responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الاختيار لتعليل المختار نویسنده : ابن مودود الموصلي    جلد : 4  صفحه : 119
فَإِنْ قَبِلُوهَا فَلَهُمْ مَا لَنَا وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَيْنَا، وَيَجِبُ أَنْ يَدْعُوَا مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ، وَيُسْتَحَبُّ ذَلِكَ لِمَنْ بَلَغَتْهُ، فَإِنِ أَبَوُا اسْتَعَانُوا بِاللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ وَحَارَبُوهُمْ، وَنَصَبُوا عَلَيْهِمُ الْمَجَانِيقَ، وَأَفْسَدُوا زُرُوعَهُمْ وَأَشْجَارَهُمْ وَحَرَّقُوهُمْ وَرَمَوْهُمْ، وَإِنْ تَتَرَّسُوا بِالْمُسْلِمِينَ، وَيَقْصِدُونَ بِهِ الْكُفَّارَ؛
ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْهُمْ إِلَّا الْإِسْلَامُ أَوِ السَّيْفُ وَيُعَرِّفُهُمْ قَدْرَهَا لِتَنْقَطِعَ الْمُنَازَعَةُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلِأَنَّ الْقِتَالَ يَنْتَهِي بِالْجِزْيَةِ، قَالَ تَعَالَى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ} [التوبة: 29] أَيْ حَتَّى يَقْبَلُوهَا.
قَالَ: (فَإِنْ قَبِلُوهَا فَلَهُمْ مَا لَنَا وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَيْنَا) ؛ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «فَإِذَا قَبِلُوهَا فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ لَهُمْ مَا لِلْمُسْلِمِينَ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ» وَقَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: إِنَّمَا بَذَلُوا الْجِزْيَةَ لِتَكُونَ أَمْوَالُهُمْ كَأَمْوَالِنَا وَدِمَاؤُهُمْ كَدِمَائِنَا وَالْمُرَادُ بِالْبَذْلِ الْقَبُولُ إِجْمَاعًا.
قَالَ: (وَيَجِبُ أَنْ يَدْعُوا مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ) لِمَا تَقَدَّمَ وَلِيَعْلَمُوا مَا يُقَاتِلُهُمْ عَلَيْهِ فَرُبَّمَا أَجَابُوا فَنُكْفَى مُؤْنَةُ الْقِتَالِ، فَإِنْ قَاتَلَهُمْ بِغَيْرِ دَعْوَةٍ قِيلَ يَجُوزُ، لِأَنَّ الدَّعْوَةَ إِلَى الْإِسْلَامِ قَدِ انْتَشَرَتْ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَقَامَ الشُّيُوعُ مَقَامَ الْبُلُوغِ، وَقِيلَ لَا يَجُوزُ وَهُوَ آثِمٌ لِلنَّهْيِ أَوْ لِمُخَالَفَةِ الْأَمْرِ عَلَى مَا مَرَّ، وَلِأَنَّ الشُّيُوعَ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ لَا يُعْتَبَرُ شُيُوعًا فِي الْكُلِّ.
قَالَ: (وَيُسْتَحَبُّ ذَلِكَ لِمَنْ بَلَغَتْهُ) الدَّعْوَةُ أَيْضًا مُبَالَغَةً فِي الْإِنْذَارِ وَهُوَ غَيْرُ وَاجِبٍ، «لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَغَارَ عَلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَهُمْ غَازُونَ.» وَعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَهِدَ إِلَيْهِ أَنْ يُغِيرَ عَلَى بَنِي الْأَصْفَرِ صَبَاحًا ثُمَّ يُحَرِّقَ نَخْلَهُمْ» ، وَالْغَارَةُ لَا تَكُونُ عَنْ دَعْوَةٍ.
قَالَ: (فَإِنْ أَبَوْا) يَعْنِي عَنِ الْإِسْلَامِ وَالْجِزْيَةِ (اسْتَعَانُوا بِاللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ وَحَارَبُوهُمْ) لِمَا بَيَّنَّا، وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «فَإِنْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ وَقَاتِلْهُمْ» ؛ وَلِأَنَّهُ أَعْذَرَ إِلَيْهِمْ فَأَقَامُوا عَلَى عَدَاوَتِهِمْ فَوَجَبَتْ مُنَاجَزَتُهُمْ، وَأَنْ يُسْتَعَانَ بِاللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ، لِأَنَّهُ النَّاصِرُ لِأَوْلِيَائِهِ الْمُذِلُّ لِأَعْدَائِهِ فَيُسْتَعَانُ بِهِ.
قَالَ: (وَنَصَبُوا عَلَيْهِمُ الْمَجَانِيقَ، وَأَفْسَدُوا زُرُوعَهُمْ وَأَشْجَارَهُمْ، وَحَرَّقُوهُمْ وَرَمَوْهُمْ - وَإِنْ تَتَرَّسُوا - بِالْمُسْلِمِينَ وَيَقْصِدُونَ بِهِ الْكُفَّارَ) ، لِأَنَّ فِي ذَلِكَ غَيْظًا وَكَبْتًا لِلْكُفَّارِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ، وَقَدْ صَحَّ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حَاصَرَ أَهْلَ الطَّائِفِ فَرَمَاهُمْ بِالْمَنْجَنِيقِ وَكَانَ فِيهِمُ الْمُسْلِمُونَ» ، وَلِأَنَّ بِلَادَهُمْ لَا تَخْلُو عَنِ الْمُسْلِمِينَ الْأَسْرَى وَالتُّجَّارِ وَالْأَطْفَالِ، فَلَوِ امْتَنَعَ الْقِتَالُ بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ لَامْتَنَعَ أَصْلًا، وَلَا يَقْصِدُونَ بِالرَّمْيِ الْمُسْلِمِينَ تَحَرُّزًا عَنْ قَتْلِهِمْ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ. «وَلَمَّا مَرَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُرِيدُ الطَّائِفَ بَدَا لَهُ قَصْرُ عُمَرَ بْنِ مَالِكٍ النَّضَرِيِّ فَأَمَرَ بِتَحْرِيقِهِ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى الْكُرُومِ أَمَرَ بِقَطْعِهَا» . قَالَ الزُّهْرِيُّ: «وَقَطَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ وَحَرَّقَ الْبُيُوتَ؛ وَلَمَّا تَحَصَّنَ بَنُو النَّضِيرِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِقَطْعِ نَخْلِهِمْ وَتَحْرِيقِهِ، فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِمِ مَا كُنْتَ تَرْضَى بِالْفَسَادِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ} [الحشر: 5]

نام کتاب : الاختيار لتعليل المختار نویسنده : ابن مودود الموصلي    جلد : 4  صفحه : 119
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست