responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 1  صفحه : 181
فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَمَسَحَ أَعْلَى الْخُفِّ وَأَسْفَلَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَلَنَا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طُرُقٍ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَوْ كَانَ الدِّينُ بِالرَّأْيِ لَكَانَ أَسْفَلُ الْخُفِّ أَوْلَى بِالْمَسْحِ مِنْ أَعْلَاهُ وَقَدْ «رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَمْسَحُ عَلَى ظَاهِرِ خُفَّيْهِ» أَرَادَ أَنَّ أُصُولَ الشَّرِيعَةِ لَمْ تَثْبُتْ مِنْ طَرِيقِ الْقِيَاسِ، وَإِنَّمَا طَرِيقُهَا التَّوْقِيفُ وَغَيْرُ جَائِزٍ اسْتِعْمَالُ الْقِيَاسِ فِي رَدِّ التَّوْقِيفِ
وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ بَاطِنُ الْخُفِّ أَوْلَى بِالْمَسْحِ؛ لِأَنَّهُ يُلَاقِي الْأَرْضَ بِمَا عَلَيْهَا مِنْ طِينٍ وَتُرَابٍ وَقَذِرٍ وَلَا يُلَاقِيهَا ظَاهِرُهُ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَسْتَعْمِلْ الْقِيَاسَ؛ لِأَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَمْسَحُ ظَاهِرَ الْخُفِّ دُونَ بَاطِنِهِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ كَانَ نَفْيَ الْقِيَاسِ مَعَ النَّصِّ كَذَا ذَكَرَهُ الْجَصَّاصُ فِي أُصُولِهِ اهـ.
كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ، وَهَذَا يُفِيدُ كَظَاهِرِ مَا فِي النِّهَايَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَاطِنِ عِنْدَهُمْ مَحَلُّ الْوَطْءِ لَا مَا يُلَاقِي الْبَشَرَةَ وَتَعَقَّبَهُمْ الْمُحَقِّقُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِهِ لَا تَظْهَرُ أَوْلَوِيَّةُ مَسْحِ بَاطِنِهِ لَوْ كَانَ بِالرَّأْيِ بَلْ الْمُتَبَادِرُ مِنْ قَوْلِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ذَلِكَ مَا يُلَاقِي الْبَشَرَةَ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ مِنْ غَسْلِ الرِّجْلِ فِي الْوُضُوءِ لَيْسَ لِإِزَالَةِ الْخَبَثِ بَلْ الْحَدَثِ وَمَحَلُّ الْوَطْءِ مِنْ بَاطِنِ الرِّجْلِ فِيهِ كَظَاهِرِهِ وَكَذَا مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ فِيهِ بِلَفْظٍ لَكَانَ أَسْفَلُ الْخُفِّ أَوْلَى بِالْمَسْحِ مِنْ أَعْلَاهُ يَجِبُ أَنْ يُرَادَ بِالْأَسْفَلِ الْوَجْهُ الَّذِي يُلَاقِي الْبَشَرَةَ؛ لِأَنَّهُ أَسْفَلُ مِنْ الْوَجْهِ الْأَعْلَى الْمُحَاذِي لِلسَّمَاءِ كَمَا ذَكَرْنَا اهـ.
وَمَا رُوِيَ أَنَّهُ مَسَحَ أَعْلَاهُ وَأَسْفَلَهُ فَقَدْ ضَعَّفَهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُمَا وَلَوْ صَحَّ فَمَعْنَاهُ مَا يَلِي السَّاقَ وَمَا يَلِي الْأَصَابِعَ تَوْفِيقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ عَلِيٍّ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَأَوْرَدَ أَنَّهُ يَنْبَغِي جَوَازُ مَسْحِ الْأَسْفَلِ وَالْعَقِبِ؛ لِأَنَّهُ خَلَفٌ عَنْ الْغَسْلِ فَيَجُوزُ فِي جَمِيعِ مَحَلِّ الْغَسْلِ كَمَسْحِ الرَّأْسِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِي جَمِيعِ الرَّأْسِ، وَإِنْ ثَبَتَ مَسْحُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَى النَّاصِيَةِ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ فِعْلَهُ هُنَا ابْتِدَاءً غَيْرُ مَعْقُولٍ فَيُعْتَبَرُ جَمِيعُ مَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ مِنْ رِعَايَةِ الْفِعْلِ وَالْمَحَلِّ بِخِلَافِ مَسْحِهِ عَلَى النَّاصِيَةِ، فَإِنَّهُ بَيَانُ مَا ثَبَتَ بِالْكِتَابِ لَا نَصْبِ الشَّرْعِ فَيَجِبُ الْعَمَلُ بِقَدْرِ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْبَيَانُ، وَهُوَ الْمِقْدَارُ؛ لِأَنَّ الْمَحَلَّ مَعْلُومٌ بِالنَّصِّ فَلَا حَاجَةَ إلَى جَعْلِ فِعْلِهِ بَيَانًا لَهُ وَتَعَقَّبَ بِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ الْمَسْحُ إلَى السَّاقِ رِعَايَةً لِجَمِيعِ مَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ قَدْرَ ثَلَاثِ أَصَابِعَ إلَّا بِنَصٍّ وَلَمْ يُجِبْ عَنْهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَبِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ بَدَأَ مِنْ السَّاقِ لَا يَجُوزُ لِمَا ذَكَرْنَا فَأَجَابَ عَنْ الثَّانِي فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ مُرَاعَاةُ جَمِيعِ مَا وَرَدَ بِهِ فِي مَحَلِّ الِابْتِدَاءِ أَوْ الِانْتِهَاءِ لِلْعِلْمِ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ إيقَاعُ الْبِلَّةِ عَلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ
وَأَجَابَ عَنْ الْأَوَّلِ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ بِأَنَّهُ رُوِيَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ مَدٍّ إلَى السَّاقِ كَمَا رُوِيَ الْمَدُّ فَجُعِلَ الْمَفْرُوضُ أَصْلَ الْمَسْحِ وَالْمَدُّ سُنَّةٌ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ وَتَعَقَّبَ بِأَنَّهُ يَنْبَغِي حَمْلُ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ هُنَا لِوُرُودِهِمَا فِي حُكْمٍ وَاحِدٍ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ كَمَا فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الرِّوَايَتَيْنِ لَا يَتَسَاوَيَانِ فِي الشُّهْرَةِ بَلْ الْمُطْلَقُ هُوَ الْمَشْهُورُ دُونَ الْمُقَيَّدِ وَلَئِنْ سَلَّمْنَا تَسَاوِيهِمَا لَا يَجِبُ الْحَمْلُ أَيْضًا لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ، فَإِنَّ مَسْحَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا يَكُونُ الْإِطْلَاقُ وَالتَّقْيِيدُ فِي حُكْمٍ وَاحِدٍ فِي حَادِثَةٍ وَاحِدَةٍ بَلْ فِي مُتَعَدِّدٍ فِي نَفْسِهِ فَيَثْبُتُ أَصْلُ الْمَسْحِ وَسُنِّيَّةُ الْمَدِّ وَتَعَقَّبَ بِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَحَبَّ الْجَمْعُ بَيْنَ مَسْحِ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ لِكَوْنِهِمَا مَرْوِيَّيْنِ وَالْجَمْعُ مُمْكِنٌ فَيُثْبِتُ فَرْضِيَّةَ أَصْلِ الْمَسْحِ وَسُنِّيَّةَ الْمَسْحِ عَلَى الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ احْتِمَالًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ فَلَا تَثْبُتُ السُّنِّيَّةُ بِالشَّكِّ، وَقَدْ يُقَالُ كَانَ يَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَنْ يَكُونَ فِي صَوْمِ الْكَفَّارَةِ مُطْلَقُ الصَّوْمِ وَاجِبٌ وَالتَّتَابُعُ سَنَةٌ وَيَكُونُ هَذَا جَمْعًا بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ؛ وَلِهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لَمْ يَرْتَضِ الْمُحَقِّقُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِمَا أَجَابَ بِهِ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَفِي الْبَدَائِعِ مَا يَصْلُحُ جَوَابًا عَمَّا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، فَإِنَّهُ اسْتَدَلَّ عَلَى فَرْضِيَّةِ ثَلَاثِ أَصَابِعَ بِحَدِيثِ عَلِيٍّ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَسَحَ عَلَى ظَهْرِ خُفَّيْهِ خُطُوطًا بِالْأَصَابِعِ» قَالَ: وَهَذَا خَرَجَ مَخْرَجَ التَّفْسِيرِ لِلْمَسْحِ وَالْأَصَابِعُ اسْمُ جَمْعٍ وَأَقَلُّ الْجَمْعِ الصَّحِيحِ ثَلَاثَةٌ فَكَانَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: فَمَعْنَاهُ مَا يَلِي السَّاقَ إلَخْ) أَيْ الْمُرَادُ بِأَعْلَاهُ فِي الْحَدِيثِ مَا ارْتَفَعَ مِنْهُ أَيْ مِنْ جِهَةِ السَّاقِ وَالْمُرَادُ بِأَسْفَلِهِ مَا نَزَلَ عَنْهُ مِنْ جِهَةِ الْأَصَابِعِ فَكَأَنَّهُ قِيلَ مَسَحَ مِنْ أَسْفَلِهِ إلَى أَعْلَى سَاقِهِ.

نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 1  صفحه : 181
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست