responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 2  صفحه : 322
{يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ} [الأعراف: 138] وَشَرْعًا اللُّبْثُ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ نِيَّتِهِ فَالرُّكْنُ هُوَ اللُّبْثُ وَالْكَوْنُ فِي الْمَسْجِدِ وَالنِّيَّةُ شَرْطَانِ لِلصِّحَّةِ وَأَمَّا الصَّوْمُ فَيَأْتِي وَمِنْهَا الْإِسْلَامُ وَالْعَقْلُ وَالطَّهَارَةُ عَنْ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَأَمَّا الْبُلُوغُ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ حَتَّى يَصِحَّ اعْتِكَافُ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ كَالصَّوْمِ وَكَذَا الذُّكُورَةُ وَالْحُرِّيَّةُ فَيَصِحُّ مِنْ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ بِإِذْنِ الزَّوْجِ وَالْمَوْلَى، وَلَوْ نَذَرَا فَلِمَنْ لَهُ الْإِذْنُ الْمَنْعُ وَيَقْضِيَانِهِ بَعْدَ زَوَالِ الْوِلَايَةِ بِالطَّلَاقِ الْبَائِنِ وَالْعِتْقِ وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ فَلَيْسَ لِلْمَوْلَى مَنْعُهُ، وَلَوْ تَطَوُّعًا وَلَوْ أَذِنَ لَهَا بِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ رُجُوعٌ لِكَوْنِهِ مَلَّكَهَا مَنَافِعَ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا وَهِيَ مِنْ أَهْلِ الْمِلْكِ بِخِلَافِ الْمَمْلُوكِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ وَقَدْ أَعَارَهُ مَنَافِعَهُ وَلِلْمُعِيرِ الرُّجُوعُ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ لِخَلْفِ الْوَعْدِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَفِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى التَّصْرِيحِ بِالْإِسْلَامِ وَالْعَقْلِ لِمَا أَنَّهُمَا عُلِمَا مِنْ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ وَالْمَجْنُونَ لَيْسَا بِأَهْلٍ لَهَا وَأَمَّا الطَّهَارَةُ مِنْ الْجَنَابَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ شَرْطًا لِلْجَوَازِ بِمَعْنَى الْحِلِّ كَالصَّوْمِ لَا لِلصِّحَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ وَأَمَّا صِفَتُهُ فَالسُّنِّيَّةُ كَمَا ذَكَرَهُ عَلَى كَلَامٍ فِيهِ يَأْتِي وَأَمَّا سَبَبُهُ فَالنَّذْرُ إنْ كَانَ وَاجِبًا وَالنَّشَاطُ الدَّاعِي إلَى طَلَبِ الثَّوَابِ إنْ كَانَ تَطَوُّعًا وَأَمَّا حُكْمُهُ فَسُقُوطُ الْوَاجِبِ وَنَيْلُ الثَّوَابِ إنْ كَانَ وَاجِبًا وَالثَّانِي فَقَطْ إنْ كَانَ نَفْلًا وَسَيَأْتِي مَا يُفْسِدُهُ وَيُكْرَهُ فِيهِ وَيَحْرُمُ وَيَنْدُبُ وَمَحَاسِنُهُ كَثِيرَةٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَفْرِيغَ الْقَلْبِ عَنْ أُمُورِ الدُّنْيَا وَتَسْلِيمَ النَّفْسِ إلَى الْمَوْلَى وَالتَّحَصُّنَ بِحِصْنٍ حَصِينٍ وَمُلَازَمَةَ بَيْتِ رَبٍّ كَرِيمٍ كَمَنْ احْتَاجَ إلَى عَظِيمٍ فَلَازِمَهُ حَتَّى قَضَى مَآرِبَهُ فَهُوَ يُلَازِمُ بَيْتَ رَبِّهِ لِيَغْفِرَ لَهُ كَذَا فِي الْكَافِي وَفِي الِاخْتِيَارِ وَهُوَ مِنْ أَشْرَفِ الْأَعْمَالِ إذَا كَانَ عَنْ إخْلَاصٍ.

(قَوْلُهُ: سُنَّ لَبْثٌ فِي مَسْجِدٍ بِصَوْمٍ وَنِيَّةٍ) أَيْ وَنِيَّةِ اللُّبْثِ الَّذِي هُوَ الِاعْتِكَافُ وَقَدْ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى صِفَتِهِ وَرُكْنِهِ وَشَرَائِطِهِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَهُوَ السُّنِّيَّةُ وَهَكَذَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ وَفِي الْقُدُورِيِّ الِاعْتِكَافُ مُسْتَحَبٌّ وَصَحَّحَ فِي الْهِدَايَةِ أَنَّهُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَذَكَرَ الشَّارِحُ أَنَّ الْحَقَّ انْقِسَامُهُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ وَاجِبٍ وَهُوَ الْمَنْذُورُ وَسُنَّةٍ وَهُوَ فِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ وَمُسْتَحَبٍّ وَهُوَ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْأَزْمِنَةِ وَتَبِعَهُ الْمُحَقِّقُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ سُنَّةٌ فِي الْأَصْلِ كَمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْمَتْنِ تَبَعًا لِمَا صَرَّحَ فِي الْبَدَائِعِ وَهِيَ مُؤَكَّدَةٌ وَغَيْرُ مُؤَكَّدَةٍ وَأَطْلَقَ عَلَيْهَا الِاسْتِحْبَابَ؛ لِأَنَّهَا بِمَعْنَاهُ وَأَمَّا الْوَاجِبُ فَهُوَ بِعَارِضِ النَّذْرِ وَفِي الْبَدَائِعِ أَنَّهُ يَجِبُ بِالشُّرُوعِ أَيْضًا وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ اشْتِرَاطُ زَمَنٍ لِلتَّطَوُّعِ
وَأَمَّا عَلَى الْمَذْهَبِ مِنْ أَنَّ أَقَلَّ النَّفْلِ سَاعَةٌ فَلَا وَالدَّلِيلُ عَلَى تَأَكُّدِهِ فِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ مُوَاظَبَتُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِيهِ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَلِهَذَا قَالَ الزُّهْرِيُّ عَجَبًا لِلنَّاسِ كَيْفَ تَرَكُوا الِاعْتِكَافَ وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَيَتْرُكُهُ وَلَمْ يَتْرُكْ الِاعْتِكَافَ مُنْذُ دَخَلَ الْمَدِينَةَ إلَى أَنْ مَاتَ فَهَذِهِ الْمُوَاظَبَةُ الْمَقْرُونَةُ بِعَدَمِ التَّرْكِ مَرَّةً لَمَّا اُقْتُرِنَتْ بِعَدَمِ الْإِنْكَارِ عَلَى مَنْ لَمْ يَفْعَلْهُ مِنْ الصَّحَابَةِ كَانَتْ دَلِيلَ السُّنِّيَّةِ وَإِلَّا كَانَتْ دَلِيلَ الْوُجُوبِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُوَاظَبَةَ قَدْ اُقْتُرِنَتْ بِالتَّرْكِ وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ الْحَدِيثُ مِنْ «أَنَّهُ اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الْأَخِيرَ مِنْ رَمَضَانَ فَرَأَى خِيَامًا وَقِبَابًا مَضْرُوبَةً فَقَالَ لِمَنْ هَذَا قَالَ لِعَائِشَةَ وَهَذَا لِحَفْصَةَ وَهَذَا لِسَوْدَةِ فَغَضِبَ وَقَالَ أَتَرَوْنَ الْبِرَّ بِهَذَا فَأَمَرَ بِأَنْ تُنْزَعَ قُبَّتُهُ فَنُزِعَتْ وَلَمْ يَعْتَكِفْ فِيهِ ثُمَّ قَضَى فِي شَوَّالٍ» وَقَدْ يُقَالُ إنَّ التَّرْكَ هُنَا لِعُذْرٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي الْمُوَاظَبَةِ كَلَامًا حَسَنًا فِي سُنَنِ الْوُضُوءِ فَارْجِعْ إلَيْهِ وَلَا فَرْقَ فِي الْمَنْذُورِ بَيْنَ الْمُنَجَّزِ وَالْمُعَلَّقِ
وَأَشَارَ بِاللُّبْثِ إلَى رُكْنِهِ وَبِالْمَسْجِدِ وَالصَّوْمِ وَالنِّيَّةِ إلَى شَرَائِطِهِ لَكِنْ ذِكْرُ الصَّوْمِ مَعَهَا لَا يَنْبَغِي؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الْمَنْذُورِ لِتَصْرِيحِهِ بِالسُّنِّيَّةِ وَلَا عَلَى غَيْرِهِ لِتَصْرِيحِهِ بَعْدُ بِأَنَّ أَقَلَّهُ نَفْلًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الطَّهَارَةُ مِنْ الْجَنَابَةِ فَيَنْبَغِي إلَخْ) ذَكَرَ فِي النَّهْرِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ اشْتِرَاطُ الطَّهَارَةِ فِيهِ عَنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ عَلَى رِوَايَةِ اشْتِرَاطِ الصَّوْمِ فِي نَفْلِهِ أَمَّا عَلَى عَدَمِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ شَرَائِطِ الْحِلِّ فَقَطْ كَالطَّهَارَةِ عَنْ الْجَنَابَةِ قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِهَذَا اهـ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ تُشْتَرَطَ لِلصِّحَّةِ الطَّهَارَةُ عَنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ فِي الْمَنْذُورِ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ لَا يَكُونُ مَعَهُمَا وَكَذَلِكَ فِي النَّفْلِ عَلَى رِوَايَةِ اشْتِرَاطِ الصَّوْمِ فِيهِ وَأَمَّا عَلَى عَدَمِهِ فَيَنْبَغِي اشْتِرَاطُهَا لِلْحِلِّ لَا لِلصِّحَّةِ كَمَا لَا تُشْتَرَطُ الطَّهَارَةُ مِنْ الْجَنَابَةِ لِشَيْءٍ مِنْ الْمَنْذُورِ وَغَيْرِهِ كَمَا فِي الْإِمْدَادِ أَيْ لِلصِّحَّةِ أَمَّا لِلْحِلِّ فَيَنْبَغِي اشْتِرَاطُهَا كَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ (قَوْلُهُ: كَالصَّوْمِ) فِيهِ أَنَّ الصَّوْمَ شَرْطٌ لِلصِّحَّةِ لَا الْحِلِّ وَهَذَا فِي الْمَنْذُورِ وَالنَّفَلِ عَلَى رِوَايَةٍ أَمَّا عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ أَصْلًا وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ الطَّهَارَةَ مِنْ الْجَنَابَةِ شَرْطٌ لِحِلِّ الصَّوْمِ فَفِيهِ نَظَرٌ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَأَطْلَقَ عَلَيْهَا الِاسْتِحْبَابَ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ هُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْقُدُورِيَّ أَطْلَقَ اسْمَ الِاسْتِحْبَابِ عَلَى الْمُؤَكَّدَةِ وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّهَا بِمَعْنَاهُ لَكِنْ لَا يَخْفَى مَا فِي إطْلَاقِ الْمُسْتَحَبِّ عَلَى الْمُؤَكَّدَةِ مِنْ الْمُؤَاخَذَةِ فَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى نَوْعٍ مِنْهُ وَهُوَ غَيْرُ الْمُؤَكَّدَةِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمُشَكَّكَ حَقِيقَةٌ فِي أَفْرَادِهِ اهـ.
وَقَدْ يُقَالُ مَا جَعَلَهُ الْأَقْرَبَ هُوَ مُرَادُ الْمُؤَلِّفِ بِإِرْجَاعِ ضَمِيرِ عَلَيْهَا لِأَقْرَبِ مَذْكُورٍ وَهُوَ غَيْرُ الْمُؤَكَّدَةِ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ

نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 2  صفحه : 322
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست