responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 3  صفحه : 252
لَمَّا ذَكَرَ النِّكَاحَ وَأَحْكَامَهُ اللَّازِمَةَ، وَالْمُتَأَخِّرَةَ عَنْهُ شَرَعَ فِيمَا بِهِ يَرْتَفِعُ وَقَدَّمَ الرَّضَاعَ لِأَنَّهُ يُوجِبُ حُرْمَةً مُؤَبَّدَةً بِخِلَافِ الطَّلَاقِ تَقْدِيمًا لِلْأَشَدِّ عَلَى الْأَخَفِّ وَهُوَ فِي اللُّغَةِ يَدُلُّ عَلَى الْحَلِّ، وَالِانْحِلَالِ يُقَالُ أَطْلَقْت الْأَسِيرَ إذَا حَلَلْت إسَارَهُ وَخَلَّيْت عَنْهُ فَانْطَلَقَ أَيْ ذَهَبَ فِي سَبِيلِهِ وَطَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقًا فَهُوَ مُطَلِّقٌ فَإِنْ كَثُرَ تَطْلِيقُهُ لِلنِّسَاءِ قِيلَ مِطْلِيقٌ وَمِطْلَاقٌ، وَالِاسْمُ الطَّلَاقُ فَطَلَقَتْ هِيَ تَطْلُقُ مِنْ بَابِ قَتَلَ، وَفِي لُغَةٍ مِنْ بَابِ قَرَّبَ فَهِيَ طَالِقٌ بِغَيْرِ هَاءٍ.
قَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَكُلُّهُمْ يَقُولُ طَالِقٌ بِغَيْرِ هَاءٍ قَالَ وَأَمَّا قَوْلُ الْأَعْشَى
أَيَا جَارَتَا بِينِي فَإِنَّكِ طَالِقَهْ ... كَذَاكَ أُمُورُ النَّاسِ غَادٍ وَطَارِقَهْ
فَقَالَ اللَّيْثُ: أَرَادَ طَالِقَةً غَدًا وَإِنَّمَا اجْتَرَأَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يُقَالُ طَلُقَتْ فَحُمِلَ النَّعْتُ عَلَى الْفِعْلِ، وَقَالَ ابْنِ فَارِسٍ: أَيْضًا امْرَأَةٌ طَالِقٌ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا وَطَالِقَةٌ غَدًا فَصَرَّحَ بِالْفَرْقِ لِأَنَّ الصِّفَةَ غَيْرُ وَاقِعَةٍ، وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ إذَا كَانَ النَّعْتُ مُنْفَرِدًا بِهِ الْأُنْثَى دُونَ الذَّكَرِ لَمْ تَدْخُلْهُ الْهَاءُ نَحْوُ طَالِقٍ وَطَامِثٍ وَحَائِضٍ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى فَارِقٍ لِاخْتِصَاصِ الْأُنْثَى بِهِ وَتَمَامُهُ فِي الْمِصْبَاحِ وَبِهِ انْدَفَعَ مَا ذَكَرَهُ فِي الصِّحَاحِ مِنْ أَنَّهُ يُقَالُ طَالِقٌ وَطَالِقَةٌ قَالُوا إنَّهُ اُسْتُعْمِلَ فِي النِّكَاحِ بِالتَّطْلِيقِ، وَفِي غَيْرِهِ بِالْإِطْلَاقِ حَتَّى كَانَ الْأَوَّلُ صَرِيحًا، وَالثَّانِي كِنَايَةً فَلَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى النِّيَّةِ فِي طَلَّقْتُك وَأَنْتِ مُطَلَّقَةٌ بِالتَّشْدِيدِ وَتَوَقَّفَ عَلَيْهَا فِي أَطْلَقْتُك وَمُطْلَقَةٌ بِالتَّخْفِيفِ، وَالتَّفْعِيلُ هُنَا لِلتَّكْثِيرِ إنْ قَالَهُ فِي الثَّالِثَةِ كَغَلَّقَتْ الْأَبْوَابَ وَإِلَّا فَلِلْإِخْبَارِ عَنْ أَوَّلِ طَلْقَةٍ أَوْقَعَهَا فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا التَّوْكِيدُ، وَفِي الْمِعْرَاجِ أَنَّهُ اسْمُ مَصْدَرٍ بِمَعْنَى التَّطْلِيقِ كَالسَّلَامِ بِمَعْنَى التَّسْلِيمِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229] أَوْ مَصْدَرٌ مِنْ طَلُقَتْ الْمَرْأَةُ بِالضَّمِّ طَلَاقًا أَوْ بِالْفَتْحِ كَالْفَسَادِ مِنْ فَسَدَ، وَعَنْ الْأَخْفَشِ لَا يُقَالُ طَلُقَتْ بِالضَّمِّ، وَفِي دِيوَانِ الْأَدَبِ أَنَّهُ لُغَةٌ اهـ.
وَفِي الشَّرِيعَةِ مَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ (وَهُوَ رَفْعُ الْقَيْدِ الثَّابِتِ شَرْعًا بِالنِّكَاحِ) فَخَرَجَ بِالشَّرْعِيِّ الْقَيْدُ الْحِسِّيُّ وَبِالنِّكَاحِ الْعِتْقُ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى رَفْعِ قَيْدِ النِّكَاحِ لَخَرَجَا بِهِ وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْقُوضٌ طَرْدًا وَعَكْسًا أَمَّا الْأَوَّلُ فَبِالْفَسْخِ كَتَفْرِيقِ الْقَاضِي بِإِبَائِهَا عَنْ الْإِسْلَامِ وَرِدَّةِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ وَخِيَارِ الْبُلُوغِ، وَالْعِتْقِ فَإِنَّ تَفْرِيقَ الْقَاضِي وَنَحْوِهِ فِيهِ فَسْخٌ وَلَيْسَ بِطَلَاقٍ فَقَدْ وُجِدَ الْحَدُّ وَلَمْ يُوجَدْ الْمَحْدُودُ وَأَمَّا الثَّانِي فَبِالطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ رَفْعُ الْقَيْدِ فَقَدْ انْتَفَى الْحَدُّ وَلَمْ يَنْتَفِ الْمَحْدُودُ فَالْحَدُّ الصَّحِيحُ قَوْلُنَا رَفْعُ قَيْدِ النِّكَاحِ حَالًا أَوْ مَآلًا بِلَفْظٍ مَخْصُوصٍ فَخَرَجَ بِقَيْدِ النِّكَاحِ الْحِسِّيُّ، وَالْعِتْقُ وَبِاللَّفْظِ الْمَخْصُوصِ الْفَسْخُ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا اشْتَمَلَ عَلَى مَادَّةِ الطَّلَاقِ صَرِيحًا وَكِنَايَةً وَسَائِرُ الْكِنَايَاتِ الرَّجْعِيَّةِ، وَالْبَائِنَةِ وَلَفْظُ الْخُلْعِ وَقَوْلُ الْقَاضِي فَرَّقْت بَيْنَكُمَا عِنْدَ إبَاءِ الزَّوْجِ عَنْ الْإِسْلَامِ، وَفِي الْعُنَّةِ، وَاللِّعَانِ وَدَخَلَ الرَّجْعِيُّ بِقَوْلِنَا أَوْ مَآلًا وَهَاهُنَا أَبْحَاثٌ الْأَوَّلُ أَنَّهُمْ قَالُوا رُكْنُهُ اللَّفْظُ الْمَخْصُوصُ الدَّالُّ عَلَى رَفْعِ الْقَيْدِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُعَرِّفُوهُ بِهِ فَإِنَّ حَقِيقَةَ الشَّيْءِ رُكْنُهُ فَعَلَى هَذَا هُوَ لَفْظٌ دَالٌّ عَلَى رَفْعِ قَيْدِ النِّكَاحِ الثَّانِي أَنَّ الْقَيْدَ صَيْرُورَتُهَا مَمْنُوعَةً عَنْ الْخُرُوجِ، وَالْبُرُوزِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَدَائِعِ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ النِّكَاحِ وَرَفْعُهُ يَحْصُلُ بِالْإِذْنِ لَهَا فِي الْخُرُوجِ، وَالْبُرُوزِ فَكَانَ هَذَا التَّعْرِيفُ مُنَاسِبًا لِلْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ لَا الشَّرْعِيِّ.
وَلِذَا قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: رُكْنُ الطَّلَاقِ اللَّفْظُ الَّذِي جُعِلَ دَلَالَةً عَلَى مَعْنَى الطَّلَاقِ لُغَةً وَهُوَ التَّخْلِيَةُ، وَالْإِرْسَالُ وَرَفْعُ الْقَيْدِ فِي الصَّرِيحِ وَقَطْعُ الْوَصْلَةِ وَنَحْوُهُ فِي الْكِنَايَاتِ أَوْ شَرْعًا وَهُوَ إزَالَةُ حِلِّ الْمَحَلِّيَّةِ فِي النَّوْعَيْنِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَ اللَّفْظِ اهـ.
فَقَدْ أَفَادَ أَنَّ رُكْنَهُ شَرْعًا اللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَى إزَالَةِ حِلِّ الْمَحَلِّيَّةِ وَأَنَّ رَفْعَ الْقَيْدِ إنَّمَا هُوَ مُنَاسِبٌ لِلْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: صَرِيحًا وَكِنَايَةً) أَيْ كَأَنْتِ طَالِقٌ وَكَأَنْتِ مُطْلَقَةٌ بِالتَّخْفِيفِ وَأَنْتِ طَ لَ قَ فَإِنَّهَا كِنَايَةٌ وَقَوْلُهُ: وَسَائِرُ الْكِنَايَاتِ. . . إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مَا اشْتَمَلَ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ غَيْرُ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى مَادَّةِ ط ل ق لَكِنَّ عِبَارَةَ الْفَتْحِ تُفِيدُ خِلَافَ هَذَا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَكَانَ هَذَا التَّعْرِيفُ مُنَاسِبًا لِلْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ لَا الشَّرْعِيِّ) قَالَ فِي النَّهْرِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّ الْقَيْدَ لَيْسَ مَقْصُورًا عَلَى مَا ذَكَرَهُ وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْبَدَائِعِ مَا يُوهِمُ هَذَا فَإِنَّهُ قَالَ وَأَمَّا مَا يَرْفَعُ حُكْمَ النِّكَاحِ فَالطَّلَاقُ وَقَالَ قَبْلَهُ لِلنِّكَاحِ الصَّحِيحِ أَحْكَامٌ بَعْضُهَا أَصْلِيٌّ وَبَعْضُهَا مِنْ التَّوَابِعِ فَالْأَوَّلُ حِلُّ الْوَطْءِ إلَّا لِعَارِضٍ، وَالثَّانِي حِلُّ النَّظَرِ وَمِلْكُ الْمُتْعَةِ وَمِلْكُ الْحَبْسِ وَغَيْرُ ذَلِكَ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ إزَالَةُ حِلِّ الْمَحَلِّيَّةِ فِي النَّوْعَيْنِ) أَيْ فِي الصَّرِيحِ، وَالْكِنَايَةِ وَأَرَادَ بِحِلِّ الْمَحَلِّيَّةِ كَوْنَ الْمَرْأَةِ مَحَلًّا لِلْحِلِّ أَيْ حِلِّ الْوَطْءِ وَدَوَاعِيهِ وَقَوْلُهُ: أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَ اللَّفْظِ مَعْطُوفٌ عَلَى اللَّفْظِ فِي قَوْلِهِ رُكْنُ الطَّلَاقِ اللَّفْظُ وَفَسَّرَ فِي الْبَدَائِعِ الَّذِي يَقُومُ مَقَامَ اللَّفْظِ بِالْكِتَابَةِ، وَالْإِشَارَةِ أَيْ الْكِتَابَةِ الْمُسْتَبِينَةِ، وَالْإِشَارَةِ بِالْأَصَابِعِ الْمَقْرُونَةِ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ

نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 3  صفحه : 252
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست