responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 8  صفحه : 455
هُنَا بَيَانُ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِمْ الدِّيَةُ بِتَفَاصِيلِ أَنْوَاعِهِمْ وَأَحْكَامِهِمْ، وَهُمْ الْعَاقِلَةُ فَالْمُنَاسَبَةُ فِي الْعِنْوَانِ ذِكْرُ الْعَوَاقِلِ لِأَنَّهَا جَمْعُ الْعَاقِلَةِ، وَالْكَلَامُ هُنَا مِنْ وُجُوهٍ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِهَا لُغَةً، وَالثَّانِي فِي تَفْسِيرُهَا شَرْعًا، وَالثَّالِثُ فِي كَيْفِيَّةِ وُجُوبِ الدِّيَةِ، وَالرَّابِعُ فِي بَيَانِ مُدَّةِ الْوَاجِبِ، وَالْخَامِسُ فِيمَا تَتَحَمَّلُهُ الْعَاقِلَةُ، وَالسَّادِسُ فِيمَنْ يُحَوَّلُ عَلَى الدِّيَةِ مِنْ عَاقِلَةٍ إلَى عَاقِلَةٍ، وَالسَّابِعُ فِي عَاقِلَةِ مَوْلَى الْمُوَالَاةِ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ فِيهِ فُصُولٌ أَحَدُهَا فِي مَعْرِفَةِ الْعَاقِلَةِ، وَالثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ وُجُوبِ الدِّيَةِ عَلَيْهِ، وَالثَّالِثُ فِي بَيَانِ مُدَّةِ الْوَاجِبِ، وَالرَّابِعُ فِيمَا تَتَحَمَّلُهُ الْعَاقِلَةُ وَمَا لَا تَتَحَمَّلُهُ الْعَاقِلَةُ، وَالْخَامِسُ فِيمَنْ يُحَوِّلُ الدِّيَةَ مِنْ عَاقِلَةٍ إلَى عَاقِلَةٍ، وَالسَّادِسُ فِي عَاقِلَةِ مَوْلَى الْمُوَالَاةِ أَمَّا تَفْسِيرُهَا لُغَةً فَالْعَاقِلَةُ اسْمٌ مُشْتَقٌّ مِنْ الْعَقْلِ، وَهُوَ الْمَنْعُ، وَلِهَذَا يُقَالُ لِمَا يُعْقَلُ بِهِ الْبَعِيرُ عِقَالًا لِأَنَّهُ يَمْنَعُهُ مِنْ النُّفُورِ، وَمِنْهُ سُمِّيَ اللُّبُّ عَقْلًا لِأَنَّهُ مِمَّا يَمْنَعُ الْإِنْسَانَ عَمَّا يَضُرُّهُ فَذَلِكَ عَاقِلَةُ الْإِنْسَانِ، وَهُمْ أَهْلُ نُصْرَتِهِ مِمَّنْ يَمْنَعُونَهُ مِنْ قَتْلِ مَنْ لَيْسَ لَهُ قَتْلُهُ، وَأَمَّا الْعَاقِلَةُ.
وَالْعَقْلُ هُوَ الدِّيَةُ، وَجَمْعُهُ الْمَعَاقِلُ، وَمِنْهُ الْعَاقِلَةُ، وَهُمْ الَّذِينَ يَتَحَمَّلُونَ الْعَقْلَ، وَهُوَ الدِّيَةُ، وَأَمَّا الْعَاقِلَةُ شَرْعًا فَهُمْ أَهْلُ الدِّيوَانِ مِنْ الْمُقَاتِلَةِ، وَأَهْلُ الدِّيوَانِ الَّذِينَ لَهُمْ رِزْقٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَكُتِبَ أَسْمَاؤُهُمْ فِي الدِّيوَانِ، وَمَنْ لَا دِيوَانَ لَهُ فَعَاقِلَتُهُ مِنْ عَصَبَةِ النَّسَبِ لَا عَلَى أَهْلِ الدِّيوَانِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْعَقْلُ عَلَى عَصَبَتِهِ مِنْ النَّسَبِ لَا عَلَى أَهْلِ الدِّيوَانِ، وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهَا تَجِبُ فِي مَالِ الْقَاتِلِ لِأَنَّ وُجُوبَ الْعَقْلِ عَلَى الْعَاقِلَةِ عُرِفَ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ لِأَنَّ مُؤَاخَذَةَ غَيْرِ الْجَانِي بِالْجَانِي مِمَّا يَأْبَاهُ الْقِيَاسُ وَالشَّرْعُ إنَّمَا أَوْجَبَ عَلَى أَهْلِ الدِّيوَانِ أَوْ عَلَى الْعَشِيرَةِ فَبَقِيَ عَلَى مَا عَدَاهُمَا عَلَى قَضِيَّةِ الْقِيَاسِ، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ دِيوَانٌ، وَلَا عَشِيرَةٌ قِيلَ يُعْتَبَرُ الْمَحَالُّ، وَنُصْرَةُ الْقُلُوبِ فَالْأَقْرَبُ، وَقِيلَ تَجِبُ فِي مَالِهِ، وَقِيلَ تَجِبُ فِي مَالِ بَيْتِ الْمَالِ، وَكَذَلِكَ اللَّقِيطُ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ، وَلَا تَعْقِلُ مَدِينَةٌ عَنْ مَدِينَةٍ، وَتَعْقِلُ مَدِينَةٌ عَنْ قُرَاهَا لِأَنَّ الْعَقْلَ إنَّمَا بُنِيَ عَلَى التَّنَاصُرِ وَالتَّعَاوُنِ، وَأَهْلُ كُلِّ مِصْرٍ يَنْتَصِرُونَ بِأَهْلِ دِيوَانِ مِصْرِهِمْ، وَلَا يَنْتَصِرُونَ بِدِيوَانِ أَهْلِ مِصْرٍ آخَرَ، وَأَهْلُ كُلِّ مِصْرٍ يَنْتَصِرُونَ بِأَهْلِ سَوَادِهِمْ، وَقُرَاهُمْ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدَ الْمَنْزِلِ مِنْهُمْ لِأَنَّ الْبَادِيَةَ بَادِيَةٌ وَاحِدَةٌ فَكَانُوا كَأَهْلِ الدِّيوَانِ فِي مِصْرٍ وَاحِدٍ يَتَعَاوَنُونَ عَلَى أَهْلِ الْمِصْرِ، وَإِنْ بَعُدَتْ مَنَازِلُهُمْ، وَالْبَادِيَتَانِ إذَا اخْتَلَفَتَا كَانَتَا بِمَنْزِلَةِ مِصْرَيْنِ، وَعَاقِلَةُ الْمُعْتِقِ قَبِيلَةُ مَوْلَاهُ، وَمَوْلَى الْمُوَالَاةِ يَعْقِلُ عَنْهُ مَوْلَاهُ، وَقَبِيلَتُهُ

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (كُلُّ دِيَةٍ وَجَبَتْ بِنَفْسِ الْقَتْلِ عَلَى الْعَاقِلَةِ) وَالْعَاقِلَةُ الْجَمَاعَةُ الَّذِينَ يَعْقِلُونَ الْعَقْلَ، وَهُوَ الدِّيَةُ يُقَالُ وَدَيْتُ الْقَتِيلَ إذَا أَعْطَيْتُ دِيَتَهُ، وَعَقَلْتُ عَنْ الْقَاتِلِ أَيْ أَدَّيْتُ عَنْهُ مَا لَزِمَهُ مِنْ الدِّيَةِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا الدِّيَةَ، وَأَنْوَاعَهَا فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ، وَأَمَّا وُجُوبُهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ فَالْأَصْلُ فِيهِ مَا صَحَّ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَضَى بِدِيَةِ الْمَرْأَةِ الْمَقْتُولَةِ وَدِيَةِ جَنِينِهَا عَلَى عَصَبَةِ الْعَاقِلَةِ فَقَالَ أَبُو الْقَاتِلَةِ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ أَغْرَمَ مَنْ لَا صَاحَ وَلَا اسْتَهَلَّ وَلَا شَرِبَ وَلَا أَكَلَ وَمِثْلُ ذَلِكَ ضَلَالٌ فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - هَذَا مِنْ الْكُهَّانِ» ، وَلِأَنَّ النَّفْسَ مُحَرَّمَةٌ فَلَا وَجْهَ إلَى إهْدَارِهَا، وَلَا إيجَابَ عَلَى الْمُخْطِئِ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ فَرُفِعَ عَنْهُ الْخَطَأُ، وَفِي إيجَابِ الْكُلِّ عَلَيْهِ عُقُوبَةٌ لِمَا فِيهِ مِنْ إجْحَافِهِ وَاسْتِئْصَالِهِ فَيَضُمُّ إلَيْهِ الْعَاقِلَةَ تَحْقِيقًا لِلتَّخْفِيفِ فَكَانُوا أَوْلَى بِالضَّمِّ، وَقَوْلُهُ كُلُّ دِيَةٍ وَجَبَتْ بِنَفْسِ الْقَتْلِ يُحْتَرَزُ بِهِ عَمَّا يَنْقَلِبُ مَالًا بِالصُّلْحِ أَوْ بِالشُّبْهَةِ لِأَنَّ الْعَدُوَّ يُوجِبُ الْعُقُوبَةَ فَلَا يَسْتَحِقُّ التَّخْفِيفَ فَلَا تَتَحَمَّلُ عَنْهُ الْعَاقِلَةُ، وَفِي مَبْسُوطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ طَعَنَ بَعْضٌ، وَقَالَ لَا جِنَايَةَ مِنْ الْعَاقِلَةِ، وَوُجُوبُ الدِّيَةِ بِاعْتِبَارِهَا فَتَكُونُ فِي مَالِ الْقَاتِلِ يُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ أَتْلَفَ دَابَّةً يَضْمَنُهَا فِي مَالِهِ فَكَذَا إيجَابُ الدِّيَةِ قُلْنَا إيجَابُ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ مَشْهُورٌ ثَبَتَ بِالْأَحَادِيثِ الْمَشْهُورَةِ، وَعَلَيْهِ عَمَلُ الصَّحَابَةِ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ يَتَرَادُّ بِهِ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَهِيَ أَهْلُ الدِّيوَانِ إنْ كَانَ الْقَاتِلُ مِنْهُمْ) تُؤْخَذُ مِنْ عَطَايَاهُمْ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَأَهْلُ الدِّيوَانِ هُمْ الْجَيْشُ الَّذِينَ كُتِبَتْ أَسْمَاؤُهُمْ فِي الدِّيوَانِ، وَهَذَا عِنْدَنَا، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ عَلَى أَهْلِ الْعَشِيرَةِ لِمَا رَوَيْنَا، وَكَانَ كَذَلِكَ إلَى أَيَّامِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَا نَسْخَ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَبْقَى عَلَى مَا كَانَ، وَلِأَنَّهَا صِلَةٌ، وَالْأَقَارِبُ أَوْلَى بِهَا كَالْإِرْثِ وَالنَّفَقَاتِ، وَلَنَا أَقْضِيَةُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَإِنَّهُ لَمَّا دَوَّنَ الدَّوَاوِينَ جَعَلَ الدِّيَةَ عَلَى أَهْلِ الدِّيوَانِ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ مِنْهُمْ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِنَسْخٍ بَلْ هُوَ تَقْرِيرُ مَعْنًى لِأَنَّهُ كَانَ عَلَى أَهْلِ النُّصْرَةِ، وَقَدْ كَانَتْ بِأَنْوَاعٍ

نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 8  صفحه : 455
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست