نام کتاب : نظرية المقاصد عند الإمام الشاطبي نویسنده : الريسوني، أحمد جلد : 1 صفحه : 162
والتروك، بالمقاصد[1] أي أن أفعال المكلفين وتروكهم، إنما تتعلق بها الأحكام الشرعية التكليفية، إذا توفر فيها "القصد" وأما ما وقع من غير قصد ولا عمد ولا نية ولا وعي، فهو "بمثابة حركات العجماوات والجمادات"[2].
وكأن هذا منه استدراك على التعريف الذي استقر عند الأصوليين للحكم الشرعي بأنه: "خطاب الله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين" فخطاب الله تعالى -حسب الشاطبي- لا يتعلق بأفعال المكلفين إذا كانت خالية من القصد[3].
وملاحظة أخرى، تتعلق أيضًا بترتيب مسائل المباح؛ وهي أن الشاطبي بعد أن خصص له المسائل الخمس الأولى، ثم تطرق بعدها إلى الأحكام التكليفية الأخرى، عاد في آخر حديثه عن الأحكام التلكيفية، ليخصص المسألتين الثانية عشرة والثالثة عشرة، لجانب آخر من المباح[4].
وعلى كل حال، فمهما تفرقت مسائل الشاطبي وتباعدت، فإن "خيط المقاصد" يجمعها ويقرب بينها، ويذكرك بأولها وأنت في آخرها.
فأول ما قرره في مسائل المباح هو أن: "المباح -من حيث هو مباح- لا يكون مطلوب الفعل ولا مطلوب الاجتناب[5] ثم عبر عن هذا المعنى بلغة المقاصد فقال: "وأن فعله وتركه في قصد الشارع بمثابة واحدة"[6].
والكلام هنا إنما هو في حقيقة المباح، وهو الذي يوصف عند العلماء بأنه مستوي الطرفين، أي استوى فيه طرف الفعل وطرف الترك، وأن حكمه التخيير. فهذا هو معنى المباح المجرد عن الملابسات والمؤثرات. وهذا لا يكون للشارع قصد في فعله ولا في تركه. فليس مطلوب الفعل ولا مطلوب الترك. لأنه إذا اعتبر [1] الموافقات: 1/ 149. [2] الموافقات: 1/ 149. [3] انظر أدلته، ورده على الاعتراضات الممكنة: الموافقات: 1/ 149-151. [4] وسيأتي ذكره في آخر هذه الفقرة. [5] الموافقات: 1/ 109. [6] الموافقات: 1/ 115.
نام کتاب : نظرية المقاصد عند الإمام الشاطبي نویسنده : الريسوني، أحمد جلد : 1 صفحه : 162