responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 8  صفحه : 473
فِيهِ لِأَنَّ الْكَلَامَ الثَّانِي يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ زِيَادَةَ الثُّلُثِ عَلَى الْأَوَّلِ حَتَّى يَتِمَّ لَهُ السُّدُسُ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ إيجَابَ ثُلُثٍ عَلَى السُّدُسِ حَتَّى يَصِيرَ الْمَجْمُوعُ نِصْفًا.
وَعِنْدَ الِاحْتِمَالِ لَا يَثْبُتُ لَهُ إلَّا الْقَدْرُ الْمُتَيَقَّنُ فَيُجْعَلُ السُّدُسُ دَاخِلًا فِي السُّدُسِ حَمْلًا لِكَلَامِهِ عَلَى الْمُتَيَقَّنِ هَذَا هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الشُّرُوحِ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بَعْدَ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ هَكَذَا قَالُوا، وَهَذَا كَمَا تَرَى حَمْلَ الْكَلَامِ عَلَى أَحَدِ مُحْتَمَلَيْهِ، وَلَك أَنْ تَقُولَ لَمَّا كَانَ الْكَلَامُ مُحْتَمِلًا لِلْمَعْنَيَيْنِ، وَكَانَ الْقَدْرُ الثَّابِتُ بِهِ يَتَعَيَّنُ عَلَى الِاحْتِمَالَيْنِ الثُّلُثُ قُلْنَا مَا يَثْبُتُ بِهِ مِنْ الْوَصِيَّةِ لِأَنَّ الْمُتَيَقَّنَ ثُبُوتُ الثُّلُثِ بِمَجْمُوعِ الِاحْتِمَالَيْنِ لَا بِأَوَّلِهِمَا إلَى هُنَا كَلَامُهُ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِنْ أَوْصَى بِثُلُثِ دَرَاهِمِهِ أَوْ غَنَمِهِ، وَهَلَكَ ثُلُثَاهُ لَهُ مَا بَقِيَ) أَيْ إذَا أَوْصَى بِثُلُثِ دَرَاهِمِهِ أَوْ بِثُلُثِ غَنَمِهِ، وَهَلَكَ ثُلُثَا ذَلِكَ، وَبَقِيَ ثُلُثُهُ، وَهُوَ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ مِنْ مَالِهِ فَلَهُ جَمِيعُ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالْغَنَمِ، وَقَالَ زُفَرُ لَهُ ثُلُثُ مَا بَقِيَ مِنْ ذَلِكَ النَّوْعِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَرِكَةٌ بَيْنَهُمَا، وَالْمَالُ الْمُشْتَرَكُ يَهْلِكُ مَا هَلَكَ مِنْهُ عَلَى الشَّرِكَةِ، وَيَبْقَى الْبَاقِي كَذَلِكَ فَصَارَ كَمَا إذَا أَوْصَى بِهِ أَجْنَاسًا مُخْتَلِفَةً، وَلَنَا أَنَّ حَقَّ بَعْضِهِمْ يُمْكِنُ جَمْعُهُ فِي الْبَعْضِ الْبَاقِي فَصَارَ كَمَا إذَا أَوْصَى بِدِرْهَمٍ أَوْ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ أَوْ بِعَشَرَةِ رُءُوسٍ مِنْ الْغَنَمِ فَهَلَكَ ذَلِكَ الْجِنْسُ كُلُّهُ إلَّا الْقَدْرَ الْمُسَمَّى فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ إذَا كَانَ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ بَقِيَّةِ مَالِهِ بِخِلَافِ الْأَجْنَاسِ الْمُخْتَلِفَةِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ فِيهَا جَبْرًا فَكَذَا تَقْدِيمًا، وَالْمَالُ الْمُشْتَرَكُ إنَّمَا يَهْلِكُ الْهَالِكُ مِنْهُ عَلَى الشَّرِكَةِ أَنْ لَوْ اسْتَوَى الْحَقَّانِ أَمَّا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مُقَدَّمًا عَلَى الْآخَرِ فَالْهَالِكُ يُصْرَفُ إلَى الْمُؤَخَّرِ كَمَا إذَا كَانَ فِي التَّرِكَةِ دُيُونٌ وَوَصَايَا وَوَرَثَةٌ ثُمَّ هَلَكَ بَعْضُ التَّرِكَةِ فَإِنَّ الْهَالِكَ يُصْرَفُ إلَى الْمُؤَخَّرِ، وَهُوَ الْوَصِيَّةُ وَالْإِرْثُ لِأَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِمَا، وَهُنَا الْوَصِيَّةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْإِرْثِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 12] فَيُصْرَفُ الْهَلَاكُ إلَى الْإِرْثِ تَقْدِيمًا لِلْوَصِيَّةِ عَلَى وَجْهٍ لَا يُنْقِصُ حَقَّ الْوَرَثَةِ عَلَى الثُّلُثَيْنِ مِنْ جَمِيعِ التَّرِكَةِ لِأَنَّهُ لَا يَسْلَمُ لِلْمُوصَى لَهُ شَيْءٌ حَتَّى يَسْلَمَ لِلْوَرَثَةِ ضِعْفُ ذَلِكَ، وَكَذَا إذَا هَلَكَ الْبَعْضُ فِي الْمُضَارَبَةِ يُصْرَفُ الْهَلَاكُ لِلرِّبْحِ لِأَنَّ رَأْسَ الْمَالِ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ الْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنْ يَحْتَاجَ إلَى مَعْرِفَةِ الْوَصِيَّةِ الْمُقَيَّدَةِ وَالْمُطْلَقَةِ وَالْعَيْنِ وَالدَّيْنِ كَمَا سَبَكَهُ الْمُؤَلِّفُ وَأَنْوَاعِ الْوَصِيَّةِ بِهِمَا وَأَحْكَامِهَا.
قَالَ أَبُو يُوسُفَ الْعَيْنُ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ دُونَ التِّبْرِ وَالْحُلِيِّ وَالْعُرُوضِ وَالثِّيَابِ، وَالدَّيْنُ كُلُّ شَيْءٍ يَكُونُ وَاجِبًا فِي الذِّمَّةِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ حِنْطَةٍ، وَنَحْوُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْعَيْنَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يَنْصَرِفُ لِلذَّهَبِ وَالْفِضِّيَّةِ الْمَضْرُوبَيْنِ، وَأَمَّا غَيْرُهُمَا فَيُسَمَّى فِي اللُّغَةِ عُرُوضًا وَسِلْعَةً وَحُلِيًّا وَصِيَاغَةً، وَأَمَّا أَنْوَاعُ الْوَصِيَّةِ بِهِمَا فَالْوَصِيَّةُ نَوْعَانِ مُرْسَلَةٌ وَمُقَيَّدَةٌ فَالْمُرْسَلَةُ أَنْ يُوصِيَ بِجُزْءٍ شَائِعٍ مِنْ مَالِهِ نَحْوَ أَنْ يُوصِيَ بِثُلُثِ مَالِهِ وَرُبْعِهِ، وَالْمُقَيَّدَةُ أَنْ يُوصِيَ بِثُلُثِ مَالٍ بِعَيْنِهِ بِأَنْ يُوصِي بِثُلُثِ دَرَاهِمِهِ أَوْ دَنَانِيرِهِ أَوْ بِثُلُثِ الْغَنَمِ فَالْوَصِيَّةُ الْمُقَيَّدَةُ حُكْمُهَا أَنْ يَكُونَ حَقُّهُ مُقَدَّمًا عَلَى حَقِّ الْوَرَثَةِ، وَعَلَى حَقِّ الْوَصِيَّةِ الْمُرْسَلَةِ، وَلَوْ هَلَكَ شَيْءٌ مِنْهَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ يُصْرَفُ الْهَلَاكُ إلَى الْوَرَثَةِ لَا إلَى الْمُوصَى لَهُ حَيْثُ كَانَتْ الْوَصَايَا تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ بِأَنْ كَانَ لَهُ مَالٌ آخَرُ يُعْطَى لِلْمُوصَى لَهُ كُلُّ الْمُوصَى بِهِ لِأَنَّهُ قَيَّدَهَا بِنَوْعٍ مِنْ الْمَالِ فَتَقَيَّدَ بِذَلِكَ النَّوْعِ، وَلِهَذَا لَا يَزْدَادُ حَقُّهُ بِزِيَادَةِ مَالِ الْمَيِّتِ، وَكَذَا لَا يَنْقُصُ بِنُقْصَانِهِ لِأَنَّ حَقَّهُ لَمْ يَثْبُتْ شَائِعًا فِي جَمِيعِ التَّرِكَةِ فَكَانَ حَقُّهُ مُقَدَّمًا عَلَى حَقِّ الْوَرَثَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 12] فَصَارَ الْهَلَاكُ مَصْرُوفًا إلَى الْمُؤَخَّرِ حَقُّهُ لَا إلَى الْمُقَدَّمِ لِأَنَّهُ مَا لَمْ يَفْضُلْ عَنْ الْوَصِيَّةِ لَا يَصِيرُ حَقًّا لِلْوَرَثَةِ.
وَإِنَّمَا حُكْمُ الْوَصِيَّةِ الْمُرْسَلَةِ فَهُوَ أَنَّ صَاحِبَهَا بِمَنْزِلَةِ وَاحِدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ لِأَنَّ حَقَّهُ ثَبَتَ شَائِعًا فِي جَمِيعِ التَّرِكَةِ حَتَّى يُزَادَ حَقُّهُ بِزِيَادَةِ الْمَالِ، وَيُنْقَصُ بِنُقْصَانِهِ كَحَقِّ الْوَرَثَةِ فَصَارَتْ التَّرِكَةُ كَالْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَرَثَةِ فَمَا تَوَى مِنْ شَيْءٍ مِنْ التَّرِكَةِ يَتْوَى عَلَى الشَّرِكَةِ وَمَا بَقِيَ يَبْقَى عَلَى الشَّرِكَةِ فَكَانَ وَارِثًا حُكْمًا وَمَعْنًى وَمُوصًى لَهُ اسْمًا، وَالْعِبْرَةُ لِلْحُكْمِ وَالْمَعْنَى، وَلِهَذَا لَوْ اجْتَمَعَ فِي التَّرِكَةِ وَصِيَّةٌ مُقَيَّدَةٌ، وَوَصِيَّةٌ مُرْسَلَةٌ تُقَدَّمُ الْوَصِيَّةُ الْمُقَيَّدَةُ ثُمَّ تُقَاسَمُ الْوَصِيَّةُ الْمُرْسَلَةُ مَعَ الْوَرَثَةِ عَلَى قَدْرِ حُقُوقِهِمْ، وَأَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِمَسَائِلِ الْهَلَاكِ وَالِاسْتِحْقَاقِ فَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ فَمَا هَلَكَ أَوْ اسْتَحَقَّ فَهُوَ عَلَى الْحَقَّيْنِ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ مُطْلَقَةٌ مُرْسَلَةٌ لِأَنَّهُ أَضَافَ الْوَصِيَّةَ إلَى جَمِيعِ مَالِهِ عَلَى الْعُمُومِ وَالشُّيُوعِ فَيَكُونُ لَهُ ثُلُثُ كُلِّ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ فَكَانَ شَرِيكًا فِي التَّرِكَةِ بِمَنْزِلَةِ أَحَدِ الْوَرَثَةِ فَمَا هَلَكَ يَهْلِكُ عَلَى الشَّرِكَةِ فَإِنْ أَوْصَى بِثُلُثِ الدَّرَاهِمِ وَثُلُثِ الدَّنَانِيرِ ثُمَّ هَلَكَ عِشْرُونَ دِينَارًا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي أَوْ قَبْلَ مَوْتِهِ كَانَ لَهُ ثُلُثُ مَا بَقِيَ

نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 8  صفحه : 473
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست