الحديث: ((ليس لنا مثل السوء)) وهو قرينة على أن هذا المثل السيئ منفي عنا فلا يجوز لأحد اتيانه لنا.
وقد يكون نصاً آخر كعموم ((حرمت عليكم الميتة)) فانه ظاهر في شموله الانتفاع بجلدها والنص على الانتفاع بجلد الشاة الميتة في قوله صلى الله عليه وسلم: ((هلا أخذتم اهابها فانتفعتم به)) ... الحديث يصرف ذلك العموم عن ظاهره ... وقد يكون ظاهر عموم آخر كالآية المذكورة مع عموم ((أيما اهاب دبغ فقد ظهر)) وقد يكون قياساً راجحاً.
فعموم جلد الزاني مائة جلدة ظاهر في شمول العبد ولكنه صلى الله عليه وسلم لما خص عموم الزانية الأنثى بغير الأمة بقوله ((فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب)) عرف أن الرق على لتشطير الجلد محكم بتشطير جلد العبد قياساً على الأمة فكان في قياسه عليها صرف اللفظ عن إرادة عموم ((الزاني)) إلى محتمل مرجوح هو كونه في خصوص الحر اعتماداً على القياس على الأمة المنصوص عليها.
واعلم أن كل مؤول يلزمه أمران:
الأول: بيانه احتمال اللفظ لما حمله عليه.
الثاني: الدليل الصارف له إلى المحتمل المجوح. قال المؤلف وهو ظاهر. واعلم أن الظاهر قد يكون فيه قرائن يدفع الاحتمال مجموعها لآحادها كحمل الحنفية قوله صلى الله عليه وسلم لغيلان بن سلمة الثقفي وقد أسلم على عشر نسوة أمسك منهن أربعاً وفارق من سواهن. على الانقطاع عنهن. وان يبتدئ نكاح أربع منهن فهذا ليس ظاهر اللفظ وفيه قرائن يدفعه مجموعها منها: أنه قال ((أمسك)) ولو أراد ابتداء النكاح لما أمر الزوج بالإمساك لأن ابتداء النكاح يشترط فيه رضى المرأة والولي.
ومنها أنه أراد النكاح لذكر شروطه لأنه حديث عهد بالإسلام