responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 8  صفحه : 329
عَلَى إصَابَةِ الْحَائِطِ لَا عَلَى الرَّمْيِ السَّابِقِ؛ لِأَنَّهُ آخِرُ السَّبَبَيْنِ وَالْحُكْمُ يُضَافُ فِي آخِرِ السَّبَبَيْنِ وُجُودًا، وَقَدْ تَخَلَّلَ بَيْنَ الرَّمْيِ وَالْإِصَابَةِ الْأَخِيرَةِ إصَابَةُ الْحَائِطِ فَقَطَعَ حُكْمَ الْإِصَابَةِ الْأَخِيرَةِ عَلَى الرَّمْيِ السَّابِقِ، وَلَوْ لَفَّ ثَوْبًا فَضَرَبَ بِهِ رَأْسَ إنْسَانٍ فَشَجَّهُ مُوضِحَةً فَهُوَ عَمْدٌ سَوَاءٌ اقْتَصَرَ عَلَى الشَّجَّةِ أَوْ مَاتَ؛ لِأَنَّهُ أَصَابَ مَا تَعَمَّدَ بِهِ، وَقَدْ عَمِلَتْ الْآلَامُ عَمَلَهَا أَثَّرَتْ فِي الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ جَمِيعًا، وَقَدْ مَاتَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُجْرَحَ قَالَ صَارَ خَطَأً، وَقَالَ مُحَمَّدٌ فِي الدِّيَاتِ رَجُلٌ ضَرَبَ رَجُلًا بِسَيْفٍ بِغِمْدِهِ فَخَرَقَ السَّيْفُ الْغِمْدَ فَقَتَلَهُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا قَوَدَ عَلَيْهِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ إنْ كَانَ الْغِمْدُ يَقْتُلُ لَوْ ضُرِبَ بِهِ وَحْدَهُ يُقْتَلُ؛ لِأَنَّ الْغِمْدَ لَا يُقْصَدُ بِهِ إلَّا الضَّرْبُ إذَا كَانَ يَقْتُلُ بِهِ وَهُوَ قَاصِدٌ إلَى الْقَتْلِ، وَقَدْ أَصَابَ الْمَقْتَلَ فَوَجَبَ الْقِصَاصُ لِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ أَصَابَ الضَّرْبَ دُونَ الْقَتْلِ؛ لِأَنَّ الْغِمْدَ لَا يُقْصَدُ بِهِ إلَّا الضَّرْبُ عَادَةً فَصُورَةُ الْخَطَإِ هُوَ أَنْ يُصِيبَ خِلَافَ مَا قَصَدَ.

وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى رَجُلٌ ضَرَبَ رَجُلًا بِإِبْرَةٍ أَوْ بِشَيْءٍ يُشْبِهُ الْإِبْرَةَ تَعَمُّدًا فَقَتَلَهُ فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ، وَإِنْ ضَرَبَهُ بِمِسَلَّةٍ أَوْ نَحْوِهَا فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَةَ مِمَّا لَا يُقْصَدُ بِهَا الْقَتْلُ عَادَةً، وَإِنْ كَانَتْ الْآلَةُ جَارِحَةً؛ لِأَنَّ آلَةَ الْخِيَاطَةِ دُونَ الْقَتْلِ، فَإِذَا تَمَكَّنَتْ فِيهِ شُبْهَةُ عَدَمِ الْعَمْدِيَّةِ امْتَنَعَ وُجُوبُ مَا لَا يُجَامَعُ فَأَمَّا الْمِسَلَّةُ فَهِيَ آلَةٌ جَارِحَةٌ يُقْصَدُ بِهَا الْقَتْلُ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْهُ أَنَّهُ إنْ غَرَزَ بِالْإِبْرَةِ فِي الْمَقْتَلِ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ غَرْزَ الْإِبْرَةِ فِي الْمَقْتَلِ يُقْصَدُ بِهِ الْقَتْلُ لَا التَّأْدِيبُ.

وَفِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى ضَرَبَ بِحَدِيدٍ أَوْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ شِبْهِهِ أَوْ نُحَاسٍ أَوْ رَصَاصٍ أَوْ صُفْرٍ فَجَرَحَهُ وَمَاتَ أَنَّهُ يُقْتَلُ، وَإِنْ رَمَاهُ بِصَنْجَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَجَرَحَهُ أَوْ لَمْ يَجْرَحْهُ فَمَاتَ مِنْهُ قُتِلَ، وَلَوْ ضَرَبَ بِعَصًا رَأْسُهَا مُضَبَّبٌ بِالْحَدِيدِ، وَقَدْ أَصَابَ الْحَدِيدُ حَتَّى جَرَحَهُ أَوْ أَزْهَقَ سَائِرَ جَسَدِهِ أَوْ ضَرَبَهُ بِقُفَّةٍ حَدِيدٍ أَوْ شِبْهِهِ أَوْ بِقِدْرٍ حَدِيدٍ فَمَاتَ مِنْهُ قُتِلَ، وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى قِيَاسِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَلَى مَا بَيَّنَّا. وَلَوْ ضَرَبَهُ بِعَصًا مِنْ خَشَبٍ قَادَ مَعَهُ أَوْ بِحَجَرٍ غَيْرِ مَمْدُودٍ لَا يُقْتَلُ، وَإِنْ كَانَ مَمْدُودًا حَتَّى جَرَحَهُ يُقْتَلُ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْمُجَرَّدِ لَوْ أَلْقَى رَجُلًا فِي الْمَاءِ، ثُمَّ أُخْرِجَ وَبِهِ رَمَقٌ فَمَكَثَ أَيَّامًا حَتَّى مَاتَ يُقْتَلُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ يَجِيءُ وَيَذْهَبُ حَتَّى مَاتَ لَمْ يُقْتَلْ، وَلَوْ قَمَطَ رَجُلًا وَأَلْقَاهُ فِي الْبَحْرِ فَغَرِقَ تَجِبُ الدِّيَةُ، وَلَوْ سَبَحَ سِبَاحَةً، ثُمَّ غَرِقَ لَا دِيَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ غَرِقَ بِعَجْزِهِ وَفِي الْأَوَّلِ نَظَرٌ جَيِّدٌ.

وَفِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى مَا يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي سَبَبٍ دُونَ سَبَبٍ لَفَّ ثَوْبًا فَضَرَبَ بِهِ رَأْسَ رَجُلٍ فَشَجَّهُ مُوضِحًا وَجَبَ الْقِصَاصُ، وَلَوْ مَاتَ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ، وَلَوْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ يَجِبُ الْقِصَاصُ وَمَا يَجِبُ فِي سَبَبِهِ وَمُسَبِّبِهِ أَنْ شَجَّهُ مُوضِحَةً بِحَدِيدٍ فِيهَا قِصَاصٌ، وَإِنْ مَاتَ مِنْهَا يَجِبُ الْقِصَاصُ وَعَلَى عَكْسِهِ مَا لَا يَجِبُ فِي سَبَبٍ وَلَا فِي مُسَبِّبِهِ أَنْ يَجْرَحَهُ بِخَشَبَةٍ عَظِيمَةٍ فَلَا يَجِبُ الْقِصَاصُ، وَلَوْ مَاتَ كَذَلِكَ، وَفِي الْأَجْنَاسِ وَمَا لَيْسَ بِسِلَاحٍ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ عَمْدٌ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ قَوْلَهُ مُوجِبُ هَذَا أَثَرُ الْعَمْدِ وَالْأَثَرُ مُتَأَخِّرُ وَفَصَلَ بَيْنَ الْمُبْتَدَإِ وَهُوَ قَوْلُهُ مُوجِبُهُ وَخَبَرِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ وَالْإِثْمُ بِأَجْنَبِيٍّ وَهُوَ قَوْلُهُ أَنْ يَتَعَمَّدَ الضَّمِيرَ جَازَ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْمُضَافِ وَأَنْ يَرْجِعَ إلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ، وَالضَّمِيرُ إذَا احْتَمَلَ فَسَدَ الْمَعْنَى عَلَى أَحَدِ الِاحْتِمَالَيْنِ فَيَتَعَيَّنُ الْإِظْهَارُ بِأَنْ يَقُولَ الْعَمْدُ أَنْ يَتَعَمَّدَ وَعَبَّرَ بِقَوْلِهِ مُوجِبُهُ دُونَ أَنْ يَقُولَ حُكْمُهُ وَأَثَرُهُ لِيُفِيدَ أَنَّ صِفَتَهُ الْوُجُوبُ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْأَحْكَامُ لَا الْحَقَائِقُ فَكَذَا قَدَّمَ الْحُكْمَ عَلَى التَّعْرِيفِ، وَهَذَا فَصْلٌ بِغَيْرِ أَجْنَبِيٍّ فَلَا يَضُرُّ وَالضَّمِيرُ يَرْجِعُ إلَى الْأَقْرَبِ وَهُوَ الْقَتْلُ؛ لِأَنَّهُ مَحِلٌّ لِلتَّعَمُّدِ فَلَا فَسَادَ. قَوْلُهُ ضَرَبَهُ أَيْ ضَرَبَ الْمَقْتُولَ قَالُوا فَيَخْرُجُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ قَوْلُهُ ضَرَبَهُ أَيْ ضَرَبَ الْمَقْتُولَ قَالَهُ قَاضِي زَادَهْ أَقُولُ: بِرَدٍّ عَلَى الْمَقْتُولِ فِي الْمُنْتَقَى كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمُحِيطِ إذَا تَعَمَّدَ أَنْ يَضْرِبَ يَدَ رَجُلٍ فَأَخْطَأَ فَأَصَابَ عُنُقَ ذَلِكَ الرَّجُلِ، فَإِنْ بَانَ رَأْسُهُ وَقَتَلَهُ فَهُوَ عَمْدٌ وَفِيهِ الْقَوَدُ، وَإِنْ أَصَابَ عُنُقَ غَيْرِهِ فَهُوَ خَطَأٌ، وَوَجْهُ الْوُرُودِ أَنَّهُ لَمْ يَتَعَمَّدْ الْقَتْلَ بَلْ تَعَمَّدَ ضَرْبَ الْيَدِ وَجَرَى عَمْدًا فَظَهَرَ أَنَّ الشَّرْطَ، وَلَوْ لِلْقَطْعِ لَا لِتَقْيِيدِ الْقَتْلِ كَمَا قَالُوا أَمَّا اشْتِرَاطُ الْعَمْدِ فَلِأَنَّ الْجِنَايَةَ لَا تَتَحَقَّقُ دُونَهَا وَلَا بُدَّ مِنْهَا لِيَتَرَتَّب عَلَيْهَا الْعُقُوبَةُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ» الْحَدِيثَ.

وَأَمَّا اشْتِرَاطُ السِّلَاحِ فَلِأَنَّ الْعَمْدَ هُوَ الْقَصْدُ وَهُوَ فِعْلٌ قَدْ لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ يَخْفَى فَأُقِيمَ اسْتِعْمَالُ الْآلَةِ الْقَاتِلَةِ غَالِبًا مَقَامَهُ، وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ إذَا قَتَلَ بِهَذِهِ الْآلَةِ، ثُمَّ قَالَ لَمْ أَقْصِدْ قَتْلَهُ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ وَالْمَنْقُولُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ قَالَ فِي الْمُجَرَّدِ قَتَلْت فُلَانًا بِسَيْفِي ثُمَّ قَالَ إنَّمَا أَرَدْت غَيْرَهُ فَأَصَابَتْهُ دُرِئَ عَنْهُ الْقِصَاصُ وَلَا يَخْفَى عَدَمُ الْوُرُودِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ ضَرَبَهُ لَا أَنْ يَتَعَمَّدَ قَتْلَهُ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ تَعَمُّدٌ لِلضَّرْبِ لَا تَعَمُّدٌ لِلْقَتْلِ بِدَلِيلِ تَعَمُّدِ قَطْعِ الْيَدِ أَقُولُ: فِيهِ بَحْثٌ وَهُوَ أَنَّ هَذَا الْقَدْرَ مِنْ التَّعْلِيلِ يُشْكِلُ بِمَا إذَا اسْتَعْمَلَ الْآلَةَ

نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 8  صفحه : 329
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست