responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 8  صفحه : 388
لِأَنَّ مَا يَظْهَرُ عَقِيبَ فِعْلٍ مِنْ الْأَثَرِ يُحَالُ عَلَى الْفِعْلِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ السَّبَبُ الظَّاهِرُ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الضَّارِبُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ بِغَيْرِهِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِنْ شَجَّ رَجُلًا فَالْتَحَمَ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ أَثَرٌ أَوْ ضَرَبَ فَجَرَحَ فَبَرَأَ أَوْ ذَهَبَ أَثَرُهُ فَلَا أَرْشَ) وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَيْهِ أَرْشُ الْأَلَمِ وَهُوَ حُكُومَةُ عَدْلٍ؛ لِأَنَّ الشَّيْنَ الْمُوجِبَ إنْ زَالَ فَالْأَلَمُ الْحَاصِلُ لَمْ يَزُلْ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَيْهِ أُجْرَةُ الطَّبِيبِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَثَرُ فِعْلِهِ فَكَانَ لَهُ أَخْذُ ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ وَإِعْطَاؤُهُ الطَّبِيبَ وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ فَسَّرَ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ عَلَيْهِ أَرْشُ الْأَلَمِ بِأُجْرَةِ الطَّبِيبِ وَالْمُدَاوَاةِ فَعَلَى هَذَا الِاخْتِلَافُ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْمُوجِبَ هُوَ الشَّيْنُ الَّذِي يَلْحَقُهُ بِفِعْلِهِ وَزَوَالُ مَنْفَعَتِهِ وَقَدْ زَالَ ذَلِكَ بِزَوَالِ أَثَرِهِ وَالْمَنَافِعُ لَا تَتَقَوَّمُ إلَّا بِالْعَقْدِ كَالْإِجَارَةِ وَالْمُضَارَبَةِ الصَّحِيحَيْنِ أَوْ مَا يُشْبِهُ الْعَقْدَ كَالْفَاسِدِ مِنْهُمَا وَلَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْجَانِي فَلَا يَلْزَمُ الْغَرَامَةُ وَكَذَلِكَ مُجَرَّدُ الْأَلَمِ لَا يُوجِبُ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لَهُ بِمُجَرَّدِ الْأَلَمِ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ ضَرَبَ إنْسَانًا ضَرْبًا مُؤْلِمًا مِنْ غَيْرِ جُرْحٍ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْأَرْشِ وَكَذَا لِأَنَّهُ لَوْ شَتَمَهُ شَتْمًا يُؤْلِمُ نَفْسَهُ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَلَا قَوَدَ بِجُرْحٍ حَتَّى يَبْرَأَ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُقْتَصُّ مِنْهُ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ الْمُوجِبَ قَدْ تَحَقَّقَ فَلَا يُؤَخَّرُ كَمَا فِي الْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ وَلَنَا مَا رُوِيَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «نَهَى أَنْ يُقْتَصَّ مِنْ جُرْحٍ حَتَّى يَبْرَأَ صَاحِبُهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَلِأَنَّ الْجِرَاحَاتِ يُعْتَبَرُ فِيهَا مَآلُهُمَا لِاحْتِمَالِ أَنْ تَسْرِيَ إلَى النَّفْسِ فَيَظْهَرَ أَنَّهُ قَتْلٌ فَلَا يُعْلَمُ أَنَّهُ جُرْحٌ إلَّا بِالْبُرْءِ فَيَسْتَقِرُّ بِهِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَكُلُّ عَمْدٍ سَقَطَ فِيهِ قَوَدُهُ لِشُبْهَةٍ كَقَتْلِ الْأَبِ ابْنَهُ عَمْدًا فَفِيهِ دِيَةٌ فِي مَالِ الْقَاتِلِ وَكَذَا مَا وَجَبَ صُلْحًا أَوْ اعْتِرَافًا أَوْ لَمْ يَكُنْ نِصْفَ الْعُشْرِ) أَيْ نِصْفَ عُشْرِ الدِّيَةِ لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا «لَا تَعْقِلُ الْعَاقِلَةُ عَمْدًا وَلَا عَبْدًا وَلَا صُلْحًا وَلَا اعْتِرَافًا» وَلِأَنَّ الْعَاقِلَةَ تَتَحَمَّلُ عَنْ الْقَاتِلِ تَخْفِيفًا عَنْهُ وَذَلِكَ يَلِيقُ بِالْمُخْطِئِ؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ دُونَ الْمُتَعَمِّدِ؛ لِأَنَّهُ يُوجِبُ التَّغْلِيظَ وَاَلَّذِي وَجَبَ بِالصُّلْحِ إنَّمَا وَجَبَ بِعَقْدِهِ وَالْعَاقِلَةُ لَا تَتَحَمَّلُ مَا يَجِبُ بِالْعَقْدِ، وَإِنَّمَا تَتَحَمَّلُ مَا يَجِبُ بِالْقَتْلِ وَكَذَا مَا لَزِمَهُ بِالْإِقْرَارِ لَا تَتَحَمَّلُهُ الْعَاقِلَةُ؛ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةً عَلَى نَفْسِهِ دُونَ عَاقِلَتِهِ فَيَلْزَمُهُ دُونَهُمْ، وَإِنَّمَا لَا تَتَحَمَّلُ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ عُشْرِ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤَدِّي إلَى الْإِجْحَافِ وَالِاسْتِئْصَالِ بِالْجَانِي وَالتَّأْجِيلِ تَحَرُّزًا عَنْهُ فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ ثُمَّ الْكُلُّ يَجِبُ مُؤَجَّلًا إلَى ثَلَاثِ سِنِينَ إلَّا مَا وَجَبَ بِالصُّلْحِ، فَإِنَّهُ يَجِبُ حَالًّا؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ بِالْعَقْدِ فَيَكُونُ حَالًّا بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَمَا دُونَهُ أَرْشُ الْمُوضِحَةِ يَجِبُ فِي سَنَةٍ لَا مَا دُونَ ثُلُثِ الدِّيَةِ وَالثُّلُثُ وَمَا دُونَهُ يَجِبُ فِي سَنَةٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَا وَجَبَ بِقَتْلِ الْأَبِ ابْنَهُ يَجِبُ حَالًّا؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ سَقَطَ شَرْعًا إلَى بَدَلٍ فَيَكُونُ ذَلِكَ الْبَدَلُ حَالًّا كَسَائِرِ الْمُتْلِفَاتِ وَلَنَا أَنَّ الْمُتْلِفَ لَيْسَ بِمَالٍ وَمَا لَيْسَ بِمَالٍ لَا يُضْمَنُ بِالْمَالِ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقِيمَةٍ إذْ لَا تَقُومُ مَقَامَهُ وَقِيمَةُ الشَّيْءِ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ، وَإِنَّمَا عَرَفْنَا تَقَوُّمَهُ بِالْمَالِ بِالشَّرْعِ وَالشَّرْعُ إنَّمَا قَوَّمَهُ بِدِيَةٍ مُؤَجَّلَةٍ إلَى ثَلَاثِ سِنِينَ وَإِيجَابُ الْمَالِ حَالًّا زِيَادَةٌ عَلَى مَا أَوْجَبَهُ الشَّرْعُ وَصْفًا كَمَا لَا يَجُوزُ إيجَابُ الزِّيَادَةِ عَلَى مَا أَوْجَبَهُ الشَّرْعُ قَدْرًا.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَعَمْدُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ خَطَأٌ وَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَلَا تَكْفِيرَ فِيهِ وَلَا حِرْمَانَ فِيهِ) أَيْ عَنْ الْمِيرَاثِ، وَالْمَعْتُوهُ كَالصَّبِيِّ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَمْدُهُ عَمْدٌ فَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّ الْعَمْدَ هُوَ الْقَصْدُ وَهُوَ ضِدُّ الْخَطَأِ فَمَنْ يَتَحَقَّقُ مِنْهُ الْخَطَأُ يَتَحَقَّقُ مِنْهُ الْعَمْدُ وَلِهَذَا يُؤَدَّبُ وَيُعَزَّرُ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ الْقِصَاصُ إلَّا أَنَّهُ سَقَطَ لِلشُّبْهَةِ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْعُقُوبَةِ فَيَجِبُ عَلَيْهِمْ مُوجَبُهُ الْآخَرُ وَهُوَ الْمَالُ؛ لِأَنَّهُمْ أَهْلٌ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِمْ فَصَارَ نَظِيرَ السَّرِقَةِ، فَإِنَّهُمْ إذَا سَرَقُوا لَا يَقْطَعُ أَيْدِيَهُمْ وَيَجِبُ عَلَيْهِمْ ضَمَانُ الْمَالِ الْمَسْرُوقِ لِمَا قُلْنَا وَلِهَذَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ التَّكْفِيرُ بِالْمَالِ؛ لِأَنَّهُ أَهْلٌ لِفَوَاتِ الْمَالِيَّةِ دُونَ الصَّوْمِ لِعَدَمِ الْخِطَابِ وَكَذَا يَحْرُمُ الْمِيرَاثُ عِنْدَهُ بِالْقَتْلِ وَلَنَا أَنَّ مَجْنُونًا صَالَ عَلَى رَجُلٍ بِسَيْفٍ فَضَرَبَهُ فَرُفِعَ ذَلِكَ إلَى عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَجَعَلَ عَقْلَهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَقَالَ عَمْدُهُ وَخَطَؤُهُ سَوَاءٌ وَلِأَنَّ الصَّبِيَّ مَظِنَّةُ الْمَرْحَمَةِ «قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَلَمْ يُوَقِّرْ كَبِيرَنَا فَلَيْسَ مِنَّا» وَالْعَاقِلُ الْمُخْطِئُ لَمَّا اسْتَحَقَّ التَّخْفِيفَ حَتَّى وَجَبَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ فَهَؤُلَاءِ أَوْلَى بِهَذَا التَّخْفِيفِ فَيَجِبُ عَلَى الْعَاقِلَةِ إذَا كَانَ الْوَاجِبُ قَدْرَ نِصْفِ الْعُشْرِ أَوْ أَكْثَرَ بِخِلَافِ مَا دُونَهُ؛ لِأَنَّهُ يَسْلُكُ بِهِ مَسْلَكَ الْأَمْوَالِ كَمَا فِي الْبَالِغِ الْعَاقِلِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ الْعَمْدُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ الْقَصْدِ وَهُوَ يَتَرَتَّبُ عَلَى الْعِلْمِ وَالْعِلْمُ بِالْعَقْلِ وَهَؤُلَاءِ عُدِمُوا الْعَقْلَ فَكَيْفَ يَتَحَقَّقُ مِنْهُمْ الْقَصْدُ وَصَارُوا كَالنَّائِمِ وَحِرْمَانُ الْإِرْثِ عُقُوبَةٌ وَهُمْ

نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 8  صفحه : 388
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست