responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 6  صفحه : 87
أَنَّهُ يَكْتَفِي بِقَبْضِهِ عَنْ قَبْضِ الْمَبِيعِ لِلتَّفْصِيلِ قَالُوا إنْ كَانَ أَشْهَدَ وَقْتَ أَخْذِهِ أَنَّهُ أَخَذَهُ لِيَرُدَّهُ عَلَى مَالِكِهِ كَانَ أَمَانَةً فِي يَدِهِ فَلَا يَنُوبُ عَنْ قَبْضِ الْبَيْعِ فَلَوْ هَلَكَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَى سَيِّدِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ، وَيَرْجِعُ عَلَى سَيِّدِهِ بِالثَّمَنِ، وَلَوْ كَانَ لَمْ يُشْهِدْ صَارَ قَابِضًا لِأَنَّهُ قَبْضُ غَصْبٍ هَكَذَا اقْتَصَرَ الشَّارِحُونَ هُنَا، وَذَكَرَهُ فِي الذَّخِيرَةِ إذَا اشْتَرَى مَا هُوَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ مِنْ وَدِيعَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ قَابِضًا إلَّا إذَا ذَهَبَ الْمُودِعُ أَوْ الْمُسْتَعِيرُ إلَى الْعَيْنِ، وَانْتَهَى إلَى مَكَان يَتَمَكَّنُ مِنْ قَبْضِهِ الْآنَ يَصِيرُ الْمُشْتَرِي قَابِضًا بِالتَّخْلِيَةِ فَإِذَا هَلَكَ بَعْدَ ذَلِكَ يَهْلِكُ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي فَإِنْ فَعَلَ الْمُشْتَرِي فِي فَصْلِ الْوَدِيعَةِ، وَالْعَارِيَّةِ مَا يَكُونُ قَبْضًا ثُمَّ أَرَادَ الْبَائِعُ أَنْ يَحْبِسَهَا بِالثَّمَنِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمَّا بَاعَهُ مِنْهُ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّ الْمَبِيعَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، وَهُوَ يَتَمَكَّنُ مِنْ الْقَبْضِ يَصِيرُ رَاضِيًا بِقَبْضِ الْمُشْتَرِي دَلَالَةً. اهـ.
وَقَيَّدَ بِبَيْعِهِ مِمَّنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ عِنْدَهُ لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ مِنْ رَجُلٍ يَزْعُمُ أَنَّهُ عِنْدَ آخَرَ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ، وَلَكِنَّهُ فَاسِدٌ إذَا قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي مَلَكَهُ بِخِلَافِ بَيْعِ الْآبِقِ فَإِنَّهُ بَاطِلٌ فَلِذَا كَتَبْنَا فِي الْفَوَائِدِ الْفِقْهِيَّةِ أَنَّ بَيْعَ الْآبِقِ يَكُونُ بَاطِلًا وَفَاسِدًا، وَصَحِيحًا.

(قَوْلُهُ وَلَبَنِ امْرَأَةٍ) بِالْجَرِّ أَيْ لَمْ يَجُزْ بَيْعُ لَبَنِ الْمَرْأَةِ لِأَنَّهُ جُزْءُ الْآدَمِيِّ، وَهُوَ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ مُكَرَّمٌ مَصُونٌ عَنْ الِابْتِذَالِ بِالْبَيْعِ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ لَبَنَ الْحُرَّةِ، وَالْأَمَةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يَجُوزُ بَيْعُ لَبَنِ الْأَمَةِ لِجَوَازِ إيرَادِ الْبَيْعِ عَلَى نَفْسِهَا فَكَذَا عَلَى جُزْئِهَا قُلْنَا الرِّقُّ حِلُّ نَفْسِهَا فَأَمَّا اللَّبَنُ فَلَا رِقَّ فِيهِ لِأَنَّهُ يَخْتَصُّ بِمَحَلٍّ يَتَحَقَّقُ فِيهِ الْقُوَّةُ الَّتِي هِيَ ضِدُّهُ، وَهِيَ الْحَيُّ، وَلَا حَيَاةَ فِي اللَّبَنِ فَلَا يَكُونُ مَحَلًّا لِلْعِتْقِ، وَلَا لِلرِّقِّ فَكَذَا الْبَيْعُ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ فِي إنَاءٍ أَوْ لَا، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَيِّدَ مُرَادَهُ بِمَا إذَا كَانَ فِي وِعَاءٍ كَمَا قَيَّدَهُ فِي الْهِدَايَةِ لِأَنَّ حُكْمَ اللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ قَدْ تَقَدَّمَ.
وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ مُتْلِفُهُ لِكَوْنِهِ لَيْسَ بِمَالٍ، وَإِلَى أَنَّهُ لَا يَحِلُّ بِهِ التَّدَاوِي فِي الْعَيْنِ الرَّمْدَاءِ، وَفِيهِ قَوْلَانِ فَقِيلَ بِالْمَنْعِ، وَقِيلَ بِالْجَوَازِ إذَا عُلِمَ فِيهِ الشِّفَاءُ هَكَذَا نَقَلَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ هُنَا، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَأَهْلُ الطِّبِّ يُثْبِتُونَ نَفْعًا لِلَبَنِ الْبِنْتِ لِلْعَيْنِ، وَهَذِهِ مِنْ أَفْرَادِ مَسْأَلَةِ الِانْتِفَاعِ بِالْمُحَرَّمِ لِلتَّدَاوِي كَالْخَمْرِ، وَاخْتَارَ فِي الْخَانِيَّةِ وَالنِّهَايَةِ الْجَوَازَ إذَا عَلِمَ أَنَّ فِيهِ الشِّفَاءَ، وَلَمْ يَجِدْ دَوَاءً غَيْرَهُ، وَسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى تَمَامُهُ فِي الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ، وَقَيَّدَ بِلَبَنِ الْمَرْأَةِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ لَبَنِ الْأَنْعَامِ قَالَ الْإِمَامُ الرَّبَّانِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الشَّيْبَانِيُّ جَوَازُ إجَارَةِ الظِّئْرِ دَلِيلٌ عَلَى فَسَادِ بَيْعِ لَبَنِهَا، وَجَوَازُ بَيْعِ لَبَنِ الْأَنْعَامِ دَلِيلٌ عَلَى فَسَادِ إجَارَتِهَا.

(قَوْلُهُ وَشَعْرِ الْخِنْزِيرِ) أَيْ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ إهَانَةً لَهُ لِكَوْنِهِ نَجِسَ الْعَيْنِ كَأَصْلِهِ فَالْبَيْعُ هُنَا لَوْ جَازَ لَكَانَ إكْرَامًا، وَفِي الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ كَذَلِكَ لَوْ جَازَ لَكَانَ إعْزَازًا، وَقَدْ أُمِرْنَا بِالْإِهَانَةِ، وَفِي لَبَنِ الْمَرْأَةِ لَوْ جَازَ لَكَانَ إهَانَةً لَهَا، وَقَدْ أُمِرْنَا بِإِعْزَازِ الْآدَمِيِّ فَالْفِعْلُ الْوَاحِدُ، وَهُوَ الْبَيْعُ هُنَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إعْزَازًا بِالنِّسْبَةِ إلَى مَحَلٍّ، وَإِهَانَةً بِالنِّسْبَةِ إلَى آخَرَ مَثَلًا إذَا أَمَرَ السُّلْطَانُ بَعْضَ الْغِلْمَانِ بِالْوُقُوفِ عِنْدَ الْفَرَسِ بِحَضْرَتِهِ كَانَ إعْزَازًا لَهُ، وَلَوْ أَمَرَ الْقَاضِي بِذَلِكَ لَكَانَ إهَانَةً لَهُ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ جَوَازَ بَيْعِ الْمُهَانِ إعْزَازٌ لَهُ، وَجَوَازَ بَيْعِ الْمُكَرَّمِ إهَانَةٌ لَهُ (قَوْلُهُ وَيُنْتَفَعُ بِهِ) أَيْ يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِشَعْرِ الْخِنْزِيرِ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ مَنْعِ بَيْعِهِ، وَلَكِنَّهُ مُقَيَّدٌ بِالْخَرْزِ لِلضَّرُورَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ الْعَمَلَ لَا يَتَأَتَّى بِدُونِهِ، وَيُوجَدُ مُبَاحًا فَلَا حَاجَةَ إلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ بَيْعِهِ وَشِرَائِهِ حَتَّى لَوْ لَمْ يُوجَدْ لَمْ يُكْرَهْ شِرَاؤُهُ لِلْأَسَاكِفَةِ لِلْحَاجَةِ، وَكُرِهَ بَيْعُهُ لِعَدَمِهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ مَنْعُ الِانْتِفَاعِ بِهِ عِنْدَ عَدَمِ الضَّرُورَةِ بِأَنْ أَمْكَنَ الْخَرْزُ بِغَيْرِهِ، وَلِذَا قِيلَ لَا ضَرُورَةَ إلَى الْخَرْزِ بِهِ لِإِمْكَانِهِ بِغَيْرِهِ، وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ لَا يَلْبَسُ خُفًّا خُرِّزَ بِشَعْرِ الْخِنْزِيرِ فَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَلَا الِانْتِفَاعُ بِهِ، وَلِذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ كَرَاهَةُ الِانْتِفَاعِ بِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ إمْكَانَ الْخَرْزِ بِغَيْرِهِ، وَإِنْ وَقَعَ لِفَرْدٍ بِسَبَبِ تَحَمُّلِهِ مَشَقَّةً فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَلْزَمَ الْعُمُومُ حَرَجًا مِثْلَهُ، وَحَيْثُ كَانَ جَوَازُ الِانْتِفَاعِ بِهِ لِلضَّرُورَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ كَمَا قَيَّدَهُ فِي الْهِدَايَةِ) أَيْ حَيْثُ قَالَ فِي قَدَحٍ قَالَ فِي النَّهْرِ، وَهَذَا الْقَيْدُ لِبَيَانِ مَنْعِ بَيْعِهِ بَعْدَ انْفِصَالِهِ عَنْ مَحَلِّهِ كَيْ لَا يَظُنَّ أَنَّ امْتِنَاعَ بَيْعِهِ مَا دَامَ فِي الضَّرْعِ كَغَيْرِهِ كَذَا فِي الْفَتْحِ، وَقَالَ فِي الْحَوَاشِي السَّعْدِيَّةِ، وَهَذَا بَعِيدٌ جِدًّا بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ بَيْعَ اللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ لَا يَجُوزُ. اهـ.
وَبَيَانُهُ أَنَّ امْتِنَاعَ بَيْعِهِ فِي الضَّرْعِ قَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فَذِكْرُ مَنْعِ بَيْعِ لَبَنِ الْمَرْأَةِ بَعْدَهُ نَصٌّ فِي الْمَنْعِ بَعْدَ الِانْفِصَالِ فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّقْيِيدِ بِهِ، وَبِهِ انْدَفَعَ مَا فِي الْبَحْرِ مِنْ أَنَّ ذِكْرَهُ أَوْلَى لِأَنَّ حُكْمَ اللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ قَدْ تَقَدَّمَ عَلَى أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ مُسْتَفَادٌ مِمَّا تَقَدَّمَ بِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ الضَّرْعَ خَاصٌّ بِذَوَاتِ الْأَرْبَعِ كَالثَّدْيِ لِلْمَرْأَةِ، وَحِينَئِذٍ فَإِنَّمَا أَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ لِيَعُمَّ مَا قَبْلَ الِانْفِصَالِ، وَمَا بَعْدَهُ.

(قَوْلُهُ وَلَكِنَّهُ مُقَيَّدٌ بِالْخَرْزِ لِلضَّرُورَةِ) هَذَا بِنَاءً عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ بِنَجَاسَتِهِ أَمَّا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ الْآتِي مِنْ أَنَّهُ طَاهِرٌ فَلَا يَتَقَيَّدُ الِانْتِفَاعُ بِهِ بِالْخَرْزِ، وَلَا بِالضَّرُورَةِ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ

نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 6  صفحه : 87
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست