responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الاختيار لتعليل المختار نویسنده : ابن مودود الموصلي    جلد : 3  صفحه : 41
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْمَدِينَةِ» ، وَكَذَلِكَ الصَّحَابَةُ وَقَفُوا، وَالْخَلِيلُ - صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْه - وَقَفَ وُقُوفًا هِيَ بَاقِيَةٌ جَارِيَةٌ إِلَى يَوْمِنَا. وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ جَوَازِهِ.
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ: شَرْطُ جَوَازِهِ أَنْ يَكُونَ مُوصًى بِهِ، أَوْ يَقُولَ: إِذَا مِتُّ فَقَدْ وَقَفْتُهُ حَتَّى لَوْ لَمْ يُوصِ بِهِ لَا يَصِحُّ وَيَبْقَى عَلَى مِلْكِهِ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَيُوَرَّثُ عَنْهُ إِلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الْوَرَثَةُ فَيَصِيرَ جَائِزًا وَيَتَأَبَّدَ، وَلَوْ قَضَى الْقَاضِي بِلُزُومِهِ لَزِمَ وَنَفَذَ لِأَنَّهُ قَضَاءٌ فِي مُجْتَهِدٍ وَلَمْ يَكُنْ لِغَيْرِهِ إِبْطَالُهُ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: لَا يُشْتَرَطُ لِجَوَازِهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَقْفَ عِنْدَهُ حَبْسُ الْعَيْنِ عَلَى مِلْكِهِ عَمَلًا بِمُقْتَضَى قَوْلِهِ وَقَفْتُ وَالتَّصَدُّقِ بِثَمَرَتِهِ وَغَلَّتِهِ الْمَعْدُومَةِ عَلَى الْمَسَاكِينِ، وَلَا يَصِحُّ التَّصَدُّقُ بِالْمَعْدُومِ إِلَّا بِالْوَصِيَّةِ، وَعِنْدَهُمَا هُوَ إِزَالَةُ الْعَيْنِ عَنْ مِلْكِهِ إِلَى اللَّهِ - تَعَالَى - وَجَعْلُهُ مَحْبُوسًا عَلَى حُكْمِ مِلْكِ اللَّهِ - تَعَالَى - عَلَى وَجْهٍ يَصِلُ نَفْعُهُ إِلَى عِبَادِهِ، فَوَجَبَ أَنْ يَخْرُجَ عَنْ مِلْكِهِ وَيَخْلُصَ لِلَّهِ - تَعَالَى - وَيَصِيرَ مُحَرَّرًا عَنِ التَّمْلِيكِ لِيَسْتَدِيمَ نَفْعُهُ وَيَسْتَمِرَّ وَقْفُهُ لِلْعِبَادِ. لَهُمَا أَنَّ الْحَاجَةَ مَاسَّةٌ إِلَى لُزُومِ الْوَقْفِ لِيَصِلَ ثَوَابُهُ إِلَيْهِ عَلَى الدَّوَامِ، وَأَنَّهُ مُمْكِنٌ بِإِسْقَاطِ مِلْكِهِ وَجَعْلِهِ لِلَّهِ - تَعَالَى - كَالْمَسْجِدِ فَيُجْعَلُ كَذَلِكَ.
قَالَ النَّسَفِيُّ: وَكَانَ أَبُو يُوسُفَ يَقُولُ بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ حَتَّى دَخَلَ بَغْدَادَ فَسَمِعَ حَدِيثَ عُمَرَ فَرَجَعَ عَنْهُ وَقَالَ: لَوْ بَلَغَ هَذَا أَبَا حَنِيفَةَ لَرَجَعَ إِلَيْهِ، وَهُوَ مَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ صَخْرِ بْنِ جُوَيْرِيَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ لَهُ أَرْضٌ تُدْعَى ثَمْغًا وَكَانَتْ نَخْلًا نَفِيسًا، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي اسْتَفَدْتُ مَالًا نَفِيسًا أَفَأَتَصَدَّقُ بِهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «تَصَدَّقْ بِأَصْلِهِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُوَرَّثُ، وَلَكِنْ تُنْفَقُ ثَمَرَتُهُ عَلَى الْمَسَاكِينِ» ، فَتَصَدَّقَ بِهِ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَفِي الرِّقَابِ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَذَوِي الْقُرْبَى، وَلَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ بِالْمَعْرُوفِ أَوْ يُؤَكِّلَ صَدِيقًا لَهُ غَيْرَ مُتَأَثِّلٍ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَا حَبْسَ عَنْ فَرَائِضِ اللَّهِ» ، وَعَنْ شُرَيْحٍ جَاءَ مُحَمَّدٌ بِبَيْعِ الْحَبِيسِ. «وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ: أَنَّهُ تَصَدَّقَ بِضَيْعَةٍ لَهُ، فَشَكَاهُ أَبُوهُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ لَهُ: " ارْجِعْ فِي صَدَقَتِكَ» ، وَلِأَنَّ شَرَائِطَ الْوَاقِفِ تُرَاعَى فِيهِ، وَلَوْ زَالَ عَنْ مِلْكِهِ لَمْ تُرَاعَ كَالْمَسْجِدِ، وَلِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى التَّصَدُّقِ بِالْغَلَّةِ دَائِمًا، وَلَا ذَلِكَ إِلَّا بِبَقَاءِ الْعَيْنِ عَلَى مِلْكِهِ، ثُمَّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لِصِحَّةِ الْوَقْفِ أَرْبَعَةُ شَرَائِطَ: التَّسْلِيمُ إِلَى الْمُتَوَلِّي، وَأَنْ يَكُونَ مُفْرَزًا، وَأَلَّا يَشْتَرِطَ لِنَفْسِهِ شَيْئًا مِنْ مَنَافِعِ الْوَقْفِ، وَأَنْ يَكُونَ مُؤَبَّدًا بِأَنْ يَجْعَلَ آخِرَهُ لِلْفُقَرَاءِ. لِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَمُعَاذٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَنَّهُمْ قَالُوا: لَا تَجُوزُ الصَّدَقَةُ إِلَّا مَحُوزَةً مَقْبُوضَةً، وَلِأَنَّ التَّمْلِيكَ حَقِيقَةٌ مِنَ اللَّهِ لَا يُتَصَوَّرُ لِأَنَّهُ مَالِكُ الْأَشْيَاءِ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ ذَلِكَ ضِمْنًا لِلتَّسْلِيمِ إِلَى الْعَبْدِ كَالزَّكَاةِ، وَلِأَنَّهُ مَتَى كَانَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ مَنَافِعِ الْوَقْفِ لَمْ يَخْلُصْ لِلَّهِ - تَعَالَى -.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِأَنَّهُ إِسْقَاطٌ وَصَارَ كَالْإِعْتَاقِ، وَأَخَذَ مَشَايِخُ خُرَاسَانَ بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ تَرْغِيبًا

نام کتاب : الاختيار لتعليل المختار نویسنده : ابن مودود الموصلي    جلد : 3  صفحه : 41
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست