أبلغ في الايذاء منه، ومثال المساوي دلالة قوله تعالى "ان الذين يأكلون أموال اليتامى
ظلماً " الآية. المنطوق به على تحريم احراق أموال اليتامى واغراقها المسكوت عنه مع أنه مساوي للمنطوق في الحكم لان الجميع اتلاف لمال اليتيم. وسيأتي ان شاء الله ايضاح أقسام المفاهيم في محله مع أمثلة كثيرة لكل قسم منها، واذا عرفت مراد المؤلف رحمه الله بالتنبيه فاعلم أن معنى كلامه في هذا الفصل أن مفهوم الموافقة كالنهي عن الضرب المفهوم من النهي عن التأفيف، والنهي عن الاحراق والاغراق المفهوم من النهي عن الأكل في الأمثلة المذكورة يجوز أن ينسخ وينسخ به لأن اللفظ دل في محل السكوت على أنه كالمنطوق به في
الحكم أو أولى منه وجمهور علماء الأصول على أنه مفهوم من نفس اللفظ وليس بقياس خلافاً للشافعي الذي يسميه القياس الجلي، والقياس في معنى الأصل كما يأتي ايضاحه وايضاح بقية الأقوال فيه في محله ان شاء الله تعالى، واذا كان مدلولاً عليه باللفظ فلا مانع من نسخه دون أصله والنسخ به وهذا قول الجماعة من أهل الأصول، قالوا: يجوز عقلاً أن ينسخ الضرب ويبقى التأفيف كعكسه مثلاً قالوا: ولا مانع علقاً من ذلك وقد يأمر بعض الملوك بقتل انسان محترم عنده جداً فينهي عن التأفيف في وجهه وغير ذلك من الازدراء به مع أنه
أمر بقتله مع أن القتل أشد ايذاءاً من التأفيف وغيره من الازدراء، وأكثر علماء الأصول على تلازمهما أعني المنطوق والمفهوم فلا ينسخان الا معاً ولا يمكن نسخ أحدهما دون الآخر، لأن المفهوم تابع للمنطوق ولازم له ورفع اللازم يقتضي رفع الملزوم، ورفع المتبوع يقتضي رفع التابع ومثال نسخ الفحوي والنسخ بها يذكرونه عادة على سبيل الفرض والتقدير، ويمكن عندي أن يمثل للنسخ بمفهوم الموافقة بما لو فرضنا أن قوله - صلى الله عليه وسلم - (لي الواجد ظلم يحل عرضه