نام کتاب : نهاية السول شرح منهاج الوصول نویسنده : الإسنوي جلد : 1 صفحه : 167
المتسللين بأنه لو كان كذلك لوجب إبرازه فيقال: فليحذر؛ لأنه عائد على جمع. سلمنا لكن تحذير الناس عنهم لما وقعوا فيه أبلغ في الذم من تحذيرهم أنفسهم, ويستلزمه أيضا بخلاف تحذير أنفسهم فإنه لا يستلزم تحذير الغير منهم. الاعتراض الثالث: وهو اعتراض على المقدمة الثالثة أيضا وتقريره أن يقال: سلمنا أن قوله: {فَلْيَحْذَرِ} أمر للمخالفين وأنه لا ضمير في الآية, ولكن لم قلتم: إنه يوجب عليه الحذر؟ أقصى ما في الباب أنه ورد الأمر به وكون الأمر للوجوب هو محل النزاع وقلنا: نحن لا ندعي أنه يدل على وجوب الحذر, ولكن يدل على حسنه وحسن الحذر من العذاب دليل على قيام المقتضي للعذاب؛ لأنه لو لم يوجد المقتضي لكان الحذر عنه سفها وعبثا وذلك محال على الله تعالى. وإذا ثبت وجود المقتضي ثبت أن الأمر للوجوب؛ لأن المقتضى للعذاب هو ترك الواجب دون المندوب. الرابع وهو أيضا اعتراض على المقدمة الثانية: أن قوله عن أمره مفرد, فيفيد أن أمرا واحدا للوجوب ونحن نسلمه، ولا يفيد كون جميع الأوامر كذلك مع أن المدعي هو الثاني. وأجاب في المحصول بثلاثة أوجه أحدها وعليه اقتصر المصنف: أنه عام بدليل جواز الاستثناء, فإنه يصح أن يقال: فليحذر الذين يخالفون عن أمره إلا الأمر الفلاني وسيأتي أن معيار العموم جواز الاستثناء. الثاني: أنه تعالى رتب استحقاق العقاب على مخالفة الأمر وترتيب الحكم على الوصف يشعر بالعلية. الثالث: أنه إنما استحق العقاب في بعض الصور لعدم المبالاة وهو موجود في الباقي. الدليل الرابع: تارك الأمر أي: المأمور به عاصٍ لقوله تعالى حكاية عن قول موسى لأخيه هارون -عليهما السلام: {أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي} [طه: 93] وقوله تعالى: {لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ} [التحريم: 6] وكل عاص يستحق النار لقوله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} [الجن: 23] عبر بمن التي هي للعموم, فدل على ما قلناه؛ فينتج أن تارك الأمر يستحق النار ولا معنى للوجوب إلا ذلك. وقد جعل المصنف كبرى الشكل الأول مهملة فقال: والعاصي يستحق النار مع أن شرطها أن تكون كلية، والصواب أن يقول: وكل عاص كما قررته. اعترض الخصم بوجهين أحدهما: لا نسلم المقدمة الأولى؛ لأنه لو كان العصيان عبارة عن ترك المأمور لكان قوله تعالى: {يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ} معناه: لا يتركون أي: يفعلون فيكون قوله بعد ذلك: {وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} تكرارا, وجوابه أن الأمر المذكور أولا للماضي أو الحال، والأمر المذكور ثانيا للاستقبال فلا تكرار، وتقدير الآية: لا يعصون الله ما أمرهم به في الماضي أو الحال, ويفعلون ما يؤمرون به في الاستقبال هذا هو الصواب في تقريره على ما أراده المصنف فاعتمده، ولك أن تقول: النزاع في أن تارك الأمر عاصٍ أم لا، وأما العكس وهو أن العصيان بترك الأمر فليس النزاع فيه ودعواه باطلة لأن العصيان قد يكون بترك الأمر وقد يكون بترك الفعل الواجب اتباعه، وقد يكون بارتكاب النهي وغير ذلك، فالصواب أن يقول في تقرير الاعتراض: قيل: لو كان تارك
نام کتاب : نهاية السول شرح منهاج الوصول نویسنده : الإسنوي جلد : 1 صفحه : 167