responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 2  صفحه : 347
الْخَلْقِ غَفَّارَ الذُّنُوبِ لَبَّيْكَ ذَا النِّعْمَةِ وَالْفَضْلِ الْحَسَنِ لَبَّيْكَ عَدَدَ التُّرَابِ لَبَّيْكَ إنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الْآخِرَةِ كَمَا وَرَدَ ذَلِكَ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَصَرَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي الْكَافِي بِأَنَّ الزِّيَادَةَ حَسَنَةٌ كَالتَّكْرَارِ، وَصَرَّحَ الْحَلَبِيُّ فِي مَنَاسِكِهِ بِاسْتِحْبَابِهَا عِنْدَنَا، وَأَمَّا النَّقْصُ فَقَالَ الْمُصَنِّفُ إنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَقَالَ ابْنُ الْمَلَكِ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ إنَّهُ مَكْرُوهٌ اتِّفَاقًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا كَرَاهَةٌ تَنْزِيهِيَّةٌ لِمَا أَنَّ التَّلْبِيَةَ إنَّمَا هِيَ سُنَّةٌ فَإِنَّ الشَّرْطَ إنَّمَا هُوَ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى فَارِسِيًّا كَانَ أَوْ عَرَبِيًّا هُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ أَصْحَابِنَا، وَخُصُوصُ التَّلْبِيَةِ سُنَّةٌ فَإِذَا تَرَكَهَا أَصْلًا ارْتَكَبَ كَرَاهَةً تَنْزِيهِيَّةً فَإِذَا نَقَصَ عَنْهَا فَكَذَلِكَ بِالْأَوْلَى فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ لَا يَجُوزُ فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَقَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّ التَّلْبِيَةَ شَرْطٌ مُرَادُهُ ذِكْرٌ يُقْصَدُ بِهِ التَّعْظِيمُ لَا خُصُوصُهَا، قَيَّدْنَا بِالزِّيَادَةِ فِي التَّلْبِيَةِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الْأَذَانِ غَيْرُ مَشْرُوعَةٍ؛ لِأَنَّهُ لِلْإِعْلَامِ وَلَا يَحْصُلُ بِغَيْرِ الْمُتَعَارَفِ وَفِي التَّشَهُّدِ فِي الصَّلَاةِ إنْ كَانَ الْأَوَّلَ فَلَيْسَتْ بِمَشْرُوعَةٍ كَتَكْرَارِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي وَسَطِ الصَّلَاةِ فَيُقْتَصَرُ فِيهِ عَلَى الْوَارِدِ، وَإِنْ كَانَ الْأَخِيرَ فَهِيَ مَشْرُوعَةٌ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الذِّكْرِ وَالثَّنَاءِ.
(قَوْلُهُ فَإِذَا لَبَّيْتَ نَاوِيًا فَقَدْ أَحْرَمْت) أَفَادَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُحْرِمًا إلَّا بِهِمَا فَإِذَا أَتَى بِهِمَا فَقَدْ دَخَلَ فِي حُرُمَاتٍ مَخْصُوصَةٍ فَهُمَا عَيْنُ الْإِحْرَامِ شَرْعًا، وَذَكَرَ حُسَامُ الدِّينِ الشَّهِيدُ أَنَّهُ يَصِيرُ شَارِعًا بِالنِّيَّةِ لَكِنْ عِنْدَ التَّلْبِيَةِ لَا بِالتَّلْبِيَةِ كَمَا يَصِيرُ شَارِعًا فِي الصَّلَاةِ بِالنِّيَّةِ لَكِنْ عِنْدَ التَّكْبِيرِ لَا بِالتَّكْبِيرِ وَلَا يَصِيرُ شَارِعًا بِالنِّيَّةِ وَحْدَهَا قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ النِّيَّةَ تَكْفِي قِيَاسًا عَلَى الصَّوْمِ بِجَامِعِ أَنَّهُمَا عِبَادَةُ كَفٍّ عَنْ الْمَحْظُورَاتِ وَقِيَاسُنَا أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ الْتِزَامُ أَفْعَالٍ كَالصَّلَاةِ لَا مُجَرَّدُ كَفٍّ بَلْ الْتِزَامُ الْكَفِّ شَرْطٌ فَكَانَ بِالصَّلَاةِ أَشْبَهَ، وَالْمُرَادُ بِالتَّلْبِيَةِ شَرْطٌ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ النُّسُكِ سَوَاءٌ كَانَ تَلْبِيَةً أَوْ ذِكْرًا يُقْصَدُ بِهِ التَّعْظِيمُ أَوْ سَوْقُ الْهَدْيِ أَوْ تَقْلِيدُ الْبُدْنِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُسْتَصْفَى، وَذَكَرَ الْإِسْبِيجَابِيُّ أَنَّهُ لَوْ سَاقَ هَدْيًا قَاصِدًا إلَى مَكَّة صَارَ مُحْرِمًا بِالسَّوْقِ نَوَى الْإِحْرَامَ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَسَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ ` تَعَالَى ثُمَّ إذَا أَحْرَمَ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَقِبَ إحْرَامِهِ سِرًّا وَهَكَذَا يَفْعَلُ عَقِبَ التَّلْبِيَةِ وَدَعَا بِمَا شَاءَ مِنْ الْأَدْعِيَةِ وَإِنْ تَبَرَّكَ بِالْمَأْثُورِ فَهُوَ حَسَنٌ.

(قَوْلُهُ فَاتَّقِ الرَّفَثَ وَالْفُسُوقَ وَالْجِدَالَ) لِلْآيَةِ الْكَرِيمَةِ {فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197] وَهَذَا نَهْيٌ بِصِيغَةِ النَّفْيِ وَهُوَ آكَدُ مَا يَكُونُ مِنْ النَّهْيِ كَأَنَّهُ قِيلَ فَلَا يَكُونَنَّ رَفَثٌ وَلَا فُسُوقٌ وَلَا جِدَالٌ فِي الْحَجِّ وَهَذَا لِأَنَّهُ لَوْ بَقِيَ إخْبَارًا لَتَطَرَّقَ الْخُلْفُ فِي كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى لِصُدُورِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مِنْ الْبَعْضِ فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالنَّفْيِ وُجُوبَ انْتِفَائِهَا، وَأَنَّهَا حَقِيقَةٌ بِأَنْ لَا تَكُونَ كَذَا فِي الْكَافِي وَالرَّفَثُ الْجِمَاعُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: 187] وَقِيلَ الْكَلَامُ الْفَاحِشُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ دَوَاعِيهِ فَيَحْرُمُ كَالْجِمَاعِ إلَّا أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ إنَّمَا يَكُونُ الْكَلَامُ الْفَاحِشُ رَفَثًا بِحَضْرَةِ النِّسَاءِ حَتَّى رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ يَنْشُدُ فِي إحْرَامِهِ:
وَهُنَّ يَمْشِينَ بِنَا هَمِيسًا ... إنْ يَصْدُقُ الطَّيْرُ نَنِكْ لَمِيسًا
فَقِيلَ لَهُ أَتَرْفُثُ وَأَنْتَ مُحْرِمٌ فَقَالَ إنَّمَا الرَّفَثُ بِحَضْرَةِ النِّسَاءِ، وَالضَّمِيرُ فِي هُنَّ لِلْإِبِلِ وَالْهَمِيسُ صَوْتُ نَقْلِ إخْفَافِهَا، وَقِيلَ الْمَشْيُ الْخَفِيُّ وَلَمِيسٌ اسْمُ جَارِيَةٍ وَالْمَعْنَى نَفْعَلُ بِهَا مَا نُرِيدُ إنْ صَدَقَ الْفَالُ، وَالْفُسُوقُ الْمَعَاصِي وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فِي الْإِحْرَامِ وَغَيْرِهِ إلَّا أَنَّهُ فِي الْإِحْرَامِ أَشَدُّ كَلُبْسِ الْحَرِيرِ فِي الصَّلَاةِ وَالتَّطْرِيبِ فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ.
وَالْجِدَالُ الْخُصُومَةُ مَعَ الرُّفَقَاءِ وَالْخَدَمِ وَالْمَكَّارِينَ وَمَنْ ذَكَرَ مِنْ الشَّارِحِينَ أَنَّ الْمُرَادَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ فَإِذَا نَقَصَ عَنْهَا فَكَذَلِكَ بِالْأَوْلَى) قَالَ فِي النَّهْرِ فِيهِ نَظَرٌ فَفِي الْفَتْحِ التَّلْبِيَةُ مَرَّةً شَرْطٌ وَالزِّيَادَةُ سُنَّةٌ قَالَ فِي الْمُحِيطِ حَتَّى لَا يَلْزَمَهُ الْإِسَاءَةُ بِتَرْكِهَا، ثُمَّ قَالَ إنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ بِهَا سُنَّةٌ فَإِنْ تَرَكَهُ كَانَ مُسِيئًا اهـ.
فَالنَّقْصُ بِالْإِسَاءَةِ أَوْلَى اهـ لَكِنْ فِي الْفَتْحِ أَيْضًا، وَيُسْتَحَبُّ فِي التَّلْبِيَةِ كُلِّهَا رَفْعُ الصَّوْتِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَبْلُغَ الْجَهْدَ فِي ذَلِكَ كَيْ لَا يَضْعُفَ، وَقَدْ نَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ عَنْ الْحَلَبِيِّ وَقَدْ يُنَازَعُ فِي دَعْوَى الْأَوْلَوِيَّةِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ فِيمَا سَبَقَ أَنَّ الْإِسَاءَةَ دُونَ الْكَرَاهَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ أَفَادَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُحْرِمًا إلَّا بِهِمَا) قَالَ فِي النَّهْرِ ثُمَّ إنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ لَا يُسْتَفَادُ مِنْهَا إلَّا أَنَّهُ يَصِيرُ مُحْرِمًا عِنْدَ النِّيَّةِ وَالتَّلْبِيَةِ، أَمَّا أَنَّ الْإِحْرَامَ بِهِمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا بِشَرْطِ ذِكْرِ الْآخَرِ فَلَا وَذَكَرَ الشَّهِيدُ أَنَّهُ يَصِيرُ شَارِعًا بِالنِّيَّةِ لَكِنْ عِنْدَ التَّلْبِيَةِ لَا بِهَا كَشُرُوعِهِ فِي الصَّلَاةِ لَكِنْ عِنْدَ التَّكْبِيرِ لَا بِهِ كَذَا فِي الْفَتْحِ تَبَعًا لِلشَّارِحِ وَبِهِ انْدَفَعَ مَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَصِيرُ شَارِعًا بِالتَّلْبِيَةِ بِشَرْطِ النِّيَّةِ مَعَ أَنَّ الْمَحْكِيَّ عَنْ الشَّهِيدِ عَكْسُهُ كَمَا مَرَّ، وَمِنْ ثَمَّ غَيَّرَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ الْعِبَارَةَ فَقَالَ إذَا نَوَى مُلَبِّيًا فَقَدْ أَحْرَمَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي انْعِقَادِ الْإِحْرَامِ هُوَ النِّيَّةُ، وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُفَادُ إنَّمَا هُوَ صَيْرُورَتُهُ مُحْرِمًا عِنْدَهُمَا فَالْعِبَارَتَانِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٌ.

(قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَاتَّقِ الرَّفَثَ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ الْفَاءُ فَصِيحَةٌ أَيْ إذَا أَحْرَمْتَ فَاتَّقِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ حَجَّ فَلَمْ يُرْفَثْ وَلَمْ يَفْسُقْ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» أَنَّ ذَلِكَ مِنْ ابْتِدَاءِ الْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى حَاجًّا قَبْلَهُ.

نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 2  صفحه : 347
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست