نام کتاب : نظرية المقاصد عند الإمام الشاطبي نویسنده : الريسوني، أحمد جلد : 1 صفحه : 67
ولهذا نجد الشاطبي قد بنى عليه فتواه في تجويز ما كان يفعله الناس من خلط ألبانهم للاشتراك والتعاون على استخلاص جبنها، تجنبًا لكثرة المشقة والكلفة[1] مع أن هذا العمل-كسابقه- لا يخلو من غبن وتفاضل. وقد ختم الشاطبي فتواه بقوله: "والظاهر جوازه عملًا بهذا الأصل المقرر في المذهب"، مما يؤكد أن هذا المسلك الاستصلاحي عريق في المذهب المالكي.
وقد قرر الشاطبي هذه الحقيقة في موضع آخر، فقال عن منهج الإمام مالك، في تقرير الأحكام المتعلقة بقسم المعاملات والعادات: "فإنه استرسل فيه استرسال المدل العريق في فهم المعاني المصلحية، نعم، مع مراعاة مقصود الشارع أن لا يخرج عنه، ولا يناقض أصلا من أصوله"[2].
وقبل الشاطبي نجد القاضي عياضًا، يسجل أن أحد الاعتبارات المرجحة لمذهب مالك، هو النظر المصلحي، القائم على مقاصد الشريعة وقواعدها، فيقول: "الاعتبار الثالث: يحتاج إلى تأمل شديد، وقلب سليم من التعصب سديد، وهو الالتفات إلى قواعد الشريعة ومجامعها وفهم الحكمة المقصودة بها من شارعها"[3].
ويميل أحد الباحثين المعاصرين -وهو الدكتور محمد المختار ولد أباه- إلى اعتبار هذه الميزة، هي أهم مميزات المذهب المالكي"[4].
وإذا كان الإمام الشافعي قد تردد في أخذه بالمصلحة[5]، والإمام أبو حنيفة [1] المرجع السابق: من 156 إلى 160. [2] الاعتصام: 2/ 133. [3] ترتيب المدارك: 1/ 92. [4] مدخل إلى أصول الفقه المالكي: 93. [5] تردد الإمام الشافعي في الأخذ بالمصلحة، هو ما يستفاد من كثير من المؤلفات الأصولية الشافعية. وقد كان الإمام الغزالي صريحًا في هذا حيث قال في المنخول "ص354" "فاسترسل مالك رضي الله عنه على المصالح. وللشافعي رضي الله عنه مسلكان: يحصر في أحدهما التمسك في الشبه أو المخيل، الذي يشهد له أصل معين، ويرد كل استدلال مرسل، وفي المسلك الثاني يصحح الاستدلال المرسل، ويقرب فيه من مالك، وإن خالفه في مسائل". وأكد هذا في "شفاء الغليل" "ص188"، حيث قال: ومذهب مالك مشير إلى اتباع المصالح المرسلة. وللشافعي فيه تردد رأي".
نام کتاب : نظرية المقاصد عند الإمام الشاطبي نویسنده : الريسوني، أحمد جلد : 1 صفحه : 67