responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 3  صفحه : 65
الْفِطْرِ وَالْإِعْتَاقِ وَالْإِطْعَامِ وَالْكِسْوَةِ فِي الْكَفَّارَاتِ وَالْعُشْرِ وَالنَّفَقَاتِ سَوَاءٌ كَانَتْ عِبَادَةً مَحْضَةً أَوْ عِبَادَةً فَهِيَ مَعْنَى الْمُؤْنَةِ أَوْ مُؤْنَةٌ فِيهَا مَعْنَى الْعِبَادَةِ كَمَا عُرِفَ فِي الْأُصُولِ وَبَدَنِيَّةٌ مَحْضَةٌ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالِاعْتِكَافِ، وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالْأَذْكَارِ وَالْجِهَادِ، وَمُرَكَّبَةٌ مِنْ الْبَدَنِ وَالْمَالِ كَالْحَجِّ وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ التَّكَالِيفِ الِابْتِلَاءُ وَالْمَشَقَّةُ، وَهِيَ فِي الْبَدَنِيَّةِ بِإِتْعَابِ النَّفْسِ وَالْجَوَارِحِ بِالْأَفْعَالِ الْمَخْصُوصَةِ وَبِفِعْلِ نَائِبِهِ لَا تَتَحَقَّقُ الْمَشَقَّةُ عَلَى نَفْسِهِ فَلَمْ تَجُزْ النِّيَابَةُ مُطْلَقًا لَا عِنْدَ الْعَجْزِ، وَلَا عِنْدَ الْقُدْرَةِ، وَفِي الْمَالِيَّةِ بِتَنْقِيصِ الْمَالِ الْمَحْبُوبِ لِلنَّفْسِ بِإِيصَالِهِ إلَى الْفَقِيرِ، وَهُوَ مَوْجُودٌ بِفِعْلِ النَّائِبِ، وَكَانَ مُقْتَضَى الْقِيَاسِ أَنْ لَا تُجْزِئَ النِّيَابَةُ فِي الْحَجِّ لِتَضَمُّنِهِ لِلْمَشَقَّتَيْنِ الْبَدَنِيَّةِ وَالْمَالِيَّةِ.
وَالْأُولَى لَا يُكْتَفَى فِيهَا بِالنَّائِبِ لَكِنَّهُ تَعَالَى رَخَّصَ فِي إسْقَاطِهِ بِتَحَمُّلِ الْمَشَقَّةِ الْأُخْرَى أَعْنِي إخْرَاجَ الْمَالِ عِنْدَ الْعَجْزِ الْمُسْتَمِرِّ إلَى الْمَوْتِ رَحْمَةً وَفَضْلًا بِأَنْ تُدْفَعَ نَفَقَةُ الْحَجِّ إلَى مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ بِخِلَافِ حَالَةِ الْقُدْرَةِ لَمْ يُعْذَرْ؛ لِأَنَّ تَرْكَهُ فِيهَا لَيْسَ إلَّا بِمُجَرَّدِ إيثَارِ رَحْمَةِ نَفْسِهِ عَلَى أَمْرِ رَبِّهِ، وَهُوَ بِهَذَا يَسْتَحِقُّ الْعِقَابَ لَا التَّخْفِيفَ فِي طَرِيقِ الْإِسْقَاطِ، وَإِذَا جَازَتْ النِّيَابَةُ فِي الْمَالِيَّةِ مُطْلَقًا فَالْعِبْرَةُ لِنِيَّةِ الْمُوَكِّلِ لَا لِنِيَّةِ الْوَكِيلِ وَسَوَاءٌ نَوَى الْمُوَكِّلُ وَقْتَ الدَّفْعِ إلَى الْوَكِيلِ أَوْ وَقْتَ دَفْعِ الْوَكِيلِ إلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ فِيمَا بَيْنَهُمَا وَلِهَذَا قَالَ فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ فَصْلِ مَصَارِفِ الزَّكَاةِ: رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ دَرَاهِمَ لِيَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ تَطَوُّعًا فَلَمْ يَتَصَدَّقْ الْمَأْمُورُ حَتَّى نَوَى الْآمِرُ عَنْ الزَّكَاةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَلَفَّظَ بِهِ ثُمَّ تَصَدَّقَ الْمَأْمُورُ جَازَ عَنْ الزَّكَاةِ. وَكَذَا لَوْ أَمَرَهُ أَنْ يُعْتِقَ عَبْدًا تَطَوُّعًا ثُمَّ نَوَى الْآمِرُ عَنْ الْكَفَّارَةِ قَبْلَ إعْتَاقِ الْمَأْمُورِ عَنْ التَّطَوُّعِ. اهـ.
وَلِهَذَا لَا تُعْتَبَرُ أَهْلِيَّةُ النَّائِبِ حَتَّى لَوْ وَكَّلَ الْمُسْلِمُ ذِمِّيًّا فِي دَفْعِ الزَّكَاةِ جَازَ كَمَا فِي كَشْفِ الْأَسْرَارِ شَرْحِ أُصُولِ فَخْرِ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: وَالشَّرْطُ الْعَجْزُ الدَّائِمُ إلَى وَقْتِ الْمَوْتِ) أَيْ الشَّرْطُ فِي جَوَازِ النِّيَابَةِ فِي الْمُرَكَّبِ عَجْزُ الْمُسْتَنِيبِ عَجْزًا مُسْتَمِرًّا إلَى مَوْتِهِ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ فَرْضُ الْعُمْرِ فَحَيْثُ تَعَلَّقَ بِهِ خِطَابُهُ لِقِيَامِ مَشْرُوطٍ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ بِنَفْسِهِ فِي أَوَّلِ سِنِي الْإِمْكَانِ فَإِذَا أَخَّرَ أَثِمَ وَتَقَرَّرَ الْقِيَامُ بِنَفْسِهِ فِي ذِمَّتِهِ فِي مُدَّةِ عُمُرِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُتَّصِفٍ بِالشُّرُوطِ فَإِذَا عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ فِي مُدَّةِ عُمُرِهِ رَخَّصَ لَهُ الِاسْتِنَابَةَ رَحْمَةً وَفَضْلًا فَحَيْثُ قَدَرَ عَلَيْهِ وَقْتًا مِنْ عُمْرِهِ بَعْدَمَا اسْتَنَابَهُ فِيهِ لِعَجْزٍ لَحِقَهُ ظَهَرَ انْتِفَاءُ شَرْطِ الرُّخْصَةِ ثُمَّ ظَاهِرُ مَا فِي الْمُخْتَصَرِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَرَضُ يُرْجَى زَوَالُهُ أَوْ لَا يُرْجَى زَوَالُهُ كَالزَّمَانَةِ وَالْعَمَى فَلَوْ أَحَجَّ الزَّمِنُ أَوْ الْأَعْمَى ثُمَّ صَحَّ، وَأَبْصَرَ لَزِمَهُ أَنْ يَحُجَّ بِنَفْسِهِ وَبِسَبَبِ هَذَا صَرَّحَ الْمُحَقِّقُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِهِ، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ بَلْ الْحَقُّ التَّفْصِيلُ فَإِنْ كَانَ مَرَضًا يُرْجَى زَوَالُهُ فَأَحَجَّ فَالْأَمْرُ مُرَاعًى فَإِنْ اسْتَمَرَّ الْعَجْزُ إلَى الْمَوْتِ سَقَطَ الْفَرْضُ عَنْهُ، وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ كَانَ مَرَضًا لَا يُرْجَى زَوَالُهُ كَالْعَمَى فَأَحَجَّ غَيْرَهُ سَقَطَ الْفَرْضُ عَنْهُ سَوَاءٌ اسْتَمَرَّ ذَلِكَ الْعُذْرُ أَوْ زَالَ صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحِيطِ، وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْمَبْسُوطِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ بِأَنَّهُ إذَا أَحَجَّ الْأَعْمَى غَيْرَهُ ثُمَّ زَالَ الْعَمَى لَا يَبْطُلُ الْإِحْجَاجُ. اهـ.
وَقَيَّدَ بِالْعَجْزِ الدَّائِمِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَحَجَّ، وَهُوَ صَحِيحٌ ثُمَّ عَجَزَ وَاسْتَمَرَّ لَا يُجْزِئُهُ لِفَقْدِ الشَّرْطِ وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا فِي التَّجْنِيسِ، وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ لَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ ثَلَاثُونَ حَجَّةً فَأَحَجَّ ثَلَاثِينَ نَفْسًا فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ إنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَجِيءَ وَقْتُ الْحَجِّ جَازَ عَنْ الْكُلِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تُعْرَفْ قُدْرَتُهُ بِنَفْسِهِ عِنْدَ مَجِيءِ وَقْتِ الْحَجِّ، وَإِنْ جَاءَ وَقْتُ الْحَجِّ، وَهُوَ يَقْدِرُ بَطَلَتْ حَجَّتُهُ؛ لِأَنَّهُ يَقْدِرُ بِنَفْسِهِ عَلَيْهَا فَانْعَدَمَ الشَّرْطُ فِيهَا، وَعَلَى هَذَا كُلُّ سَنَةٍ تَجِيءُ. اهـ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ بِوَقْتِ الْحَجِّ وَقْتُ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ يَعْنِي إنْ جَاءَ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَهُوَ مَيِّتٌ أَجْزَأَهُ الْكُلُّ، وَإِنْ كَانَ حَيًّا بَطَلَتْ وَاحِدَةٌ وَتَوَقَّفَ الْأَمْرُ فِي الْبَاقِي، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِوَقْتِ الْحَجِّ أَشْهُرُ الْحَجِّ؛ لِأَنَّ الْإِحْجَاجَ يَكُونُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَلَا يَتَأَتَّى التَّفْصِيلُ، وَإِنْ كَانَ الْمَكَانُ بَعِيدًا فَأَحَجَّ قَبْلَ الْأَشْهُرِ فَهُوَ قَاصِرُ الْإِفَادَةِ عَمَّا إذَا كَانَ قَرِيبًا فَأَحَجَّ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ فَالْأَوْلَى مَا قُلْنَاهُ وَوَجْهُ إشْكَالِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحَقِيقِيَّةِ دُونَ الِاعْتِبَارِيَّةِ كَذَا فِي حَوَاشِي مِسْكِينٍ وَالْأَوْلَى مَا ذَكَرَهُ فِي حَاشِيَةِ الدُّرِّ الْمُخْتَارِ مِنْ أَنَّ الْمَالَ مُعْتَبَرٌ فِي الْحَجِّ اعْتِبَارًا قَوِيًّا بِحَيْثُ لَا يَتَأَتَّى، وَلَا يَتَحَصَّلُ إلَّا بِهِ غَالِبًا فَكَانَ كَالْجُزْءِ (قَوْلُهُ: بَلْ الْحَقُّ التَّفْصِيلُ إلَخْ) نَقَلَهُ فِي النَّهْرِ، وَأَقَرَّهُ وَتَابَعَهُ فِي مَتْنِ التَّنْوِيرِ وَحَقَّقَهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ، وَقَالَ الْإِمَامُ قَاضِي خَانْ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: ثُمَّ إنَّمَا يَصِحُّ الْأَمْرُ إذَا كَانَ الْآمِرُ عَاجِزًا بِنَفْسِهِ عَجْزًا لَا يُرْجَى زَوَالُهُ كَالْعَمَى وَالزَّمَانَةِ، وَإِنْ كَانَ عَجْزًا يُرْجَى زَوَالُهُ كَالْحَبْسِ وَالْمَرَضِ إنْ دَامَ إلَى الْمَوْتِ يَقَعُ مَوْقِعَهُ، وَإِنْ زَالَ كَانَ الْحَجُّ عَلَى الْآمِرِ عَلَى حَالِهِ (قَوْلُهُ: بَطَلَتْ حَجَّتُهُ) الَّذِي فِي الْخَانِيَّةِ وَالْفَتْحِ وَالنَّهْرِ حَجَّةٌ بِدُونِ ضَمِيرٍ، وَقَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا كُلُّ سَنَةٍ تَجِيءُ أَيْ إنَّهُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ إنْ مَاتَ قَبْلَ مَجِيءِ وَقْتِ الْحَجِّ جَازَ عَنْ الْبَاقِي، وَهُوَ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَهُ، وَهُوَ يَقْدِرُ بَطَلَتْ حَجَّةٌ وَاحِدَةٌ، وَهَكَذَا فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ إلَى الْآخِرِ

نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 3  صفحه : 65
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست