responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 8  صفحه : 308
صَاحِبُ الْعِنَايَةِ قَوْلُهُ افْتَكَّهُ جَبْرًا عَنْ الرَّاهِنِ قِيلَ مَعْنَاهُ مِنْ غَيْرِ رِضَاهُ، وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ، وَقِيلَ نِيَابَةً وَلَعَلَّهُ مِنْ الْجُبْرَانِ يَعْنِي جُبْرَانًا لِمَا فَاتَ عَنْ الرَّهْنِ مِنْ الْقَضَاءِ بِنَفْسِهِ اهـ.
أَقُولُ: فِيهِ كَلَامٌ أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ مَا اخْتَارَهُ مِنْ الْمَعْنَى لَا يَتَمَشَّى فِيمَا إذَا أَرَادَ أَنْ يَفْتَكَّهُ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِ دَيْنِ الرَّاهِنِ إذَا لَمْ يَفُتْ عَنْ الرَّاهِنِ بِإِزَاءِ ذَاكَ الْقَضَاءِ بِنَفْسِهِ لِعَدَمِ مَجِيءِ أَوَانِهِ حَتَّى يَكُونَ افْتِكَاكُ الْمُعِيرِ الرَّهْنَ هُنَاكَ بِقَضَاءِ دَيْنِ الرَّاهِنِ جُبْرَانًا لِمَا فَاتَ عَنْهُ مِنْ الْقَضَاءِ بِنَفْسِهِ مَعَ أَنَّ تِلْكَ الصُّورَةَ أَيْضًا دَاخِلَةٌ فِي جَوَابِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّهُ لَمْ يُسْمَعْ فِي الْعَرَبِيَّةِ جَبْرٌ عَنْهُ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الْجَبْرِ بِمَعْنَى الْقَهْرِ أَوْ مِنْ الْجَبْرِ بِمَعْنَى الْجُبْرَانِ، وَمَحِلُّ الْإِغْلَاقِ فِي تَرْكِيبِ الْمُصَنِّفِ إنَّمَا هُوَ كَلِمَةُ عَنْ الدَّاخِلَةُ عَلَى الرَّهْنِ لَا لِكَوْنِ الْجَبْرِ بِمَعْنَى الْقَهْرِ إذْ هُوَ مُتَحَقِّقٌ فِي مَسْأَلَتِنَا بِالنَّظَرِ إلَى الْمُرْتَهِنِ وَعَلَى الْمَعْنَى الَّذِي اخْتَارَهُ لَا يَظْهَرُ لِكَلِمَةِ عَنْ مُتَعَلَّقٌ إلَّا أَنْ يُصَارَ إلَى تَقْدِيرٍ لِمَا فَاتَ جُمْلَةً وَجَعْلِهِ كَلِمَةَ عَنْ مُتَعَلِّقَةً بِلَفْظِ فَاتَ الْمُنْدَرِجُ فِي ذَلِكَ وَلَا يَخْفَى بُعْدُهُ جِدًّا فَكَيْفَ يَرْتَكِبُ مَعَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ بِتَقْدِيرِ مُتَعَلَّقِ كَلِمَةِ عَنْ نِيَابَةً وَحْدَهُ كَمَا فَعَلَهُ صَاحِبُ الْكِفَايَةِ.
وَظَهَرَ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ أَنَّ قَوْلَ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ مِثْلُ الدَّيْنِ قَيْدٌ اتِّفَاقِيٌّ لَا احْتِرَازِيٌّ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَجِنَايَةُ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ عَلَى الرَّهْنِ مَضْمُونَةٌ) ؛ لِأَنَّ حَقَّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُحْتَرَمٌ فَيَجِبُ عَلَيْهِ ضَمَانُ مَا أَتْلَفَ عَلَى صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ مَالِكٌ، وَقَدْ تَعَدَّى عَلَيْهِ الْمُرْتَهِنُ فَيَضْمَنُهُ وَالْمُرْتَهِنُ حَقُّهُ لَازِمٌ مُحْتَرَمٌ وَتَعَلَّقَ مِثْلُهُ بِالْمَالِ فَيُجْعَلُ الْمَالِكُ كَالْأَجْنَبِيِّ فِي حَقِّ الضَّمَانِ كَالْعَبْدِ الْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ إذَا أَتْلَفَهُ الْوَرَثَةُ ضَمِنُوا قِيمَتَهُ لِيَشْتَرِيَ بِهِ عَبْدًا يَقُومُ مَقَامَ الْأَوَّلِ وَلِهَذَا يُمْنَعُ الْمَرِيضُ مِنْ التَّبَرُّعِ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ، ثُمَّ الْمُرْتَهِنُ يَأْخُذُ الضَّمَانَ بِدَيْنِهِ إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِ وَكَانَ الدَّيْنُ حَالًّا، وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا يَحْبِسُهُ بِالدَّيْنِ، فَإِذَا حَلَّ بِدَيْنِهِ إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ وَإِلَّا حَبَسَهُ بِدَيْنِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ دَيْنَهُ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُؤَلِّفُ لِمَا إذَا جَنَى الرَّهْنُ عَلَى الْحُرِّ الْأَجْنَبِيِّ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ الْعَبْدُ الرَّهْنُ قَتَلَ رَجُلًا خَطَأً فَهَذَا لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ الدَّيْنِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ الدَّيْنِ فَالرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ يُخَاطَبَانِ بِالدَّفْعِ أَوْ الْفِدَاءِ؛ لِأَنَّ لِأَحَدِهِمَا حَقِيقَةَ مِلْكٍ وَلِلْآخِرِ حَقٌّ يُضَاهِي حَقِيقَةَ الْمِلْكِ فَانْتَصَبَا خَصْمًا فَاشْتُرِطَ اجْتِمَاعُهُمَا فِي خِطَابِ الدَّفْعِ أَوْ الْفِدَاءِ، فَإِنْ دَفَعَاهُ بَطَلَ الدَّيْنُ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ زَالَ عَنْ مِلْكِ الرَّاهِنِ بِسَبَبٍ كَانَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ، وَفِي ضَمَانِهِ فَصَارَ كَمَا لَوْ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ فَيَتَقَرَّرُ الِاسْتِيفَاءُ.
فَإِنْ اخْتَارَ أَحَدُهُمَا الدَّفْعَ وَأَبَى الْآخَرُ لَا يَدْفَعُ؛ لِأَنَّهُ إنْ اخْتَارَ الرَّاهِنُ الدَّفْعَ فَقَدْ رَامَ إزَالَةَ مِلْكِ الرَّاهِنِ بِغَيْرِ رِضَاهُ فَيُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ فَالْفِدَاءُ كُلُّهُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّ الْفِدَاءَ لِدَفْعِ الْهَلَاكِ عَنْ الْعَبْدِ وَأَحْيَا بِهِ حَقَّهُ لِتَطْهِيرِهِ عَنْ الْجِنَايَةِ كَاتِّخَاذِ الدَّوَاءِ لِدَفْعِ الْهَلَاكِ وَثَمَنُ الدَّوَاءِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْهَلَاكَ عَلَيْهِ فَكَذَلِكَ الْفِدَاءُ وَصَارَ كَالْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ إذَا جَنَى فَالْجِنَايَةُ عَلَى الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّ الْهَلَاكَ عَلَيْهِ فَكَذَا هَذَا وَلَا يَرْجِعُ بِالْفِدَاءِ عَلَى الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّهُ قَضَى حَقًّا وَاجِبًا عَلَيْهِ، وَإِنْ فَدَاهُ الرَّاهِنُ كَانَ قَضَاءً بِالدَّيْنِ إنْ بَلَغَ الْفِدَاءُ كُلَّ الدَّيْنِ وَلَا يَبْقَى رَهْنًا، وَإِنْ بَلَغَ بَعْضُهُ فَبِقَدْرِهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَبَرِّعٍ فِي الْفِدَاءِ؛ لِأَنَّ فِيهِ اسْتِصْلَاحَ مِلْكِهِ وَاسْتِخْلَاصَ حَقِّهِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ مَشْغُولٌ بِالْجِنَايَةِ وَالْعَبْدُ يَظْهَرُ عَنْ الْجِنَايَةِ وَيَحْيَى مِلْكُهُ وَالْمَالِكُ لَا يُوصَفُ بِالتَّبَرُّعِ فِي إصْلَاحِ مِلْكِهِ وَإِحْيَائِهِ فَقَدْ قَضَى وَاجِبًا عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَهُوَ مُضْطَرٌّ فِيهِ فَكَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ كَمَنْ أَعَارَهُ عِنْدَ رَهْنِهِ بِدَيْنِهِ، ثُمَّ قَضَى الْمُعِيرُ دَيْنَ الْمُسْتَعِيرِ يَرْجِعُ بِمَا قَضَى عَلَى الْمُسْتَعِيرِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى تَخْلِيصِ مِلْكِهِ فَيُطَهِّرُهُ عَنْ شَغْلِ الرَّهْنِ فَكَذَا هَذَا، فَإِنْ هَلَكَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَمَا فَدَاهُ الرَّاهِنُ يَرُدُّ عَلَى الرَّاهِنِ الْفِدَاءَ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ بَرِيءٌ عَنْ الدَّيْنِ بِالْإِيفَاءِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُوَفِّيًا دَيْنَهُ بِالْفِدَاءِ، قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا إنَّهُ يَرُدُّ الْأَلْفَ الْمُسْتَوْفَاةَ بِهَلَاكِ الرَّهْنِ وَمَا وُجِدَ بَعْدَ الْأَلْفِ لَمْ يَسْتَنِدْ إلَى وَقْتِ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ لِلْفِدَاءِ حُكْمَ الْجِنَايَةِ وَالْجِنَايَةُ فِعْلٌ حَقِيقِيٌّ لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ وَالْإِسْنَادُ لَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي لَا تَحْتَمِلُ النَّقْضَ فَاحْتَمَلَ فَاقْتَصَرَ الِاسْتِيفَاءُ بِالْهَلَاكِ عَلَى الْحَالِ، وَإِنْ كَانَ الِاسْتِيفَاءُ بِالْهَلَاكِ آخِرَهُمَا فَيَرُدُّ مَا اسْتَوْفَاهُ آخِرًا وَصَارَ كَمَا.
لَوْ رَهَنَ بِالْمَهْرِ أَوْ بِبَدَلِ الْخُلْعِ، ثُمَّ اسْتَوْفَى الْمُرْتَهِنُ دَيْنَهُ، ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِهِ يَرُدُّ مَا قَبَضَ؛ لِأَنَّ قَضَاءَ الْمَهْرِ يَحْتَمِلُ النَّقْضَ، وَإِنْ كَانَ سَبَبُ وُجُوبِ الدَّيْنِ لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ وَهُوَ النِّكَاحُ وَالْخُلْعُ فَكَذَا هَذَا كُلُّهُ إذَا اخْتَارَ الْفِدَاءَ أَوْ الدَّفْعَ، فَإِنْ اخْتَارَ أَحَدُهُمَا الْفِدَاءَ وَالْآخَرُ الدَّفْعَ فَالْفِدَاءُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الَّذِي اخْتَارَ الدَّفْعَ مُتَعَنِّتٌ فِيهِ أَمَّا الرَّاهِنُ فَلِأَنَّ فِي الدَّفْعِ إبْطَالَ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ فِي الْحَبْسِ وَلَا يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْ الْعَبْدِ وَيَزُولُ مِلْكُهُ عَنْ الْفِدَاءِ إلَى خَلَفٍ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ

نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 8  صفحه : 308
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست