْتَرَدَّ صَاحِبُ الْمُحَابَاةِ، وَهَكَذَا إلَى مَا لَا يَتَنَاهَى، وَالسَّبِيلُ فِي الدُّورِ قَطْعُهُ، وَعِنْدَهُمَا الْعِتْقُ أَوْلَى مِنْ الْكُلِّ، وَفِي الْمُحِيطِ إذَا أَسْلَمَ الرَّجُلُ فِي مَرَضِهِ مِائَةَ دِرْهَمٍ فِي عَشَرَةِ أَكْرَارٍ حِنْطَةٍ تُسَاوِي مِائَةَ دِرْهَمٍ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ حُلُولِهِ فَإِنْ شَاءَ الَّذِي عَلَيْهِ السَّلَمُ يُعَجِّلُ ثُلُثَيْ الطَّعَامِ، وَكَانَ الثُّلُثُ عَلَيْهِ إلَى أَجَلِهِ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ عَلَيْهِمْ رَأْسَ الْمَالِ لِأَنَّ الْمَرِيضَ حَابَى بِالْأَجَلِ لِأَنَّهُ اشْتَرَى بِمِائَةٍ طَعَامًا يُسَاوِي مِائَةً، وَأَجَّلَهُ فِي جَمِيعِ مَالِهِ، وَتَأْجِيلُ الْمَالِ بِمَعْنَى الْوَصِيَّةِ بِجَمِيعِ الْمَالِ لِأَنَّ الْوَارِثَ يَصِيرُ مَمْنُوعًا مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ إلَى الْأَجَلِ مَتَى صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ بِجَمِيعِهِ، وَإِنْ أَبَوْا فَالْوَصِيَّةُ تَصِحُّ بِقَدْرِ الثُّلُثِ فَيَصِحُّ التَّأْجِيلُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ، وَبَطَلَ فِي الثُّلُثَيْنِ فَإِذَا بَطَلَ الْأَجَلُ فِي الثُّلُثِ يُخَيَّرُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ لَزِمَهُ زِيَادَةُ شَيْءٍ لَمْ يَرْضَ مِنْهُ لِأَنَّ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ إنَّمَا رَضِيَ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ الطَّعَامِ عَلَيْهِ مُؤَجَّلًا فَإِذَا لَزِمَهُ تَعْجِيلُ ثُلُثَيْ الطَّعَامِ، وَالْمُعَجَّلُ خَيْرٌ مِنْ الْمُؤَجَّلِ فَقَدْ لَزِمَهُ زِيَادَةُ شَيْءٍ لَمْ يَرْضَ بِهِ فَيُخَيَّرُ، وَلَوْ كَانَ الطَّعَامُ يُسَاوِي خَمْسِينَ فَإِنْ شَاءَ عَجَّلَ الطَّعَامَ كُلَّهُ وَرَدَّ سُدُسَ الْمَالِ، وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ وَرَدَّ كُلَّ الْمَالِ لِأَنَّهُ حَابَى بِالثَّمَنِ وَبِالْأَجَلِ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ اعْتِبَارُ الْمُحَابَتَيْنِ جَمِيعًا لِأَنَّهُ يَنْقَسِمُ ثُلُثَا الْمَالِ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ لِأَنَّهُ لَوْ حَابَى بِالثَّمَنِ لَا غَيْرُ كَانَ لِصَاحِبِ الْمُحَابَاةِ ثُلُثُ الْمِائَةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ حَابَى بِالْأَجَلِ كَانَ لَهُ ثُلُثُ الطَّعَامِ إلَى أَجَلِهِ فَإِذَا صَارَ نِصْفُ الْمَالِ لِلْمُحَابَاةِ كَانَ بِالثَّمَنِ كَانَ نِصْفُ ثُلُثِ الطَّعَامِ إلَى أَجَلِهِ، وَإِذَا صَارَ الثُّلُثُ لِلْمُحَابَتَيْنِ جَمِيعًا مَتَى اخْتَارَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ الْمُضِيَّ فِي السَّلَمِ أَنَّهُ يَرُدُّ ثُلُثَ رَأْسِ الْمَالِ إلَى رَبِّ السَّلَمِ حَتَّى يَنْقَسِمَ ثُلُثُ الْمَالِ عَلَى الْمُحَابَتَيْنِ جَمِيعًا يُنْقَضُ السَّلَمُ فِي الثُّلُثِ فَإِذَا دَخَلَ الْأَجَلُ، وَأَدَّى الْمُسْلَمُ إلَيْهِ سُدُسَ الطَّعَامِ يَسْتَرِدُّ مِنْهُ نِصْفَ الثُّلُثِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّهُ بِحُلُولِ الْأَجَلِ ذَهَبَ بِالْمُحَابَاةِ فِي الْأَجَلِ، وَبَقِيَتْ الْمُحَابَاةُ فِي الثَّمَنِ، وَمَتَى اسْتَرَدَّ نِصْفَ الثُّلُثِ تُنْقَضُ الْإِقَالَةُ فِي السَّلَمِ بَعْدَ اسْتِقْرَارِهَا فِي رَأْسِ الْمَالِ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ فَلِهَذِهِ الضَّرُورَةِ تَعَذَّرَ اعْتِبَارُ الْمُحَابَاةِ بِالْأَجَلِ مَعَ الْمُحَابَاةِ بِالثَّمَنِ فَكَانَ إلْغَاءُ الْمُحَابَاةِ بِالْأَجَلِ أَوْلَى لِأَنَّهُ بَيْعٌ، وَإِذَا لَغَتْ الْمُحَابَاةُ بِالْأَجَلِ صَارَ كَأَنَّهُ حَابَى بِالثَّمَنِ لَا غَيْرَ فَيُخَيَّرُ، وَإِذَا أَسْلَمَ الْمَرِيضُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي كُرٍّ يُسَاوِي عِشْرِينَ ثُمَّ أَقَالَهُ ثُمَّ مَاتَ جَازَتْ الْإِقَالَةُ فِي ثُلُثَيْ الْكُرِّ، وَيُقَالُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَدِّ ثُلُثَ الْكُرِّ، وَرُدَّ عَلَيْهِمْ ثُلُثَيْ رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَصِيَّةٌ وَالْوَصِيَّةُ مُعْتَبَرَةٌ فِي الثُّلُثِ، وَلَوْ أَسْلَمَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي كُرٍّ يُسَاوِي ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا، وَقَدْ حَابَى بِعِشْرِينَ، وَالْعَشَرَةُ مِنْ عِشْرِينَ قَدْرُ نِصْفِهِ، وَلَوْ أَخَذَ مِنْهُ رَأْسَ الْمَالِ، وَأَنْفَقَهُ جَازَتْ الْإِقَالَةُ فِي ثُلُثِ الْكُرِّ، وَبَطَلَتْ فِي ثُلُثَيْهِ.
وَيُقَالُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَدِّ إلَى الْوَرَثَةِ ثُلُثَيْ الْكُرِّ، وَارْجِعْ عَلَيْهِمْ

نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 8  صفحه : 493
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست