responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نظرية المقاصد عند الإمام الشاطبي نویسنده : الريسوني، أحمد    جلد : 1  صفحه : 251
الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ} . فلو كان الطيب والخبث إنما استفيد من التحريم والتحليل، لم يكن في ذلك دليل. فإنه بمنزلة أن يقال: يحل لهم ما يحل لهم، ويحرم عليهم ما يحرم عليهم! وهذا أيضًا باطل، فإنه لا فائدة فيه. وهو الوجه الثاني فثبت أنه أحل ما هو طيب في نفسه قبل الحل. فكساه بحله طيبًا آخر. فصار منشأ طيبه من الوجهين معًا. فتأمل هذا الموضع حق التأمل، يطلعك على أسرار الشريعة ويشرفك على محاسنها وكمالها، وبهجتها وجلالها، وأنه من الممتنع في حكمة أحكم الحاكمين أن ترد بخلاف ما وردت به. وأن الله تعالى يتنزه عن ذلك كما يتنزع عن سائر ما لا يليق به. ومما يدل على ذلك قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} [1] وهذا دليل على أنها فواحش في نفسها، لا تستحسنها العقول. فتعلق التحريم بها لفحشها"[2].
والحقيقة أن الذين تورطوا من الأشاعرة، في إنكار الحسن والقبح الذاتيين وإنكار التحسين والتقبيح العقليين وإنما انجروا إلى ذلك بفعل الصراع الجدلي الطويل مع خصومهم المعتزلة. ومعلوم أن الإمام أبا الحسن الأشعري -وهو أول قائل بهذا- قد تخرج -ثم خرج- من حلقة المعتزلة. وبهذا فإن الأشعرية ولدت من الصراع، ونبتت في الصراع. ولم تزد الأيام. بل القرون -بعد ذلك- هذا الصراع إلا استفحالا وتغاليًا. وأصبحت مخالفة المعتزلة واجبًا عينيا" على كل أشعري!
ولهذا، فعندما أخل بعض الأشاعرة -شيئًا ما- بهذا الواجب، انتقصوا ووصفوا بعدم الرسوخ في علم الكلام. فمن ذلك موافقة بعض الأشاعرة لقول المعتزلة "شكر المنعم[3] واجب بالعقل": قال ابن السبكي "وقد ذهب إلى ذلك أيضًا بعض أصحابنا كالصيرفي وأبي العباس وابن سريج، والقفال الكبير وابن أبي

[1] سورة الأعراف، 33.
[2] مفتاح دار السعادة، 2/ 6-7.
[3] أي الله تعالى.
نام کتاب : نظرية المقاصد عند الإمام الشاطبي نویسنده : الريسوني، أحمد    جلد : 1  صفحه : 251
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست