responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 3  صفحه : 80
بِإِكْمَالِ عِدَّةِ ذِي الْقِعْدَةِ وَاعْتِقَادُهُ التَّاسِعَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ رُئِيَ قَبْلَ الثَّلَاثِينَ مِنْ ذِي الْقِعْدَةِ فَهَذِهِ شَهَادَةٌ عَلَى الْإِثْبَاتِ وَالْقَائِلُونَ إنَّهُ الثَّامِنُ حَاصِلُ مَا عِنْدَهُمْ نَفْيٌ مَحْضٌ، وَهُوَ أَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْهُ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ ذِي الْقِعْدَةِ وَرَآهُ الَّذِينَ شَهِدُوا فَهِيَ شَهَادَةٍ لَا مُعَارِضَ لَهَا. اهـ.
فَحَاصِلُهُ أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى خِلَافِ مَا وَقَفَ النَّاسُ لَا يَثْبُتُ بِهَا شَيْءٌ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ، وَهُوَ إنَّمَا يَتِمُّ أَنْ لَوْ انْحَصَرَ التَّصْوِيرُ فِيمَا ذَكَرَهُ بَلْ صُورَتُهُ لَوْ وَقَفَ الْإِمَامُ بِالنَّاسِ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ يَوْمُ التَّاسِعِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَثْبُتَ عِنْدَهُ رُؤْيَةُ الْهِلَالِ فَشَهِدَ قَوْمٌ أَنَّهُ الْيَوْمُ الثَّامِنُ فَقَدْ تَبَيَّنَ خَطَأُ ظَنِّهِ وَالتَّدَارُكُ مُمْكِنٌ فَهِيَ شَهَادَةٌ لَا مُعَارِضَ لَهَا وَلِهَذَا قَالَ: فِي الْمُحِيطِ لَوْ وَقَفُوا يَوْمَ التَّرْوِيَةِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ يَوْمُ عَرَفَةَ لَمْ يُجْزِهِمْ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ عُلِمَ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ تَحْتَاجُ إلَى تَفْصِيلٍ، وَلَا بِدْعَ فِيهِ بَلْ هُوَ مُتَعَيِّنٌ.
وَقَدْ بَقِيَ هُنَا مَسْأَلَةٌ ثَالِثَةٌ، وَهِيَ مَا إذَا شَهِدُوا يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَالنَّاسُ بِمِنًى أَنَّ هَذَا الْيَوْمَ يَوْمُ عَرَفَةَ يُنْظَرُ فَإِنْ أَمْكَنَ الْإِمَامُ أَنْ يَقِفَ مَعَ النَّاسِ أَوْ أَكْثَرِهِمْ نَهَارًا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا لِلتَّمَكُّنِ مِنْ الْوُقُوفِ فَإِنْ لَمْ يَقِفُوا عَشِيَّةً فَاتَهُمْ الْحَجُّ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَقِفَ مَعَهُمْ لَيْلًا لَا نَهَارًا فَكَذَلِكَ اسْتِحْسَانًا، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يَقِفَ لَيْلًا مَعَ أَكْثَرِهِمْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَيَأْمُرُهُمْ أَنْ يَقِفُوا مِنْ الْغَدِ اسْتِحْسَانًا وَالشُّهُودُ فِي هَذَا كَغَيْرِهِمْ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَفِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ، وَلَا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَقْبَلَ فِي هَذَا شَهَادَةُ الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ تَرَكَ الْجَمْرَةَ الْأُولَى فِي الْيَوْمِ الثَّانِي رَمَى الثَّلَاثَ أَوْ الْأُولَى فَقَطْ) بَيَانٌ لِكَوْنِ التَّرْتِيبِ فِي الْجِمَارِ الثَّلَاثِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَلَا وَاجِبٍ، وَإِنَّمَا هُوَ سُنَّةٌ وَلِهَذَا قَدَّمَ قَوْلَهُ رَمَى الثَّلَاثَ لِمُرَاعَاةِ التَّرْتِيبِ الْمَسْنُونِ؛ لِأَنَّ كُلَّ جَمْرَةٍ قُرْبَةٌ قَائِمَةٌ بِنَفْسِهَا لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِغَيْرِهَا، وَلَيْسَ بَعْضُهَا تَابِعًا لِبَعْضٍ بِخِلَافِ السَّعْيِ قَبْلَ الطَّوَافِ أَوْ الطَّوَافِ قَبْلَ الْوُقُوفِ فَإِنَّهُ شُرِعَ مُرَتَّبًا عَلَى وَجْهِ اللُّزُومِ فَلَمْ يَدْخُلْ وَقْتَهُ، وَلَوْلَا وُرُودُ النَّصِّ فِي قَضَاءِ الْفَوَائِتِ بِالتَّرْتِيبِ قُلْنَا لَا يَلْزَمُ فِيهَا أَيْضًا؛ لِأَنَّ كُلَّ صَلَاةٍ عِبَادَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ وَبِخِلَافِ الْبُدَاءَةِ بِالْمَرْوَةِ؛ لِأَنَّ الْبَدَاءَةَ مِنْ الصَّفَا ثَبَتَ بِالنَّصِّ، وَهُوَ قَوْلُهُ: - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «ابْدَءُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ» بِصِيغَةِ الْأَمْرِ بِخِلَافِ التَّرْتِيبِ فِي الْجِمَارِ الثَّلَاثِ فَإِنَّهُ ثَبَتَ بِالْفِعْلِ، وَهُوَ لَا يُفِيدُ أَكْثَرَ مِنْ السُّنَّةِ.

(قَوْلُهُ: وَمَنْ أَوْجَبَ حَجًّا مَاشِيًا لَا يَرْكَبُ حَتَّى يَطُوفَ لِلرُّكْنِ) أَيْ بِأَنْ نَذَرَ الْحَجَّ مَاشِيًا، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى وُجُوبِ الْمَشْيِ؛ لِأَنَّ عِبَارَةَ الْمُخْتَصَرِ عِبَارَةُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَهِيَ كَلَامُ الْمُجْتَهِدِ أَعْنِي أَبَا حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَلَى مَا نَقَلَهُ مُحَمَّدٌ عَنْهُ فِيهِ، وَهُوَ إخْبَارُ الْمُجْتَهِدِ، وَإِخْبَارُهُ مُعْتَبَرٌ بِإِخْبَارِ الشَّرْعِ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُهُ فِي بَيَانِ الْأَحْكَامِ كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ، وَفِي الْأَصْلِ أَيْ الْمَبْسُوطِ لِمُحَمَّدٍ أَيْضًا خَيَّرَهُ بَيْنَ الرُّكُوبِ وَالْمَشْيِ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ كَرِهَ الْمَشْيَ فَيَكُونُ الرُّكُوبُ أَفْضَلَ وَصَحَّحَ مَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ قَاضِي خَانْ فِي شَرْحِهِ وَاخْتَارَهُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ مُعَلِّلًا بِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْقُرْبَةَ بِصِفَةِ الْكَمَالِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّ الْمَشْيَ أَكْمَلُ لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ حَجَّ مَاشِيًا كُتِبَتْ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ حَسَنَةٌ مِنْ حَسَنَاتِ الْحَرَمِ قِيلَ، وَمَا حَسَنَاتُ الْحَرَمِ قَالَ: وَاحِدَةٌ بِسَبْعِمِائَةٍ» ، وَإِنَّمَا رَخَّصَ الشَّرْعُ فِي الرُّكُوبِ دَفْعًا لِلْحَرَجِ قَالَ: فِي غَايَةِ الْبَيَانِ، وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ مَا أُورِدَ فِي النَّوَازِلِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْحَجَّ رَاكِبًا أَفْضَلُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لِمَعْنًى آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ الْمَشْيَ يُسِيءُ خُلُقَهُ وَرُبَّمَا يَقَعُ فِي الْمُنَازَعَةِ وَالْجِدَالِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، وَإِلَّا فَالْأَجْرُ عَلَى قَدْرِ التَّعَبِ وَالتَّعَبُ فِي الْمَشْيِ أَكْثَرُ. اهـ.
لَا يُقَالُ لَا نَظِيرَ لِلْمَشْيِ فِي الْوَاجِبَاتِ، وَمِنْ شَرْطِ صِحَّةِ النَّذْرِ أَنْ يَكُونَ مِنْ جِنْسِ الْمَنْذُورِ وَاجِبًا؛ لِأَنَّا نَقُولُ بَلْ لَهُ نَظِيرٌ، وَهُوَ مَشْيُ الْمَكِّيِّ الَّذِي لَا يَجِدُ الرَّاحِلَةَ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْمَشْيِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ مَاشِيًا وَنَفْسُ الطَّوَافِ أَيْضًا، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ مَحَلَّ وُجُوبِ ابْتِدَاءِ الْمَشْيِ؛ لِأَنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ -. لَمْ يَذْكُرْهُ فَلِذَا اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ قِيلَ مِنْ بَيْتِهِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ الْمُرَادُ عُرْفًا، وَقِيلَ مِنْ الْمِيقَاتِ، وَقِيلَ مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ يُحْرِمُ مِنْهُ وَاخْتَارَهُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَالْإِمَامُ الْعَتَّابِيُّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: بَلْ صُورَتُهُ لَوْ وَقَفَ الْإِمَامُ بِالنَّاسِ ظَنًّا مِنْهُ إلَخْ) قُلْتُ: يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: حَمْلُ الْإِمَامِ عَلَى الْوُقُوفِ بِمُجَرَّدِ الظَّنِّ مُسْتَحِيلٌ فِي هَذَا الْمَوْقِفِ الْعَظِيمِ، وَقَالُوا غَلَبَةُ الظَّنِّ مُنَزَّلَةٌ مَنْزِلَةَ الْيَقِينِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ كَذَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّة.

(قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ مِنْ جِنْسِ الْمَنْذُورِ وَاجِبًا) كَذَا فِي الْفَتْحِ وَالنُّسَخِ الَّتِي رَأَيْتهَا وَصَوَابُهُ وَاجِبٌ بِالرَّفْعِ

نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 3  صفحه : 80
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست