responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 8  صفحه : 258
أَصْلًا وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمَسْمُوعَ حِسُّهُ آدَمِيٌّ أَوْ حَيَوَانٌ أَهْلِيٌّ أَوْ ظَبْيٌ مُسْتَأْنِسٌ أَوْ مُوثَقٌ لَا يَحِلُّ الْمُصَابُ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ لَمْ يَقَعْ اصْطِيَادًا وَلَا يَقُومُ مَقَامَ الذَّكَاةِ وَلَوْ رَمَى إلَى الطَّائِرِ فَأَصَابَ غَيْرَهُ مِنْ الصُّيُودِ أَوْ فَرَّ الطَّائِرُ وَلَا يَدْرِي أَهُوَ وَحْشِيٌّ أَمْ لَا حَلَّ الْمُصَابُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ فِيهِ التَّوَحُّشُ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَمَى إلَى بَعِيرٍ فَأَصَابَ صَيْدًا وَلَا يَدْرِي أَهُوَ نَادٍّ أَمْ لَا حَيْثُ لَا يَحِلُّ الْمُصَابُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ الِاسْتِئْنَاسُ فَيُحْكَمُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِظَاهِرِ حَالِهِ وَلَوْ أَصَابَ الْمَسْمُوعَ حِسُّهُ وَقَدْ ظَنَّهُ آدَمِيًّا فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ صَيْدٌ حَلَّ؛ لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِظَنِّهِ مَعَ تَعَيُّنِهِ صَيْدًا ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَقَالَ فِي الْمُنْتَقَى: إذَا سَمِعَ حِسًّا بِاللَّيْلِ فَظَنَّ أَنَّهُ إنْسَانٌ أَوْ دَابَّةٌ أَوْ حَيَّةٌ فَرَمَاهُ فَإِذَا ذَاكَ الَّذِي سُمِعَ حِسُّهُ صَيْدٌ فَأَصَابَ سَهْمُهُ ذَلِكَ الصَّيْدَ الَّذِي سَمِعَ حِسَّهُ أَوْ أَصَابَ صَيْدًا آخَرَ فَقَتَلَهُ لَا يُؤْكَلُ؛ لِأَنَّهُ رَمَاهُ وَهُوَ لَا يَدْرِي الصَّيْدَ ثُمَّ قَالَ: وَلَا يَحِلُّ الصَّيْدُ إلَّا بِوَجْهَيْنِ أَنْ يَرْمِيَهُ وَهُوَ يُرِيدُ الصَّيْدَ، وَأَنْ يَكُونَ الَّذِي أَرَادَهُ وَسَمِعَ حِسَّهُ وَرَمَى إلَيْهِ صَيْدًا سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُؤْكَلُ أَوْ لَا وَهَذَا يُنَاقَضُ بِمَا ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَهَذَا أَوْجَهُ؛ لِأَنَّ الرَّمْيَ إلَى الْآدَمِيِّ وَنَحْوِهِ لَيْسَ بِاصْطِيَادٍ فَلَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُهُ وَلَوْ أَصَابَ صَيْدًا.
وَمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ يُنَاقِضُ مَا ذَكَرَهُ هُوَ بِنَفْسِهِ أَيْضًا مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ حِسُّ آدَمِيٍّ لَا يَحِلُّ الْمُصَابُ وَعَلَى اقْتِضَاءِ مَا ذَكَرَهُ هُنَاكَ أَنَّهُ يَحِلُّ؛ لِأَنَّ الْمُصَابَ صَيْدٌ كَمَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ فِيهَا صَيْدٌ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي النِّهَايَةِ بِفَرْقٍ غَيْرِ مُخْلَصٍ فَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِهِ وَقَالَ فِيهِ لَوْ رَمَى إلَى آدَمِيٍّ أَوْ بَقَرٍ وَنَحْوِهِ وَسَمَّى فَأَصَابَ صَيْدًا مَأْكُولًا لَا رِوَايَةَ لِهَذَا فِي الْأَصْلِ وَلِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ قَوْلَانِ فِي قَوْلٍ يَحِلُّ وَفِي قَوْلٍ لَا يَحِلُّ فَيُحْمَلُ مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ عَلَى رِوَايَةِ أَبِي يُوسُفَ فِيهِ فَيَسْتَقِيمُ وَلَا حَاجَةَ إلَى الْفَرْقِ وَلَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ صَاحِبُ الْحِسِّ مَا هُوَ لَا يَحِلُّ تَنَاوُلُ مَا أَصَابَهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَسْمُوعُ حِسُّهُ غَيْرَ صَيْدٍ فَلَا يَحِلُّ الْمُصَابُ بِالشَّكِّ، وَالْبَازِي وَالْفَهْدُ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا كَالْكَلْبِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَإِنْ أَدْرَكَهُ حَيًّا ذَكَّاهُ وَإِنْ لَمْ يُذَكِّهِ حَرُمَ) لِمَا رَوَيْنَا وَبَيَّنَّا فِي الْكَلْبِ مِنْ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ذَكَاةٌ اضْطِرَارًا فَيَكُونُ الْوَارِدُ فِي أَحَدِهِمَا وَارِدًا فِي الْآخَرِ دَلَالَةً لِاسْتِوَائِهِمَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (وَإِنْ وَقَعَ سَهْمٌ بِصَيْدٍ فَتَحَامَلَ وَغَابَ وَهُوَ فِي طَلَبِهِ حَلَّ وَإِنْ قَعَدَ عَنْ طَلَبِهِ ثُمَّ أَصَابَهُ مَيِّتًا لَا) يَعْنِي يَحْرُمُ أَكْلُهُ «لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِأَبِي ثَعْلَبَةَ إذَا رَمَيْتَ سَهْمَكَ فَغَابَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَأَدْرَكْتَهُ فَكُلْهُ مَا لَمْ يُنْتِنْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَأَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَوَرَدَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَرِهَ أَكْلَ الصَّيْدِ إذَا غَابَ عَنْ الرَّامِي وَقَالَ لَعَلَّ هَوَامَّ الْأَرْضِ قَتَلَتْهُ» فَيُحْمَلُ هَذَا عَلَى مَا إذَا قَعَدَ عَنْ طَلَبِهِ وَالْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَقْعُدْ وَلِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَمُوتَ بِسَبَبٍ آخَرَ فَيُعْتَبَرَ فِيمَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْمَوْهُومَ فِي الْمُحَرَّمَاتِ كَالْمُتَحَقَّقِ وَسَقَطَ اعْتِبَارُهُ فِيمَا لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ لِلضَّرُورَةِ؛ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ فِيهِ يُؤَدِّي إلَى سَدِّ بَابِ الِاصْطِيَادِ وَهَذَا لِأَنَّ الِاصْطِيَادَ يَكُونُ فِي الصَّحْرَاءِ بَيْنَ الْأَشْجَارِ عَادَةً وَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَقْتُلَهُ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ غَيْرِ انْتِقَالٍ وَتَوَارٍ عَنْ عَيْنِهِ غَالِبًا فَيُعْذَرُ مَا لَمْ يَقْعُدْ عَنْ طَلَبِهِ لِلضَّرُورَةِ لِعَدَمِ إمْكَانِ التَّحَرُّزِ عَنْهُ وَلَا يُعْذَرُ فِيمَا إذَا قَعَدَ عَنْ طَلَبِهِ؛ لِأَنَّ الِاحْتِرَازَ عَنْ مِثْلِهِ مُمْكِنٌ فَلَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ فَيَحْرُمُ وَهُوَ الْقِيَاسُ فِي الْكُلِّ إلَّا أَنَّا تَرَكْنَاهُ لِلضَّرُورَةِ فِيمَا لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ وَبَقِيَ عَلَى الْأَصْلِ فِيمَا يُمْكِنُ، وَجَعَلَ قَاضِي خان فِي فَتَاوِيهِ مِنْ شُرُوطِ حِلِّ الصَّيْدِ أَنْ لَا يَتَوَارَى عَنْ بَصَرِهِ.
وَقَالَ: لِأَنَّ الْغَالِبَ إذَا غَابَ الصَّيْدُ عَنْ بَصَرِهِ رُبَّمَا يَكُونُ مَوْتُ الصَّيْدِ بِسَبَبٍ آخَرَ فَلَا يَحِلُّ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - كُلْ مَا أَصْمَيْتَ وَدَعْ مَا أَنْمَيْتَ، وَالْإِصْمَاءُ مَا رَأَيْتَهُ وَالْإِنْمَاءُ مَا تَوَارَى عَنْكَ وَهَذَا نَصٌّ عَلَى أَنَّ الصَّيْدَ يَحْرُمُ بِالتَّوَارِي وَإِنْ لَمْ يَقْعُدْ عَنْ طَلَبِهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ أَيْضًا بِقَوْلِهِ وَاَلَّذِي رَوَيْنَاهُ حُجَّةٌ عَلَى مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي قَوْلِهِ إنَّ مَا تَوَارَى عَنْهُ إذَا لَمْ يَبِتْ لَيْلَةً لَا يَحِلُّ عِنْدَنَا وَإِنْ لَمْ يَقْعُدْ عَنْ طَلَبِهِ فَيَكُونُ مُنَاقِضًا لِقَوْلِهِ فِي أَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ وَإِذَا وَقَعَ السَّهْمُ بِالصَّيْدِ فَتَحَامَلَ حَتَّى غَابَ عَنْهُ وَلَمْ يَزَلْ فِي طَلَبِهِ حَتَّى أَصَابَهُ مَيِّتًا أُكِلَ وَإِنْ قَعَدَ عَنْ طَلَبِهِ ثُمَّ أَصَابَهُ مَيِّتًا لَمْ يُؤْكَلْ؛ فَبَنَى الْأَمْرَ عَلَى الطَّلَبِ وَعَدَمِهِ لَا عَلَى التَّوَارِي وَعَدَمِهِ وَعَلَى هَذَا التَّرْكِيبِ فُقَهَاءُ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَلَوْ حُمِلَ مَا ذَكَرَهُ عَلَى مَا إذَا قَعَدَ عَنْ طَلَبِهِ كَانَ يَسْتَقِيمُ وَلَمْ يَتَنَاقَضْ وَلَكِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَمَا رَوَيْنَا مِنْ الْحَدِيثِ يُبِيحُ مَا غَابَ عَنْهُ وَبَاتَ لَيَالِيَ فَيَكُونُ حُجَّةً عَلَى مَنْ مَنَعَ ذَلِكَ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ وَجَعَلَ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ مِنْ شُرُوطِ حِلِّ الصَّيْدِ أَنْ لَا يَتَوَارَى عَنْ بَصَرِهِ فَقَالَ؛ لِأَنَّهُ إذَا غَابَ عَنْ بَصَرِهِ رُبَّمَا يَكُونُ مَوْتُ الصَّيْدِ بِسَبَبٍ آخَرَ فَلَا يَحِلُّ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -

نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 8  صفحه : 258
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست