نام کتاب : نظرية المقاصد عند الإمام الشاطبي نویسنده : الريسوني، أحمد جلد : 1 صفحه : 256
التخبط وسوء التقدير والتدبير، لكن "مع الاعتراف بأنهم أدركوا بعقولهم أشياء قد وافقت، وجاء الشرع بإقرارها وتصحيحها. لكنها بالنسبة إلى ما لم يصيبوا فيه قليلة، فلأجل هذا كله وقع الأعذار والإنذار، وبعث الله النبيين"[1].
ويؤكد هذا القصور أن الواحد منا يأتي عليه وقت يعتقد فيه أنه قد أحاط بأمر ما دراسة وعلما، وقتله خبرة وفهمًا، ثم لا يمر وقت إلا وقد أدرك منه ما لم يكن أدرك من قبل، وتكشف له من أمره ما لم يكن يظن[2].
وهناك أمور يغلب على الإنسان، في تقديرها، طبعة وغريزته وشهوته، فلا يستطيع إبصار حقيقتها ومآلها "وكم من لذة وفائدة يعدها الإنسان كذلك، وليست في أحكام الشرع إلا على الضد، كالزنى وشرب الخمر، وسائر وجوه الفسق التي يتعلق بها غرض عاجل"[3].
والنتيجة: "أن المصالح التي تقوم بها أحوال العبد لا يعرفها حق معرفتها إلا خالقها وواضعها، وليس للعبد بها علم إلا من بعض الوجوه"[4].
ومن هنا تعقب الشاطبي عز الدين بن عبد السلام[5]، عندما أطلق القول بأن المصالح والمفاسد الدنيوية تعرف بالضرورات والتجارب والعادات والظنون المعتبرات، وأن من أراد أن يعرف المناسبات في المصالح والمفاسد راجحها من مرجوحها، فليعرض ذلك على عقله، بتقدير أن الشرع لم يرد به، ثم يبني عليه الأحكام، فلا يكاد حكم منها يخرج عن ذلك، إلا التعبدات التي لم يوقف على مصالحها ومفاسدها. [1] الاعتصام، 2/ 321. [2] الاعتصام، 2/ 322. [3] الموافقات، 1/ 50. [4] الموافقات، 1/ 349. [5] دون أن يسميه، وإنما ذكر -فقط- "أن بعض الناس قال" ثم أورد كلامه بنصه الموجود في: "قواعد الأحكام"، 1/ 10.
نام کتاب : نظرية المقاصد عند الإمام الشاطبي نویسنده : الريسوني، أحمد جلد : 1 صفحه : 256