responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الاختيار لتعليل المختار نویسنده : ابن مودود الموصلي    جلد : 3  صفحه : 59
وَمَنْ غَصَبَ شَيْئًا فَعَلَيْهِ رَدُّهُ فِي مَكَانِ غَصْبِهِ. فَإِنْ هَلَكَ وَهُوَ مِثْلِيٌّ فَعَلَيْهِ مِثْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلِيًّا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ غَصْبِهِ. وَإِنْ نَقَصَ ضَمِنَ النُّقْصَانَ، وَإِذَا انْقَطَعَ تَجِبُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَضَاءَ (سم) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ سَاقَهَا، فَهَلَكَتْ - كَانَ غَاصِبًا؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ الْيَدَ الْمُبْطِلَةَ الْمُفَوِّتَةَ.
وَلَوْ جَلَسَ عَلَى بِسَاطِ الْغَيْرِ، أَوْ هَبَّتِ الرِّيحُ بِثَوْبِ إِنْسَانٍ، فَأَلْقَتْهُ فِي حِجْرِهِ - لَا يَكُونُ غَاصِبًا مَا لَمْ يَنْقُلْهُ أَوْ يُمْسِكْهُ، وَهُوَ تَصَرُّفٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ حَرَامٌ؛ لِكَوْنِهِ تَصَرُّفًا فِي مَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ رِضَاهُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: 29] ، وَلِأَنَّ حُرْمَةَ مَالِ الْمُسْلِمِ كَحُرْمَةِ دَمِهِ. قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ، وَعِرْضُهُ، وَمَالُهُ» . وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ» ، وَعَلَى حُرْمَتِهِ بِالْإِجْمَاعِ، وَهُوَ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ عَقْلًا؛ لِأَنَّ الظُّلْمَ حَرَامٌ عَقْلًا عَلَى مَا عُرِفَ فِي الْأُصُولِ.
وَالْغَصْبُ عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ إِثْمٌ، وَهُوَ مَا وَقَعَ عَنْ جَهْلٍ كَمَنْ أَتْلَفَ مَالَ الْغَيْرِ، وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ مِلْكُهُ. أَوْ مَلَكُهُ مِمَّنْ هُوَ فِي يَدِهِ، وَتَصَرَّفَ فِيهِ، وَاسْتَهْلَكَهُ، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ لِغَيْرِ ذَلِكَ - فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ. قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ» ، الْحَدِيثَ. مَعْنَاهُ الْإِثْمُ.
وَالثَّانِي: يَتَعَلَّقُ بِهِ الْإِثْمُ، وَهُوَ مَا يَأْخُذُهُ عَلَى وَجْهِ التَّعَدِّي، فَإِنَّهُ يَأْثَمُ بِأَخْذِهِ وَإِمْسَاكِهِ.
قَالَ: (وَمَنْ غَصَبَ شَيْئًا فَعَلَيْهِ رَدُّهُ فِي مَكَانِ غَصْبِهِ) ؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذْتَ حَتَّى تَرُدَّ» ، وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَا يَأْخُذْ أَحَدُكُمْ مَتَاعَ أَخِيهِ لَا جَادًّا وَلَا لَاعِبًا، فَإِذَا أَخَذَ أَحَدُكُمْ عَصَا أَخِيهِ فَلْيَرُدَّهَا عَلَيْهِ» ، وَلِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ رَفْعُ الظُّلْمِ، وَذَلِكَ بِمَا ذَكَرْنَا. وَيَرُدُّهُ فِي مَكَانِ غَصْبِهِ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ تَتَفَاوَتُ بِتَفَاوُتِ الْأَمَاكِنِ، وَالْأَعْدَلُ مَا ذَكَرْنَا.
قَالَ: (فَإِنْ هَلَكَ، وَهُوَ مِثْلِيٌّ - فَعَلَيْهِ مِثْلُهُ) ، قَالَ تَعَالَى: {فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] . وَلِأَنَّ الْمِثْلَ أَعْدَلُ؛ لِوُجُودِ الْمَالِيَّةِ وَالْجِنْسِ. (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلِيًّا) كَالْحَيَوَانِ وَالْعَدَدِيِّ الْمُتَفَاوِتِ وَالْمَزْرُوعِ (فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ غَصْبِهِ) ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ تَقُومُ مَقَامَ الْعَيْنِ مِنْ حَيْثُ الْمَالِيَّةِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْمُمَاثَلَةِ دَفْعًا لِلظُّلْمِ وَإِيصَالًا لِلْحَقِّ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ. وَسَوَاءٌ عَجَزَ عَنْ رَدِّهِ بِفِعْلِهِ أَوْ فِعْلِ غَيْرِهِ، أَوْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ؛ لِأَنَّهُ بِالْغَصْبِ صَارَ مُتَعَدِّيًا، وَوَجَبَ عَلَيْهِ الرَّدُّ وَقَدِ امْتَنَعَ فَيَجِبُ الضَّمَانُ، وَتَجِبُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْغَصْبِ؛ لِأَنَّهُ السَّبَبُ، وَبِهِ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ. (وَإِنْ نَقَصَ ضَمِنَ النُّقْصَانَ) اعْتِبَارًا لِلْجُزْءِ بِالْكُلِّ.
(و) أَمَّا الْمِثْلِيُّ (إِذَا انْقَطَعَ تَجِبُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَضَاءِ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَوْمَ الْغَصْبِ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَوْمَ الِانْقِطَاعِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْمِثْلُ، وَيَنْتَقِلُ إِلَى الْقِيمَةِ بِالِانْقِطَاعِ فَيُعْتَبَرُ يَوْمَئَذٍ. وَلِأَبِي يُوسُفَ: أَنَّهُ لَمَّا انْقَطَعَ الْتَحَقَ بِذَوَاتِ الْقِيَمِ، فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ؛ إِذْ هُوَ السَّبَبُ الْمُوجِبُ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الِانْتِقَالَ بِقَضَاءِ الْقَاضِي لَا بِالِانْقِطَاعِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَتَخَاصَمَا حَتَّى عَادَ الْمِثْلُ وَجَبَ.
فَإِذَا قَضَى الْقَاضِي تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ عِنْدَهُ بِخِلَافِ ذَوَاتِ

نام کتاب : الاختيار لتعليل المختار نویسنده : ابن مودود الموصلي    جلد : 3  صفحه : 59
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست