responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الاختيار لتعليل المختار نویسنده : ابن مودود الموصلي    جلد : 5  صفحه : 85
يُبْدَأُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ بِتَجْهِيزِهِ وَدَفْنِهِ عَلَى قَدْرِهَا ثُمَّ تُقْضَى دُيُونُهُ، ثُمَّ تُنَفَّذُ وَصَايَاهُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ، ثُمَ يُقْسَمُ الْبَاقِي بَيْنَ وَرَثَتِهِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQاللَّهَ - تَعَالَى - سَمَّاهُ بِهِ، فَقَالَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ: {فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ} [النساء: 11] وَالنَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَيْضًا سَمَّاهُ بِهِ فَقَالَ: «تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ» ، وَالثَّانِي أَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - ذَكَرَ الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ وَغَيْرَهُمَا مِنَ الْعِبَادَاتِ مُجْمَلًا وَلَمْ يُبَيِّنْ مَقَادِيرَهَا، وَذَكَرَ الْفَرَائِضَ وَبَيَّنَ سِهَامَهَا وَقَدَّرَهَا تَقْدِيرًا لَا يَحْتَمِلُ الزِّيَادَةَ وَالنُّقْصَانَ، فَخَصَّ هَذَا النَّوْعَ بِهَذَا الِاسْمِ لِهَذَا الْمَعْنَى، وَالْإِرْثُ فِي اللُّغَةِ الْبَقَاءُ، قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «إِنَّكُمْ عَلَى إِرْثٍ مِنْ إِرْثِ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ» أَيْ عَلَى بَقِيَّةٍ مِنْ بَقَايَا شَرِيعَتِهِ، وَالْوَارِثُ الْبَاقِي وَهُوَ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ - تَعَالَى -: أَيِ الْبَاقِي بَعْدَ فَنَاءِ خَلْقِهِ، وَسُمِّيَ الْوَارِثُ لِبَقَائِهِ بَعْدَ الْمُوَرِّثِ.
وَفِي الشَّرْعِ: انْتِقَالُ مَالِ الْغَيْرِ إِلَى الْغَيْرِ عَلَى سَبِيلِ الْخِلَافَةِ، فَكَأَنَّ الْوَارِثَ لِبَقَائِهِ انْتَقَلَ إِلَيْهِ بَقِيَّةُ مَالِ الْمَيِّتِ. وَمِنْ شَرَفِ هَذَا الْعِلْمِ أَنَّ اللَّهَ تَوَلَّى بَيَانَهُ وَقِسْمَتَهُ بِنَفْسِهِ وَأَوْضَحَهُ وُضُوحَ النَّهَارِ بِشَمْسِهِ فَقَالَ: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] إِلَى آخِرِ الْآيَتَيْنِ، وَقَالَ سُبْحَانَهُ: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ} [النساء: 176] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، فَبَيَّنَ فِيهَا أَهَمَّ سِهَامِ الْفَرَائِضِ وَمُسْتَحِقِّيهَا، وَالْبَاقِي يُعْرَفُ بِالِاسْتِنْبَاطِ لِمَنْ تَأَمَّلَ فِيهَا، وَالنَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَمَرَ بِتَعْلِيمِهَا وَحَضَّ عَلَيْهِ فَقَالَ: «تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ وَعَلِّمُوهَا النَّاسَ فَإِنَّهَا نِصْفُ الْعِلْمِ، وَإِنَّهَا أَوَّلُ عِلْمٍ يَدْرُسُ» ، وَفِي رِوَايَةٍ: «أَوَّلُ عِلْمٍ يُنْتَزَعُ مِنْ أُمَّتِي» ، وَالْأَحَادِيثُ وَالْآثَارُ فِي فَضْلِهِ كَثِيرَةٌ.
قَالَ: (يُبْدَأُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ بِتَجْهِيزِهِ وَدَفْنِهِ عَلَى قَدْرِهَا، ثُمَّ تُقْضَى دُيُونُهُ، ثُمَّ تُنَفَّذُ وَصَايَاهُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ، ثُمَّ يُقْسَمُ الْبَاقِي بَيْنَ وَرَثَتِهِ) فَهَذِهِ الْحُقُوقُ الْأَرْبَعَةُ تَتَعَلَّقُ بِتَرِكَةِ الْمَيِّتِ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ. أَمَّا الْبِدَايَةُ بِتَجْهِيزِهِ وَدَفْنِهِ فَلِأَنَّ اللِّبَاسَ وَسَتْرَ الْعَوْرَةِ مِنَ الْحَوَائِجِ اللَّازِمَةِ الضَّرُورِيَّةِ وَأَنَّهَا مُقَدَّمَةٌ عَلَى الدُّيُونِ وَالنَّفَقَاتِ وَجَمِيعِ الْوَاجِبَاتِ فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ، فَكَذَا بَعْدَ الْمَمَاتِ وَبِالْإِجْمَاعِ إِلَّا حَقًّا تَعَلَّقَ بِعَيْنٍ كَالرَّهْنِ وَالْعَبْدِ الْجَانِي، فَإِنَّ الْمُرْتَهِنَ وَوَلِيَّ الْجِنَايَةِ أَوْلَى مِنْ تَجْهِيزِهِ ; لِأَنَّهُمَا أَحَقُّ بِذَلِكَ فِي حَالِ الْحَيَاةِ مِنَ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ كَسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، فَكَذَا بَعْدَ وَفَاتِهِ، وَيُكَفَّنُ فِي مِثْلِ مَا كَانَ يَلْبَسُهُ مِنَ الثِّيَابِ الْحَلَالِ حَالَ حَيَاتِهِ عَلَى قَدْرِ التَّرِكَةِ مِنْ غَيْرِ تَقْتِيرٍ وَلَا تَبْذِيرٍ اعْتِبَارًا لِإِحْدَى الْحَالَتَيْنِ بِالْأُخْرَى، وَيُقَدَّمُ عَلَى الْوَصِيَّةِ ; لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَبَرُّعٌ وَاللَّازِمُ أَوْلَى، وَعَلَى الْوَرَثَةِ لِأَنَّ الْمَالَ إِنَّمَا يَنْتَقِلُ إِلَيْهِمْ عِنْدَ غِنَائِهِ، أَلَا تَرَى أَنَّ حَالَ حَاجَتِهِ وَهِيَ مُدَّةُ حَيَاتِهِ لَا يَنْتَقِلُ إِلَيْهِمْ، قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «ابْدَأْ بِنَفْسِكَ ثُمَّ بِمَنْ تَعُولُ» ، ثُمَّ تُقْضَى دُيُونُهُ مِنْ جَمِيعِ مَا بَقِيَ مِنْ مَالِهِ لِقَوْلِهِ - تَعَالَى -: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 11] وَأَنَّهُ يَقْتَضِي تَأَخُّرَ الْقِسْمَةِ عَنِ الدَّيْنِ وَالْوَصِيَّةِ، وَلَا يَقْتَضِي تَقَدُّمَ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، فَإِنَّ مَنْ قَالَ: أَعْطِ زَيْدًا بَعْدَ عَمْرٍو أَوْ بَكْرٍ لَا يَقْتَضِي

نام کتاب : الاختيار لتعليل المختار نویسنده : ابن مودود الموصلي    جلد : 5  صفحه : 85
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست