responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 2  صفحه : 18
وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ مَا صَحَّحَهُ فِي الذَّخِيرَةِ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ أَنَّ بِقَاعِ الْمَسْجِدِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى السَّوَاءِ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَسْجِدِ الصَّغِيرِ وَرَجَّحَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ فَإِنَّ الْمُؤْثِمَ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَكَوْنُ ذَلِكَ الْبَيْتِ بِرُمَّتِهِ اُعْتُبِرَ بُقْعَةً وَاحِدَةً فِي حَقِّ بَعْضِ الْأَحْكَامِ لَا يَسْتَلْزِمُ تَغْيِيرَ الْأَمْرِ الْحِسِّيِّ مِنْ الْمُرُورِ مِنْ بَعِيدٍ فَيَجْعَلُ الْبَعِيدَ قَرِيبًا اهـ.
فَحَاصِلُ الْمَذْهَبِ عَلَى الصَّحِيحِ أَنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي يُكْرَهُ الْمُرُورُ فِيهِ هُوَ أَمَامَ الْمُصَلِّي فِي مَسْجِدٍ صَغِيرٍ وَمَوْضِعُ سُجُودِهِ فِي مَسْجِدٍ كَبِيرٍ أَوْ فِي الصَّحْرَاءِ أَوْ أَسْفَلَ مِنْ الدُّكَّانِ أَمَامَ الْمُصَلِّي لَوْ كَانَ يُصَلِّي عَلَيْهَا بِشَرْطِ مُحَاذَاةِ أَعْضَاءِ الْمَارِّ أَعْضَاءَهُ قَالَ فِي النِّهَايَةِ إنَّمَا شُرِطَ هَذَا فَإِنَّهُ لَوْ صَلَّى عَلَى الدُّكَّانِ وَالدُّكَّانُ مِثْلُ قَامَةِ الرَّجُلِ وَهُوَ سُتْرَةٌ فَلَا يَأْثَمُ الْمَارُّ وَكَذَا السَّطْحُ وَالسَّرِيرُ وَكُلُّ مُرْتَفِعٍ وَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ حَدَّهُ بِقَدْرِ السُّتْرَةِ وَهُوَ ذِرَاعٌ وَهُوَ غَلَطٌ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا كُرِهَ مُرُورُ الرَّاكِبِ وَإِنْ اسْتَتَرَ بِظَهْرِ إنْسَانٍ جَالِسٍ كَانَ سُتْرَةً وَإِنْ كَانَ قَائِمًا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنْ اسْتَتَرَ بِدَابَّةٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَقَالُوا حِيلَةُ الرَّاكِبِ إذَا أَرَادَ أَنْ يَمُرَّ يَنْزِلُ فَيَصِيرُ وَرَاءَ الدَّابَّةِ وَيَمُرَّا فَتَصِيرُ الدَّابَّةُ سُتْرَةً وَلَا يَأْثَمُ وَكَذَا لَوْ مَرَّ رَجُلَانِ مُتَحَاذِيَانِ فَإِنَّ كَرَاهَةَ الْمُرُورِ وَإِثْمَهُ يَلْحَقُ الَّذِي يَلِي الْمُصَلِّيَ اهـ.
الرَّابِعُ: أَنَّهُ يَنْبَغِي لِمَنْ يُصَلِّي فِي الصَّحْرَاءِ أَنْ يَتَّخِذَ أَمَامَهُ سُتْرَةً لِمَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمَا عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيُصَلِّ إلَى سُتْرَةٍ وَلَا يَدَعُ أَحَدًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ» .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَيْضًا «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا خَرَجَ يَوْمَ الْعِيدِ أَمَرَ بِالْحَرْبَةِ فَتُوضَعُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَيُصَلِّي إلَيْهَا وَالنَّاسُ وَرَاءَهُ وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السَّفَرِ» وَفِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي الصَّحْرَاءِ مِنْ غَيْرِ سُتْرَةٍ إذَا خَافَ الْمُرُورَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ لِمُخَالَفَةِ الْأَمْرِ الْمَذْكُورِ لَكِنْ فِي الْبَدَائِعِ وَالْمُسْتَحَبُّ لِمَنْ يُصَلِّي فِي الصَّحْرَاءِ إنْ يَنْصِبَ شَيْئًا وَيَسْتَتِرَ فَأَفَادَ أَنَّ الْكَرَاهَةَ تَنْزِيهِيَّةٌ فَحِينَئِذٍ كَانَ الْأَمْرُ لِلنَّدَبِ لَكِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى صَارِفٍ عَنْ الْحَقِيقَةِ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْحَلَبِيُّ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ إنَّمَا قَيَّدَ بِقَوْلِهِ فِي الصَّحْرَاءِ لِأَنَّهَا الْمَحَلُّ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ الْمُرُورُ غَالِبًا وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ كَرَاهَةُ تَرْكِ السُّتْرَةِ فِيمَا يُخَافُ فِيهِ الْمُرُورُ أَيُّ مَوْضِعٍ كَانَ.
الْخَامِسُ أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ يَكُونَ مِقْدَارُهَا ذِرَاعًا فَصَاعِدًا لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ سُتْرَةِ الْمُصَلِّي فَقَالَ بِقَدْرِ مُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ» وَمُؤَخِّرَةٌ بِضَمِّ الْمِيمِ وَهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ الْعُودُ الَّذِي فِي آخِرِ الرَّحْلِ مِنْ كَوْرِ الْبَعِيرِ وَفَسَّرَهَا عَطَاءٌ بِأَنَّهَا ذِرَاعٌ فَمَا فَوْقَهُ كَمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد السَّادِسُ اخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ غِلَظِهَا فَفِي الْهِدَايَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ فِي غِلَظِ الْإِصْبَعِ لِأَنَّ مَا دُونَهُ لَا يَبْدُو
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ وَرَجَّحَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ) أَيْ فِي أَنَّهُ يُكْرَهُ الْمُرُورُ فِيمَا يَقَعُ عَلَيْهِ بَصَرُهُ فَإِنَّهُ قَالَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ تَرَجُّحُ مَا اخْتَارَهُ فِي النِّهَايَةِ مِنْ مُخْتَارِ فَخْرِ الْإِسْلَامِ وَكَوْنُهُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ فَإِنَّ الْمُؤَثِّمَ الْمُرُورُ إلَخْ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَسْجِدِ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ أَيْضًا فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَالصَّحْرَاءِ
(قَوْلُهُ فِي حَقِّ بَعْضِ الْأَحْكَامِ) أَيْ كَاسْتِقْبَالِ وَجْهِ الْمُصَلِّي عَلَى مَا مَرَّ فِي عِبَارَةِ الذَّخِيرَةِ وَكَعَدِمِ جَعْلِ الْفَاصِلِ بِقَدْرِ الصَّفَّيْنِ مَانِعًا مِنْ الِاقْتِدَاءِ بِخِلَافِ الْمَسْجِدِ الْكَبِيرِ فَإِنَّهُ مَانِعٌ كَمَا فِي الصَّحْرَاءِ (قَوْلُهُ فَيُجْعَلُ الْبَعِيدُ قَرِيبًا) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ تَغْيِيرٌ أَيْ لَا يَسْتَلْزِمُ تَغْيِيرَ الْأَمْرِ الْحِسِّيِّ وَهُوَ الْمُرُورُ مِنْ بَعِيدٍ بِأَنْ يُجْعَلَ ذَلِكَ الْبَعِيدُ قَرِيبًا أَيْ بِأَنْ يُجْعَلَ فِي حُكْمِ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي (قَوْلُهُ أَوْ أَسْفَلَ مِنْ الدُّكَّانِ أَمَامَ الْمُصَلِّي) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مُصَوَّرٌ فِي غَيْرِ مَا مَرَّ مِنْ الْمَسْجِدِ الصَّغِيرِ أَوْ الْكَبِيرِ أَوْ الصَّحْرَاءِ بِأَنْ يَكُونَ فِي بَيْتٍ أَوْ نَحْوِهِ وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ لِذِكْرِهِ لِأَنَّهُ فِي الْمَسْجِدِ الصَّغِيرِ قَدْ ذَكَرَ أَنَّهُ يُكْرَهُ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْهِ أَيْ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَائِطِ الْقِبْلَةِ كَمَا مَرَّ وَفِي الْكَبِيرِ وَالصَّحْرَاءُ مَوْضِعُ السُّجُودِ وَمَا تَحْتَ الدُّكَّانِ لَيْسَ مَوْضِعَ السُّجُودِ كَمَا مَرَّ فَتَعَيَّنَ مَا قُلْنَا وَيُمْكِنُ أَنْ يُتَصَوَّرَ فِي الْمَسْجِدِ الصَّغِيرِ أَيْضًا وَأَنَّ حُكْمَهُ كَالْبَيْتِ وَيَكُونُ فَائِدَةُ ذِكْرِهِ وَإِنْ دَخَلَ تَحْتَ قَوْلِهِ أَمَامَ الْمُصَلِّي دَفْعَ تَوَهُّمِ أَنَّ الدُّكَّانَ حَائِلٌ هَذَا وَمَا فِي مِنَحِ الْغَفَّارِ مِنْ تَخْصِيصِ الْإِثْمِ بِالْمُرُورِ إذَا كَانَ الْمُصَلِّي عَلَى الدُّكَّانِ بِرِوَايَةِ فَخْرِ الْإِسْلَامِ دُونَ رِوَايَةِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ الِاتِّفَاقُ عَلَيْهِ حَيْثُ أَوْرَدَ وَالْمَسْأَلَةَ نَقْضًا عَلَى مَا اخْتَارَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَقَدْ صَرَّحَ بِالِاتِّفَاقِ عَلَى الْكَرَاهَةِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فَتَنَبَّهْ
(قَوْلُهُ بِشَرْطِ مُحَاذَاةِ أَعْضَاءِ الْمَارِّ أَعْضَاءَهُ) أَيْ أَعْضَاءَ الْمُصَلِّي كُلَّهَا كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ أَوْ أَكْثَرَهَا كَمَا قَالَ آخَرُونَ كَمَا فِي الْكَرْمَانِيِّ وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ لَوْ حَاذَى أَقَلَّهَا أَوْ نِصْفَهَا لَمْ يُكْرَهْ وَفِي الزَّادِ أَنَّهُ يُكْرَهُ إذَا حَاذَى نِصْفُهُ الْأَسْفَلُ النِّصْفَ الْأَعْلَى مِنْ الْمُصَلِّي كَمَا إذَا كَانَ الْمَارُّ عَلَى فَرَسٍ كَذَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَفِيهِ أَيْضًا الدُّكَّانُ الْمَوْضِعُ الْمُرْتَفِعُ كَالسَّطْحِ وَالسَّرِيرِ وَهُوَ بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ فِي الْأَصْلِ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ كَمَا فِي الصِّحَاحِ أَوْ عَرَبِيٌّ مِنْ دَكَنْت الْمَتَاعَ إذَا نَضَدْت بَعْضَهُ فَوْقَ بَعْضٍ كَمَا فِي الْمَقَابِيسِ. اهـ.
(قَوْلُهُ لَكِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى صَارِفٍ عَنْ الْحَقِيقَةِ) قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ قُلْت الصَّارِفُ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد «عَنْ الْفَضْلِ وَالْعَبَّاسِ رَأَيْنَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَادِيَةِ لَنَا يُصَلِّي فِي صَحْرَاءَ لَيْسَ بَيْنَ يَدَيْهِ سُتْرَةٌ» وَلِأَحْمَدَ وَابْنِ عَبَّاسٍ «صَلَّى فِي فَضَاءٍ لَيْسَ بَيْنَ يَدَيْهِ شَيْءٌ» اهـ.
كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا اهـ

نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 2  صفحه : 18
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست