responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الاختيار لتعليل المختار نویسنده : ابن مودود الموصلي    جلد : 3  صفحه : 55
كِتَابُ الْعَارِيَةِ
وَهِيَ هِبَةُ الْمَنَافِعِ، وَلَا تَكُونُ إِلَّا فٍيمَا يُنْتَفَعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الْعَارِيَةِ]
وَهِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنَ التَّعَاوُرِ: وَهُوَ التَّدَاوُلُ وَالتَّنَاوُبُ، يُقَالُ: تَعَاوَرْنَا الْكَلَامَ بَيْنَنَا: أَيْ تَدَاوَلْنَاهُ. وَسَمَّى الْعَقْدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُمْ يَتَدَاوَلُونَ الْعَيْنَ وَيَتَدَافَعُونَهَا مِنْ يَدٍ إِلَى يَدٍ. أَوْ مِنَ الْعَرِيَّةِ وَهِيَ الْعَطِيَّةُ، إِلَّا أَنَّ الْعَرِيَّةَ اخْتَصَّتْ بِالْأَعْيَانِ، وَالْعَارِيَةَ بِالْمَنَافِعِ. وَسُمِّيَتْ بِهِ؛ لِتَعَرِّيهِ عَنِ الْعِوَضِ.
وَهِيَ عَقْدٌ مُسْتَحَبٌّ شَرْعًا، مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ قَضَاءِ حَاجَةِ الْمُسْلِمِ، وَقَدْ نَدَبَ الشَّرْعُ إِلَيْهِ، قَالَ تَعَالَى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2] . وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَا يَزَالُ اللَّهُ فِي عَوْنِ الْمُسْلِمِ مَا دَامَ فِي عَوْنِ أَخِيهِ» . وَذَمَّ تَعَالَى عَلَى مَنْعِهِ، فَقَالَ: {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [الماعون: 7] ، أَيِ الْعَوَارِي مِنَ الْقِدْرِ وَالْفَأْسِ وَنَحْوِهِ، وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «الْعَارِيَةُ مَرْدُودَةٌ» . وَاسْتَعَارَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُرُوعًا مِنْ صَفْوَانَ، وَلِأَنَّ التَّمْلِيكَ نَوْعَانِ: بِعِوَضٍ، وَغَيْرِ عِوَضٍ. وَالْأَعْيَانُ قَابِلَةٌ لِلنَّوْعَيْنِ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ، فَكَذَا الْمَنَافِعُ بِالْإِجَارَةِ وَالْإِعَارَةِ.
قَالَ: (وَهِيَ هِبَةُ الْمَنَافِعِ) ، وَقَالَ الْكَرْخِيُّ: إِبَاحَةُ الْمَنَافِعِ حَتَّى لَا يَمْلِكَ الْمُسْتَعِيرُ إِجَارَةَ مَا اسْتَعَارَ، وَلَوْ مَلَكَ الْمَنَافِعَ لَمَلَكَ إِجَارَتَهَا، وَالْأَوَّلُ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَهُ أَنْ يُعِيرَ. وَلَوْ كَانَتْ إِبَاحَةً لَمَا مَلَكَ ذَلِكَ، كَمَنْ أُبِيحَ لَهُ الطَّعَامُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُبِيحَهُ لِغَيْرِهِ، وَلِأَنَّ الْعَارِيَةَ مُشْتَقَّةٌ مِنَ الْعَرِيَّةِ وَهِيَ الْعَطِيَّةُ. وَإِنَّمَا لَمْ تَجُزِ الْإِجَارَةُ ; لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ مُؤَقَّتٌ يَنْقَطِعُ حَقُّهُ عَنْهَا إِلَى انْتِهَاءِ الْمُدَّةِ، وَالْعَارِيَةُ تَمْلِيكٌ عَلَى وَجْهٍ لَا يَنْقَطِعُ عَنْهَا مَتَى شَاءَ.
فَلَوْ جَازَتِ الْإِجَارَةُ يَلْزَمُ الْمُعِيرُ مِنَ الضَّرَرِ مَا لَمْ يَلْتَزِمْهُ، وَلَا رَضِيَ بِهِ - فَلَا يَجُوزُ. أَوْ نَقُولُ: الْإِجَارَةُ أَقْوَى وَأَلْزَمُ مِنَ الْإِعَارَةِ، وَالشَّيْءُ لَا يَسْتَتْبِعُ مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ.
قَالَ: (وَلَا تَكُونُ إِلَّا فِيمَا يُنْتَفَعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ) .
اعْلَمْ أَنَّ الْإِعَارَةَ نَوْعَانِ: حَقِيقَةٌ، وَمَجَازٌ. فَالْحَقِيقَةُ: إِعَارَةُ الْأَعْيَانِ الَّتِي يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهَا مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهَا كَالثَّوْبِ وَالْعَبْدِ وَالدَّارِ وَالدَّابَّةِ. وَالْمَجَازُ: إِعَارَةُ مَا لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ إِلَّا بِاسْتِهْلَاكِهِ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْعَدَدِيِّ الْمُتَقَارِبِ، فَيَكُونُ إِعَارَةً صُورَةً قَرْضًا مَعْنًى ; لِأَنَّهُ رَضِيَ بِاسْتِهْلَاكِهِ بِبَدَلٍ، فَكَانَ تَمْلِيكًا بِبَدَلٍ وَهُوَ الْقَرْضُ.
وَلَوِ اسْتَعَارَ دَرَاهِمَ؛ لِيُعَايِرَ بِهَا مِيزَانَهُ، أَوْ يُزَيِّنَ بِهَا حَانُوتَهُ - لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَعَدَّى مَا سَمَّى مِنَ الْمَنْفَعَةِ. وَلَا يَكُونُ

نام کتاب : الاختيار لتعليل المختار نویسنده : ابن مودود الموصلي    جلد : 3  صفحه : 55
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست