responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 8  صفحه : 385
تَعَلَّقَا بِسَبَبٍ وَاحِدٍ وَهُوَ فَوَاتُ الشَّعْرِ فَيَدْخُلُ الْجُزْءُ فِي الْجُمْلَةِ فَصَارَ كَمَا إذَا قَطَعَ إصْبَعَ رَجُلٍ فَشُلَّتْ يَدُهُ كُلُّهَا فَحَاصِلُهُ أَنَّ الْجِنَايَةَ مَتَى وَقَعَتْ عَلَى عُضْوٍ وَأَتْلَفَتْ شَيْئَيْنِ وَأَرْشُ أَحَدِهِمَا أَكْثَرُ دَخَلَ الْأَقَلُّ فِيهِ.
وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْجِنَايَةُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً، فَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى عُضْوَيْنِ لَا يَدْخُلُ وَيَجِبُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَرْشُهُ سَوَاءٌ كَانَ عَمْدًا أَوْ خَطَأً عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِسُقُوطِ الْقِصَاصِ بِهِ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يَجِبُ لِلْأَوَّلِ الْقِصَاصُ إنْ كَانَ عَمْدًا وَأَمْكَنَ الِاسْتِيفَاءُ وَإِلَّا فَكَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَقَالَ زُفَرُ لَا يَدْخُلُ أَرْشُ الْأَعْضَاءِ بَعْضُهُمَا فِي بَعْضٍ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا جِنَايَةٌ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ فَلَا يَتَدَاخَلَانِ كَسَائِرِ الْجِنَايَاتِ وَجَوَابُهُ مَا بَيَّنَّاهُ وَفِي الْمَبْسُوطِ أَصْلُهُ أَنَّ الْجِنَايَاتِ مَتَى وَقَعَتْ عَلَى عُضْوٍ وَاحِدٍ وَأَتْلَفَتْ شَيْئَيْنِ وَأَرْشُ أَحَدِهِمَا أَكْثَرُ، فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ الْأَقَلُّ فِي الْأَكْثَرِ أَصْلُهُ فِي الْمُوضِحَةِ مَتَى كَانَتْ فِي الرَّأْسِ لَا بُدَّ أَنْ يَتَنَاثَرَ الشَّعْرُ مِقْدَارَ الْمُوضِحَةِ وَتَنَاثُرُ الشَّعْرِ مِقْدَارُ الْمُوضِحَةِ يُوجِبُ الْأَرْشَ، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْجَبَ فِي الْمُوضِحَةِ خَمْسًا مِنْ الْإِبِلِ وَلَمْ يُوجِبْ فِي تَنَاثُرِ الشَّعْرِ شَيْئًا فَعُلِمَ أَنَّ أَرْشَ مَا تَنَاثَرَ مِنْ الشَّعْرِ وَهُوَ أَقَلُّ مِنْ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ دَخَلَ فِي أَرْشِ الْمُوضِحَةِ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى عُضْوٍ وَاحِدٍ وَأَتْلَفَتْ شَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ وَالْآخَرُ يُوجِبُ الْمَالَ، فَإِنَّهُ يَجِبُ الْمَالُ وَأَصْلُهُ الْخَاطِئُ مَعَ الْعَامِدِ مَتَى اشْتَرَكَا فِي قَتْلٍ وَاحِدٍ يَجِبُ الْمَالُ، وَإِنْ وَقَعَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى عُضْوَيْنِ أَحَدُهُمَا يُوجِبُ الْقَوَدَ وَالْآخَرُ يُوجِبُ الْمَالَ إنْ كَانَ خَطَأً لَا يَدْخُلُ أَرْشُ الْأَقَلِّ فِي الْأَكْثَرِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ بِهِ النَّصُّ عَلَى قَضِيَّةِ الْقِيَاسِ، وَإِنْ كَانَ عَمْدًا يَجِبُ الْمَالُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا الْقِصَاصُ لِمَا يَأْتِي وَلَوْ شَجَّهُ مُوضِحَةً فَذَهَبَ شَعْرُ رَأْسِهِ فَلَمْ يَنْبُتْ غَرِمَ الدِّيَةَ وَيَدْخُلُ فِيهَا أَرْشُ الْمُوضِحَةِ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ وَقَعَتْ عَلَى عُضْوٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ وَقَعَتْ عَلَى الرَّأْسِ وَالشَّعْرُ بِالرَّأْسِ.
وَلَوْ ذَهَبَ بَعْضُ الشَّعْرِ دَخَلَ الْأَقَلُّ فِي الْأَكْثَرِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ الْمُوضِحَةُ فِي الْحَاجِبِ وَقَدْ ذَهَبَ شَعْرُ الْحَاجِبِ وَلَوْ ذَهَبَ سَمْعُهُ وَبَصَرُهُ فَلَا يَخْلُو إنْ كَانَتْ الشَّجَّةُ خَطَأً أَوْ عَمْدًا، فَإِنْ كَانَتْ خَطَأً لَا يَدْخُلُ أَرْشُ الْمُوضِحَةِ فِي دِيَةِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ بَلْ يَجِبُ كِلَاهُمَا وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي النَّوَادِرِ أَنَّهُ قَالَ يَدْخُلُ أَرْشُ الشَّجَّةِ فِي دِيَةِ السَّمْعِ وَلَا يَدْخُلُ فِي دِيَةِ الْبَصَرِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ السَّمْعِ الْأُذُنَانِ وَالْأُذُنَانِ مِنْ الرَّأْسِ حُكْمًا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «الْأُذُنَانِ مِنْ الرَّأْسِ» فَصَارَتْ الْجِنَايَةُ وَاقِعَةً عَلَى عُضْوٍ وَاحِدٍ وَأَتْلَفَتْ شَيْئَيْنِ فَيَدْخُلُ الْأَقَلُّ فِي الْأَكْثَرِ، وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْجِنَايَةَ وَقَعَتْ عَلَى عُضْوَيْنِ؛ لِأَنَّ الْأُذُنَيْنِ لَيْسَتَا مِنْ الرَّأْسِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا وَلَكِنَّهُمَا جُعِلَا مِنْ الرَّأْسِ فِي حَقِّ حُكْمِ كُلِّ الْأَحْكَامِ حَتَّى لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْمَسْحِ عَلَى الْأُذُنَيْنِ لَمْ يَجُزْ عَنْ مَسْحِ الرَّأْسِ فَيَتَيَقَّنُ أَنَّ الْأُذُنَيْنِ مَعَ الرَّأْسِ عُضْوَانِ مُخْتَلِفَانِ مُتَبَايِنَانِ فِي حَقِّ الْجِنَايَةِ فَلَا يَدْخُلُ أَرْشُ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ، وَإِنْ ذَهَبَ عَقْلُهُ بِالشَّجَّةِ يَدْخُلُ أَرْشُ الْمُوضِحَةِ فِي دِيَةِ الْعَقْلِ خِلَافًا لِزُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ وَالْحَسَنِ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ وَقَعَتْ عَلَى عُضْوَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، فَإِنَّ مَحَلَّ الشَّجَّةِ الرَّأْسُ وَمَحَلَّ الْعَقْلِ الصَّدْرُ فَكَانَ كَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالصَّحِيحُ قَوْلُنَا؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ وَقَعَتْ عَلَى عُضْوٍ وَاحِدٍ مَعْنًى؛ لِأَنَّ الْعَقْلَ وَإِنْ كَانَ نُورًا وَجَوْهَرًا مُضِيئًا فِي الصَّدْرِ يُبْصِرُ بِهِ الْإِنْسَانُ عَوَاقِبَ الْأُمُورِ وَحُسْنَ الْأَشْيَاءِ وَقُبْحَهَا إلَّا أَنَّ الدِّمَاغَ كَالْفَتِيلَةِ لِهَذَا النُّورِ يَقْوَى وَيَضْعُفُ بِقُوَّةِ الدِّمَاغِ وَضَعْفِهِ وَيَزُولُ وَيَذْهَبُ بِفَسَادِ الدِّمَاغِ
فَإِنْ كَانَ الْعَقْلُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ لِتَعَلُّقِهِ بِالدِّمَاغِ بَقَاءً وَذَهَابًا فَكَانَتْ الْجِنَايَةُ وَاقِعَةً عَلَى عُضْوٍ وَاحِدٍ وَقَدْ أَتْلَفَتْ شَيْئَيْنِ فَيَدْخُلُ الْأَقَلُّ فِي الْأَكْثَرِ، وَأَمَّا الْبَصَرُ، فَإِنَّهُ يَنْظُرُ إلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ، فَإِنْ قَالُوا بِذَهَابِهِ وَجَبَتْ الدِّيَةُ، وَإِنْ قَالُوا لَا نَدْرِي تُعْتَبَرُ الدَّعْوَى وَالْإِنْكَارُ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الضَّارِبِ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ، وَأَمَّا الشَّمُّ فَيُخْتَبَرُ بِالرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ الْمُنْتِنَةِ، فَإِنْ ظَهَرَ فِيهِ تَغَيُّرٌ عُلِمَ أَنَّهُ كَاذِبٌ هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ خَطَأً، فَإِنْ كَانَتْ الشَّجَّةُ مُوضِحَةً عَمْدًا فَذَهَبَ سَمْعُهُ وَبَصَرُهُ أَوْ قَطَعَ إصْبَعًا فَتَلِفَتْ الْأُخْرَى بِجَنْبِهَا أَوْ قَطَعَ الْيَمِينَ فَشُلَّتْ الْيُسْرَى تَجِبُ دِيَةُ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَيَجِبُ أَرْشُ الْإِصْبَعَيْنِ وَالْيَدَيْنِ فِي مَالِهِ وَلَا يُقْتَصُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يُقْتَصُّ فِي الشَّجَّةِ وَالْقَطْعِ وَيَغْرَمُ دِيَةً أُخْرَى فِي مَالِهِ وَلَوْ شَجَّهُ مُوضِحَةً فَصَارَتْ مُنَقِّلَةً أَوْ كَسَرَ بَعْضَ سِنِّهِ فَاسْوَدَّ مَا بَقِيَ أَوْ قَطَعَ مِفْصَلًا فَشُلَّ مَا بَقِيَ ضَمِنَ الْأَرْشَ عِنْدَهُمَا وَلَا يُقْتَصُّ لَهُمَا أَنَّهُمَا لَاقَتَا مَحَلَّيْنِ مُتَبَايِنَيْنِ، فَإِنَّ الْفِعْلَ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِالْأَثَرِ فَيَتَقَدَّرُ بِتَقَدُّرِ الْأَثَرِ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ رَمَى إلَى إنْسَانٍ فَأَصَابَهُ وَنَفَذَ مِنْهُ فَأَصَابَ آخَرَ، فَإِنَّهُ يَجِبُ الْقِصَاصُ لِلْأَوَّلِ وَالدِّيَةُ لِلثَّانِي وَكَذَا إذَا قَطَعَ إصْبَعًا فَاضْطَرَبَ السِّكِّينُ فَأَصَابَ إصْبَعًا أُخْرَى خَطَأً يُقْتَصُّ فِي الْأُولَى وَيَجِبُ

نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 8  صفحه : 385
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست