responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الاختيار لتعليل المختار نویسنده : ابن مودود الموصلي    جلد : 4  صفحه : 154
وَالنَّظَرُ إِلَى الْعَوْرَةِ حَرَامٌ إِلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ كَالطَّبِيبِ وَالْخَاتِنِ وَالْخَافِضَةِ وَالْقَابِلَةِ، وَقَدْ بَيَّنَّا الْعَوْرَةَ فِي الصَّلَاةِ؛ وَيَنْظُرُ الرَّجُلُ مِنَ الرَّجُلِ إِلَى جَمِيعِ بَدَنِهِ إِلَّا الْعَوْرَةَ، وَتَنْظُرُ الْمَرْأَةُ مِنَ الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ إِلَى مَا يَنْظُرُ الرَّجُلُ مِنَ الرَّجُلِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَدَلِيلُ الْحُرْمَةِ.

[فصل النَّظَرُ إِلَى الْعَوْرَةِ]
قَالَ: (وَالنَّظَرُ إِلَى الْعَوْرَةِ حَرَامٌ إِلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ كَالطَّبِيبِ وَالْخَاتِنِ وَالْخَافِضَةِ وَالْقَابِلَةِ، وَقَدْ بَيَّنَّا الْعَوْرَةَ فِي) كِتَابِ (الصَّلَاةِ) وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} [النور: 30] وقَوْله تَعَالَى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ} [النور: 31] الْآيَةَ، مَعْنَاهُ يَسْتُرُونَهَا مِنَ الِانْكِشَافِ لِئَلَّا يَنْظُرَ إِلَيْهَا الْغَيْرُ نَقْلًا عَنِ الْمُفَسِّرِينَ، وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «مَلْعُونٌ مَنَ نَظَرَ إِلَى سَوْأَةِ أَخِيهِ» .
فَأَمَّا حَالَةُ الضَّرُورَةِ فَالضَّرُورَاتُ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ، أَلَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ أَبَاحَ شُرْبَ الْخَمْرِ وَأَكْلَ الْمَيْتَةِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَمَالِ الْغَيْرِ حَالَةَ الْمَخْمَصَةِ وَمَا إِذَا غُصَّ، وَهَذَا لِأَنَّ أَحْوَالَ الضَّرُورَاتِ مُسْتَثْنَاةٌ، قَالَ تَعَالَى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] ، وَقَالَ: {لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: 233] ؛ وَفِي اعْتِبَارِ حَالَةِ الضَّرُورَةِ حَرَجٌ وَتَكْلِيفُ مَا لَيْسَ فِي الْوُسْعِ، وَلِأَنَّ هَذِهِ الْأَفْعَالَ مَأْمُورٌ بِهَا، فَعِنْدَ بَعْضِهِمْ هِيَ وَاجِبَةٌ، وَعِنْدَ الْبَعْضِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، وَلَا يُمْكِنُ فِعْلُهَا إِلَّا بِالنَّظَرِ إِلَى مَحَالِهَا، فَكَانَ الْأَمْرُ بِهَا أَمْرًا بِالنَّظَرِ إِلَى مِحَالِهَا وَيَلْزَمُ مِنْهُ الْإِبَاحَةُ ضَرُورَةً.
وَيَنْبَغِي لِلطَّبِيبِ أَنْ يُعَلِّمَ امْرَأَةً مُدَاوَاتَهَا، لِأَنَّ نَظَرَ الْمَرْأَةِ إِلَى الْمَرْأَةِ أَخَفُّ مِنْ نَظَرِ الرَّجُلِ إِلَيْهَا لِأَنَّهَا أَبْعَدُ مِنَ الْفِتْنَةِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْهُ بُدٌّ فَلْيَغُضَّ بَصَرَهُ مَا اسْتَطَاعَ تَحَرُّزًا عَنِ النَّظَرِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ، وَكَذَلِكَ تَفْعَلُ الْمَرْأَةُ عِنْدَ النَّظَرِ إِلَى الْفَرْجِ عِنْدَ الْوِلَادَةِ وَتَعَرُّفِ الْبَكَارَةِ، أَلَا يَرَى أَنَّهُ يَجُوزُ النَّظَرُ إِلَيْهِ لِتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ عَلَى الزِّنَا وَلَا ضَرُورَةَ فَهَذَا أَوْلَى، وَالْعَوْرَةُ فِي الرُّكْبَةِ أَخَفُّ فَكَاشِفُهَا يُنْكَرُ عَلَيْهِ بِرِفْقٍ، ثُمَّ الْفَخْذُ وَكَاشِفُهُ يُعَنَّفُ عَلَى ذَلِكَ؛ ثُمَّ السَّوْأَةُ فَيُؤَدَّبُ كَاشِفُهَا.
قَالَ: (وَيَنْظُرُ الرَّجُلُ مِنَ الرَّجُلِ إِلَى جَمِيعِ بَدَنِهِ إِلَّا الْعَوْرَةَ) لِأَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ النَّظَرُ إِلَى الْعَوْرَةِ دُونَ غَيْرِهَا وَعَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ، وَقَدْ قَبَّلَ أَبُو هُرَيْرَةَ سُرَّةَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَقَالَ: هَذَا مَوْضِعٌ قَبَّلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَلِأَنَّ الرِّجَالَ يَمْشُونَ فِي الطُّرُقِ بِإِزَارٍ فِي جَمِيعِ الْأَزْمَانِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ، فَدَلَّ عَلَى جَوَازِ النَّظَرِ إِلَى الْأَبْدَانِ.
قَالَ: (وَتَنْظُرُ الْمَرْأَةُ مِنَ الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ إِلَى مَا يَنْظُرُ الرَّجُلُ مِنَ الرَّجُلِ) أَمَّا الْمَرْأَةُ إِلَى الْمَرْأَةِ فَلِانْعِدَامِ الشَّهْوَةِ وَلِلضَّرُورَةِ فِي الْحَمَّامَاتِ وَغَيْرِهَا، وَأَمَّا نَظَرُهَا إِلَى الرَّجُلِ فَلِاسْتِوَائِهِمَا فِي إِبَاحَةِ النَّظَرِ إِلَى مَا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ، وَلِأَنَّ الرِّجَالَ يَمْشُونَ بَيْنَ النَّاسِ بِإِزَارٍ وَاحِدٍ، فَإِذَا خَافَتَ الشَّهْوَةَ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهَا لَا تَنْظُرُ احْتِرَازًا عَنِ الْفِتْنَةِ، وَكُلُّ مَا جَازَ النَّظَرُ إِلَيْهِ جَازَ مَسُّهُ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْحُكْمِ إِلَّا إِذَا خَافَتِ الشَّهْوَةَ.

نام کتاب : الاختيار لتعليل المختار نویسنده : ابن مودود الموصلي    جلد : 4  صفحه : 154
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست