responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 8  صفحه : 332
يُشْكِلَ الدَّلِيلُ الْمَزْبُورُ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ فِي جِنَايَةِ الْفِعْل أَوْ جِنَايَةِ الْمَحِلِّ.
وَكَوْنُ الْجِنَايَةِ عَلَى الْمَحِلِّ يَسْتَوِي فِيهَا الْعَمْدُ وَالْخَطَأُ إنَّمَا يُفِيدُ لَوْ وَرَدَ السُّؤَالُ عَلَى أَصْلِ الْمُدَّعَى، فَإِنَّهُ يُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ حِينَئِذٍ بِأَنَّ مَا قُلْنَاهُ فِي جِنَايَةِ الْفِعْلِ دُونَ جِنَايَةِ الْمَحِلِّ وَقَتْلُ صَيْدِ الْحَرَمِ مِنْ قَبِيلِ الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّهُ قَدْ تَقَرَّرَ فِي كُتُبِ أُصُولِ الْفِقْهِ أَنَّ الْكَفَّارَةَ جَزَاءُ الْفِعْلِ مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ لَا جَزَاءُ الْمَحِلِّ أَصْلًا فَلَوْ كَانَ قَتْلُ صَيْدِ الْحَرَمِ جِنَايَةً عَلَى الْمَحِلِّ لَا جِنَايَةَ الْفِعْلِ لَزِمَ أَنْ لَا تَصْلُحَ الْكَفَّارَةُ لِكَوْنِ الْكَفَّارَةِ جَزَاءَ الْفِعْلِ مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ لَا جَزَاءَ الْمَحِلِّ أَصْلًا وَلَا يُمْكِنُ قِيَاسُهُ عَلَى الْخَطَإِ؛ لِأَنَّهُ دُونَهُ فِي الْإِثْمِ فَشَرَعَهُ لِدَفْعِ الْأَدْنَى لَا يَدُلُّ عَلَى دَفْعِ الْأَعْلَى وَلِأَنَّ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ وَعِيدًا مُحْكَمًا وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ يَرْتَفِعُ الْمَأْثَمُ فِيهِ بِالْكَفَّارَةِ مَعَ وُجُودِ الشِّدَّةِ فِي الْوَعِيدِ بِنَصٍّ قَاطِعٍ لَا شُبْهَةَ فِيهِ وَمَنْ ادَّعَى ذَلِكَ مُحْكَمًا فِيهِ بِلَا دَلِيلٍ وَلِأَنَّ الْكَفَّارَةَ مِنْ الْمَقْدُورَاتِ فَلَا يَجُوزُ إثْبَاتُهَا بِالْقِيَاسِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ وَلِأَنَّ قَوْله تَعَالَى {فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} [النساء: 93] الْآيَةَ كُلُّ مُوجِبِهِ إذْ هُوَ مَذْكُورٌ فِي سِيَاقِ الْجَزَاءِ لِلشَّرْطِ فَتَكُونُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ نَسْخًا وَلَا يَجُوزُ بِالرَّأْيِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَشِبْهُهُ وَهُوَ أَنْ يَتَعَمَّدَ ضَرْبَهُ بِغَيْرِ مَا ذُكِرَ الْإِثْمُ وَالْكَفَّارَةُ عَلَى الْقَاتِلِ وَدِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ لَا الْقَوَدُ) أَيْ مُوجِبُ الْقَتْلِ شِبْهِ الْعَمْدِ الْإِثْمُ وَالْكَفَّارَةُ عَلَى الْقَاتِلِ وَالدِّيَةُ الْمُغَلَّظَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَلَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ. وَقَوْلُهُ وَهُوَ أَنْ يَتَعَمَّدَ ضَرْبَهُ بِغَيْرِ مَا ذُكِرَ أَيْ بِغَيْرِ مَا ذُكِرَ فِي الْعَمْدِ وَاَلَّذِي فِي الْعَمْدِ هُوَ الْمُحَدَّدُ وَغَيْرُهُ هُوَ الَّذِي لَا حَدَّ لَهُ مِنْ الْأَدِلَّةِ وَكَالْحَجَرِ وَالْعَصَا وَكُلُّ شَيْءٍ لَيْسَ لَهُ حَدٌّ يُفَرِّقُ الْأَجْزَاءَ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ شِبْهُ الْعَمْدِ عِنْدَ الْإِمَامِ تَعَمَّدَ الضَّرْبَ بِمَا لَيْسَ بِسِلَاحٍ وَلَا هُوَ فِي مَعْنَى السِّلَاحِ فِي تَفْرِيقِ الْأَجْزَاءِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَيَكُونُ قَصْدُهُ الضَّرْبَ وَالتَّأْدِيبَ، وَقَالَا إذَا ضَرَبَهُ بِحَجَرٍ عَظِيمٍ أَوْ بِخَشَبَةٍ عَظِيمَةٍ فَهُوَ عَمْدٌ وَشِبْهُ الْعَمْدِ أَنْ يَتَعَمَّدَ ضَرْبَهُ بِمَا لَا يُقْتَلُ بِهِ غَالِبًا وَلَهُمَا أَنَّ مَعْنَى الْعَمْدِيَّةِ يَتَقَاصَرُ بِاسْتِعْمَالِ آلَةٍ لَا تَقْتُلُ غَالِبًا؛ لِأَنَّهُ يَقْصِدُ بِهِ التَّأْدِيبَ، أَمَّا الَّتِي تَقْتُلُ غَالِبًا كَالسَّيْفِ فَكَانَ عَمْدًا فَوَجَبَ الْقَوَدُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - رَضَّ بَيْن حَجَرَيْنِ رَأْسَ يَهُودِيٍّ وَرَضَّ رَأْسَ صَبِيٍّ بَيْنَ حَجَرَيْنِ، وَكَذَا قَتَلَ الْمَرْأَةَ الَّتِي قَتَلَتْ امْرَأَةً بِمِسْطَحٍ وَهُوَ عَمُودُ الْفُسْطَاطِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَلَا إنَّ قَتِيلَ خَطَإِ الْعَمْدِ قَتِيلُ السَّوْطِ وَالْعَصَا وَالْحَجَرِ وَفِيهِ دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ مِنْهَا أَرْبَعُونَ خِلْفَةً فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا وَبِإِطْلَاقِهِ يَتَنَاوَلُ الْعَصَا الْكَبِيرَ وَالْكَلَامُ فِي مِثْلِهَا وَلِأَنَّ قَضِيَّةَ الْقَتْلِ أَمْرٌ مُبَطَّنٌ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِدَلِيلٍ وَهُوَ اسْتِعْمَالُ الْآلَةِ الْقَاتِلَةِ عَلَى مَا بَيَّنَّا، وَهَذِهِ الْآلَةُ لَا تَصْلُحُ دَلِيلًا عَلَى قَصْدِ الْقَتْلِ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَوْضُوعَةٍ لَهُ وَلَا مُسْتَعْمَلَةٌ فِيهِ إذْ لَا يُمْكِنُ الْقَتْلُ بِهَا عَلَى غَفْلَةٍ مِنْهُ وَلَا يَقَعُ الْقَتْلُ بِهَا غَالِبًا فَقُدِّمَتْ الْعَمْدِيَّةُ كَذَلِكَ فَصَارَ كَالْعَصَا الصَّغِيرِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ مَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ وَهُوَ الْآلَةُ الْمَحْدُودَةُ لَا يَخْتَلِفُ بَيْنَ الصَّغِيرِ مِنْهُمَا وَالْكَبِيرِ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ صَالِحٌ لِلْقَتْلِ لِتَخْرِيبِ الْبِنْيَةِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا فَكَذَا مَا لَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ وَجَبَ أَنْ يُسَوَّى بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنْهُ حَتَّى لَا يُوجِبَ الْكُلُّ الْقِصَاصَ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعَدٍّ لِلْقَتْلِ وَلَا صَالِحَ لَهُ لِعَدَمِ نَقْضِ الْبِنْيَةِ ظَاهِرًا وَكَانَ فِي قَصْدِ الْقَتْلِ شَكٌّ لِمَا فِيهِ مِنْ الْقُصُورِ وَالْقِصَاصُ نِهَايَةٌ فِي الْعُقُوبَةِ فَلَا يَجِبُ مَعَ الشَّكِّ.
وَمَا رَوَيَاهُ مِنْ رَضِّ الْيَهُودِيِّ يَحْتَمِلُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِمَ أَنَّ الْيَهُودِيَّ كَانَ قَاطِعَ الطَّرِيقِ إذَا قَتَلَ بِسَوْطٍ أَوْ عَصًا أَوْ غَيْرِهِ بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ يُقْتَلُ بِهِ حَدًّا وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ جَعَلَهُ كَقَاطِعِ الطَّرِيقِ لِكَوْنِهِ سَاعِيًا فِي الْأَرْضِ بِالْفَسَادِ فَقَتَلَهُ حَدًّا كَمَا يُقْتَلُ قَاطِعُ الطَّرِيقِ، فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ أَنْ يُلْحَقَ بِهِ عَلَى مَا بَيَّنَّا فِي قَاطِعِ الطَّرِيقِ. وَأَمَّا حَدِيثُ الْمَرْأَةِ، فَقَالَ عُبَيْدُ بْنُ فَضِيلَةَ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ «أَنَّ امْرَأَتَيْنِ ضَرَبَتْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِعَمُودِ الْفُسْطَاطِ فَقَتَلَتْهَا فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالدِّيَةِ عَلَى عَصَبَةِ الْقَاتِلَةِ وَقَضَى فِيمَا فِي بَطْنِهَا بِغُرَّةٍ، فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ أَغْرَمُ مَنْ لَا طَعِمَ وَلَا شَرِبَ وَلَا صَاحَ فَاسْتَهَلَّ وَمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلُّ، فَقَالَ أَسَجْعٌ كَسَجْعِ الْأَعْرَابِ، وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ هَذَا مِنْ إخْوَانِ الْكُهَّانِ» مِنْ أَجْلِ سَجْعِهِ فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ مَا رَوَيَاهُ غَيْرُ صَحِيحٍ وَاَلَّذِي يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ حَمَلُ بْنُ مَالِكٍ عَلَى زَعْمِهِمْ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا «قَالَ حَمَلُ بْنُ مَالِكٍ كُنْت بَيْنَ بِنْتَيْ امْرَأَتِي فَضَرَبَتْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِمِسْطَحٍ فَقَتَلَتْهَا وَجَنِينَهَا فَقَضَى رَسُولُ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي جَنِينِهَا بِغُرَّةٍ وَأَنْ تُقْتَلَ بِهِ» هَكَذَا رَوَوْهُ، وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «اقْتَتَلَتْ امْرَأَتَانِ مِنْ هُذَيْلٍ فَضَرَبَتْ أَحَدُهُمَا الْأُخْرَى بِحَجَرٍ فَقَتَلَتْهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا فَاخْتَصَمُوا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَضَى أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا عَبْدٌ وَقَضَى بِدِيَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى

نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 8  صفحه : 332
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست