responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 8  صفحه : 361
لَيْسَ بِمَالٍ.
قَالَ فِي الْعِنَايَةِ: فِيهِ بَحْثٌ، وَهُوَ أَنَّ الْقِصَاصَ مَوْرُوثٌ بِالِاتِّفَاقِ، فَكَيْفَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقُّ الْوَرَثَةِ ثُمَّ قَالَ: وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ نَفَى تَعَلُّقَ حَقِّ الْوَرَثَةِ بِهِ لَا كَوْنَهُ مَوْرُوثًا وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ حَقَّ الْوَرَثَةِ إنَّمَا يَثْبُتُ بِطَرِيقِ الْخِلَافَةِ وَحُكْمُ الْخَلَفِ لَا يَثْبُتُ مَعَ وُجُودِ الْأَصْلِ وَالْقِيَاسُ فِي الْمَالِ أَيْضًا أَنْ لَا يَثْبُتَ فِيهِ تَعَلُّقُ حَقِّ الْوَرَثَةِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ لَكِنْ ثَبَتَ ذَلِكَ شَرْعًا بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَأَنْ تَدَعَ وَرَثَتَك أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ» وَتَرْكُهُمْ أَغْنِيَاءَ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ بِتَعَلُّقِ حَقِّهِمْ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ التَّصَرُّفُ فِيهِ وَالْقِصَاصُ لَيْسَ بِمَالٍ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ لَكِنَّهُ مَوْرُوثٌ اهـ.
أَقُولُ: فِي تَقْرِيرِ الْبَحْثِ الْمَذْكُورِ خَلَلٌ فَاحِشٌ وَفِي تَحْرِيرِ الْجَوَابِ الْمَزْبُورِ الْتِزَامُ ذَلِكَ أَمَّا الْأَوَّلُ؛ فَلِأَنَّهُ سَيَجِيءُ فِي أَوَّلِ بَابِ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ أَنَّ الْقِصَاصَ ثَبَتَ لِوَرَثَةِ الْقَتِيلِ ابْتِدَاءً لَا بِطَرِيقِ الْوِرَاثَةِ مِنْهُ كَالدَّيْنِ وَالدِّيَةِ فَقَوْلُهُ إنَّ الْقِصَاصَ مَوْرُوثٌ بِالِاتِّفَاقِ كَذِبٌ صَرِيحٌ وَقَدْ مَرَّ نَظِيرُ هَذَا مِنْ صَاحِبِ الْعِنَايَةِ فِي الْفَصْلِ السَّابِقِ، وَثَبَتَ بُطْلَانُهُ هُنَاكَ أَيْضًا فَتَذَكَّرْ، وَأَمَّا الثَّانِي؛ فَلِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ التَّعَرُّضُ فِيهِ لِكَوْنِ الْقِصَاصِ غَيْرَ مَوْرُوثٍ مِنْ الْمَقْتُولِ عِنْدَ إمَامِنَا الْأَعْظَمِ بَلْ سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَى وَجْهٍ يُشْعِرُ بِكَوْنِهِ مَوْرُوثًا بِالِاتِّفَاقِ أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِ فِي خَاتِمَتِهِ وَالْقِصَاصُ لَيْسَ بِمَالٍ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ لِكَوْنِهِ مَوْرُوثًا وَفِي الْمُحِيطِ وَيَكُونُ هَذَا وَصِيَّةً لِلْعَاقِلَةِ سَوَاءٌ كَانَ الْقَاتِلُ وَاحِدًا مِنْهُمْ أَوْ لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْقَاتِلِ إذَا لَمْ تَصِحَّ لِلْقَاتِلِ تَصِحُّ لِلْعَاقِلَةِ كَمَنْ أَوْصَى لِحَيٍّ وَمَيِّتٍ فَالْوَصِيَّةُ كُلُّهَا لِلْحَيِّ اهـ.
وَظَهَرَ هُنَا مِنْ قَوْلِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ وَصِيَّةٌ لِلْعَاقِلَةِ فَسَادُ مَا اُعْتُرِضَ بِهِ مِنْ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْقَاتِلِ لَا تَصِحُّ وَمِنْ أَنَّ الْقَاتِلَ كَوَاحِدٍ مِنْ الْعَاقِلَةِ فَكَيْفَ جَاءَتْ الْوَصِيَّةُ لَهُ بِجَمِيعِ الثُّلُثِ فَتَأَمَّلْ وَيَظْهَرُ مِنْ أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فِي الْعَمْدِ تَسْعَى الْعَاقِلَةُ فِي ثُلُثَيْ الدِّيَةِ، وَفِي الْخَطَأِ إنْ خَرَجَتْ الدِّيَةُ مِنْ الثُّلُثِ فَلَا سِعَايَةَ، وَلَوْ لَمْ تَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ يَسْقُطُ بِقَدْرِ مَا يَخْرُجُ وَتَسْعَى الْعَاقِلَةُ فِي الْبَقِيَّةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي نَظَائِرِهِ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا، وَهَذَا مِنْ خَصَائِصِ هَذَا الْكِتَابِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِنْ قَطَعَتْ امْرَأَةٌ يَدَ رَجُلٍ عَمْدًا أَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى الْيَدِ ثُمَّ مَاتَ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَالدِّيَةُ فِي مَالِهَا وَعَلَى عَاقِلَتِهَا لَوْ خَطَأً) يَعْنِي لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى قَطْعِهَا يَدَهُ عَمْدًا فَمَاتَ الزَّوْجُ مِنْهُ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَالدِّيَةُ فِي مَالِهَا وَعَلَى عَاقِلَتِهَا لَوْ خَطَأً، وَهَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ وَلَمْ يُفَصِّلْ الْمُؤَلِّفُ بَيْنَ مَا إذَا مَاتَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ لَكِنْ فِي قَوْلِهِ مَهْرُ الْمِثْلِ يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ بَعْدَ الدُّخُولِ وَفِي الْكَافِي أَمَّا أَنْ يَكُونَ الْقَطْعُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً وَكُلُّ مَسْأَلَةٍ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إمَّا إنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى الْقَطْعِ أَوْ عَلَى الْقَطْعِ وَمَا يَحْدُثُ مِنْهُ أَوْ عَلَى الْجِنَايَةِ وَقَدْ بَرِئَ مِنْ ذَلِكَ أَوْ مَاتَ، فَإِنْ كَانَ الْقَطْعُ عَمْدًا وَبَرِئَ مِنْ ذَلِكَ صَحَّتْ التَّسْمِيَةُ وَصَارَ أَرْشُ الْيَدِ مَهْرًا لَهَا عِنْدَهُمْ جَمِيعًا قَالَ الشَّارِحُ فَإِذَا كَانَ الْقَطْعُ عَمْدًا، فَهَذَا تَزَوَّجَ عَلَى الْقِصَاصِ فِي الطَّرَفِ، وَهُوَ لَيْسَ بِمَالٍ عَلَى تَقْدِيرِ الِاسْتِيفَاءِ وَعَلَى تَقْدِيرِ السُّقُوطِ أَوَّلًا، فَإِذَا لَمْ يَصْلُحْ مَالًا لَا يَصْلُحُ مَهْرًا فَيَجِبُ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ إذَا مَاتَ وَلَا يَجِبُ الْقِصَاصُ لَا يُقَالُ لَا يَجْرِي الْقِصَاصُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فِي الْأَطْرَافِ فَكَيْفَ يَكُونُ تَزْوِيجًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْمُوجَبُ الْأَصْلِيُّ فِي الْعَمْدِ الْقِصَاصُ، وَإِنَّمَا سَقَطَ لِلتَّعَذُّرِ ثُمَّ تَجِبُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ، فَإِذَا سَرَى تَبَيَّنَ أَنَّهُ قُتِلَ وَلَمْ يَتَنَاوَلْهُ الْعَفْوُ فَتَجِبُ الدِّيَةُ لِعَدَمِ الْعَفْوِ عَنْ النَّفْسِ، وَذَلِكَ فِي مَالِهَا؛ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَتَحَمَّلُ الْعَمْدَ اهـ.
قَالَ فِي النِّهَايَةِ، فَإِنْ قُلْتُ: لِمَ لَمْ يَجِبْ الْقِصَاصُ هَاهُنَا عَلَى الْمَرْأَةِ مَعَ أَنَّ الْقَطْعَ كَانَ عَمْدًا، وَهِيَ قَتْلٌ مِنْ الِابْتِدَاءِ فَإِذَا مَاتَ ظَهَرَ أَنَّ الْمُوجَبَ الْأَصْلِيَّ هُوَ الْقِصَاصُ وَلَمَّا لَمْ يَصْلُحْ الْقِصَاصُ مَهْرًا صَارَ كَأَنَّهُ تَزَوَّجَ، وَلَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا وَفِيهِ الْقِصَاصُ فَكَذَا هَاهُنَا؟ .
قُلْتُ: نَعَمْ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا جَعَلَ الْقِصَاصَ مَهْرًا جَعَلَ وِلَايَةَ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ لِلْمَرْأَةِ، وَلَوْ اسْتَوْفَتْ الْقِصَاصَ تَسْتَوْفِيهِ مِنْ نَفْسِهَا، وَهُوَ مُحَالٌ وَلَمَّا سَقَطَ الْقِصَاصُ بَقِيَ النِّكَاحُ بِلَا تَسْمِيَةٍ فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ كَمَا إذَا لَمْ يُسَمِّ ابْتِدَاءً اهـ.
وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى مُوجَبِ الْقَطْعِ جَازَ، فَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا أَوْ مَاتَ عَلَيْهَا سَلَّمَ لَهَا جَمِيعَ الْأَرْشِ، وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا سُلِّمَ لَهَا مِنْ ذَلِكَ أَلْفَانِ وَخَمْسُمِائَةٍ وَرُدَّ عَلَى الزَّوْجِ أَلْفَانِ وَخَمْسُمِائَةٍ؛ لِأَنَّهُ تَزَوَّجَهَا فِي الْحَاصِلِ عَلَى خَمْسَةِ آلَافِ، فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا يُسَلِّمُ لَهَا نِصْفَ ذَلِكَ وَيَلْزَمُهَا أَنْ تَرُدَّ النِّصْفَ عَلَى الزَّوْجِ هَذَا إذَا أُبْرِئَ مِنْ الْقَطْعِ، وَإِنْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ فَالتَّسْمِيَةُ بَاطِلَةٌ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ مَهْرُ مِثْلِهَا الْمُفِيدِ أَنَّهُ بَعْدَ الدُّخُولِ لَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَهَا الْمُتْعَةُ ثُمَّ الْقِيَاسُ أَنْ لَا تَجِبَ عَلَيْهَا الدِّيَةُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ تَجِبُ الدِّيَةُ فِي

نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 8  صفحه : 361
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست