responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مقام الرشاد بين التقليد والاجتهاد نویسنده : فيصل المبارك    جلد : 1  صفحه : 26
رِكَازَهَا وَفِقْهَهَا، وَرُبَّمَا عَابُوا الفُقَهَاءَ وتَنَاوَلُوُهُمْ بِالطَّعْنِ، وادَّعُوْا عَلَيْهِمُ مُخَالَفةَ السُّنَنِ، ولايَعْلَمُونَ أَنَّهُمُ عَنْ مَبْلَغِ مَا أُوْتُوهُ مِنْ العِلْمِ قَاصِرُونَ، وبِسُوءِ القَوْلِ فِيْهِمُ آثِمُونَ.
[/9] وأَمَّا الطَّبَقةُ الاخْرَى - وَهُمْ أَهْلُ الفِقْهِ والنَّظَرِ - فِإِنَّ أَكْثَرَهُمُ لا يُعَرِّجُونَ مِنْ الحَدِيثِ إَلَّا عَلى أَقلِّهِ، ولا يَكادُونَ يُمَيِّزُونَ صَحِيْحَهُ مِنْ سَقِيْمِهِ، وَلا يَعْرِفُونَ جَيِّدَهُ مِنْ رَدِيْئِهِ، ولا يَعْبَؤُونَ بِمَا بَلَغَهُمُ مِنْهُ أَنْ يَحْتَجُّوا بِهِ عَلى خُصُومِهمُ إِذَا وَافَقَ مَذَاهِبَهُم الَّتِي يِنْتَحِلُونَهَا، ووَافَقَ آرَاءَهُمُ الَّتِي يَعْتَقِدُونَها، وقَدْ اصْطَلَحُوا عَلى مَوَاضِعةٍ بَيْنَهُمُ في قَبُولِ الخَبَرِ الضَّعِيْفِ، والحَدِيثِ المُنْقَطِعِ، إِذَا كانَ ذَلِك قَدْ اشْتُهِرَ عِنْدَهُم.
إِلى أَنْ قَالَ: وَلكِنَّ أَقْوَامَاً عَسَاهُم اسْتَوْعَرُوا طَرِيقَ الحَقِّ، واسْتَطَالُوا المدَّةَ في دَرَكِ الحَظِّ، وأَحَبُّوا عُجَالَةَ النَّيْلِ؛ فاخْتَصَرُوا طَرِيقَ العِلْمِ، واقْتَصَرُوا على نُتَفٍ وحُرُوفٍ مُنْتَزَعَةٍ مِنْ مَعَانِي أُصُولِ الفِقْهِ سَمَّوْهَا [10/] عِلَلا، وجَعَلُوهَا شِعَاراً لِأَنْفُسِهِم في التَّرَسُّمِ بِرَسْمِ العِلْمِ، واتَّخَذُوهَا جُنَّةً عِنْدَ لِقَاءِ خُصُومِهِمُ، ونَصَبُوهَا دَرِيْئَةً للخَوْضِ والجِدَالِ، يَتَناظَرُونَ بِهَا، ويَتَلاطَمُونَ عَلَيْهَا، وعِنْدَ التَّصَادُرِ عَنْهَا قَدْ حُكِمَ لِلغَالِبِ بالحَذْقِ والتَّبْرِيزِ؛ فَهُوَ الفَقِيْهُ المذْكُورُ في عَصْرِهِ، والرَّئِيسُ المعَظَّمُ في بَلَدِهِ ومَصْرِهِ.
هَذا وقَدْ دَسَّ لَهُمُ الشَّيطَانُ حِيْلةً لَطِيفًَة، وبَلَغَ مِنْهُمْ مَكِيدَةً بَلِيغَةً؛ فَقَالَ لَهُمْ:
هَذَا الَّذِي في أَيْدِيِكُمُ عِلْمٌ قَصِيرٌ، وبِضَاعَةٌ مُزْجَاةٌ لا يَفِي بِمَبْلَغِ الحَاجَةِ والكِفَايِةِ؛ فَاسْتَعِينُوا عَلَيْهِ بِالكَلامِ، وَصِلُوُه بِمَقْطَعَاتٍ مِنْهُ، واسْتَظْهِرُوا بِأُصُولِ المتَكَلِّمِينَ، يِتَّسِعُ لَكُمُ مَذْهبُ الخَوضِ ومَجَالُ النَّظَرِ؛ فَصَدَّقَ عَلَيْهُمُ ظَنَّهُ، وأَطَاعَهُ كَثِيرٌ مِنْهُمُ واتَّبَعُوهُ [/11] إِلَّا فَرِيقَاً مِنْ المؤْمِنِيْنَ.
فَيَا لِلرِّجَالِ والعُقُولِ! أَنَّى يُذْهَبُ بِهِمُ! وأَنَّى يَخْتَدِعَهُمُ الشَّيْطَانُ عَنْ حَظِّهِمْ وَمَوْضِعِ رُشْدِهِمْ، وَاللهُ المُسْتَعَان)) [1] انْتَهَى.

واعْلَمْ أَنَّ بَعْضَ الكَلامِ في هَذا الفَنِّ تَعَبٌ عَاجِلٌ في تَحْصِيلِ حَاصِلٍ.
وَالمقْصُودُ؛ العَمَلُ بِكِتَابِ اللهِ، وَسُنَّةِ رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم -، واتِّبَاعِ الحَقِّ والعَدْلِ.

[1] معالم السنن للخطابي رحمه الله (1/4: 6) بتصرف.
نام کتاب : مقام الرشاد بين التقليد والاجتهاد نویسنده : فيصل المبارك    جلد : 1  صفحه : 26
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست