responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 4  صفحه : 239
وَقَالَ تَعَالَى {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ} [الإسراء: 13] وَالذِّمَّةُ الْعَهْدُ وَإِنَّمَا يُرَادُ بِهِ نَفْسٌ وَرَقَبَةٌ لَهَا ذِمَّةٌ وَعَهْدٌ حَتَّى إنَّ وَلِيَّ الصَّبِيِّ إذَا اشْتَرَى لِلصَّبِيِّ كَمَا وُلِدَ لَزِمَهُ الثَّمَنُ وَقَبْلَ الِانْفِصَالِ هُوَ جُزْءٌ مِنْ وَجْهٍ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذِمَّةٌ مُطْلَقَةً حَتَّى صَلَحَ لِيَجِبَ لَهُ الْحَقُّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQيَوْمَ الْمِيثَاقِ
فَإِنْ قِيلَ ظَاهِرُ الْآيَةِ لَا يُوَافِقُ هَذَا التَّفْسِيرَ فَإِنَّ الْآيَةَ تَدُلُّ عَلَى أَخْذِ الذُّرِّيَّةِ مِنْ ظُهُورِ بَنِي آدَمَ فَإِنَّ قَوْله تَعَالَى مِنْ ظُهُورِهِمْ بَدَلٌ مِنْ بَنِي آدَمَ بَدَلُ الْبَعْضِ مِنْ الْكُلِّ بِتَكْرِيرِ الْجَارِّ وَالْحَدِيثَ يَدُلُّ عَلَى إخْرَاجِ الذُّرِّيَّةِ مِنْ صُلْبِ آدَمَ فَمَا وَجْهُ التَّوْفِيقِ قُلْنَا وَجْهُ التَّوْفِيقِ مَا قَالَ الْكَتَّانِيُّ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخْرَجَ ذُرِّيَّةَ آدَمَ بَعْضَهُمْ مِنْ ظُهُورِ بَعْضٍ عَلَى حَسَبِ مَا يَتَوَالَدُونَ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَكَانَ ذَلِكَ أَخْذًا مِنْ ظَهْرِهِ وَكَانَ ذَلِكَ فِي أَدْنَى مُدَّةٍ كَمَا يَكُونُ فِي مَوْتِ الْكُلِّ بِالنَّفْخِ فِي الصُّوَرِ وَحَيَاةِ الْكُلِّ بِالنَّفْخَةِ الثَّانِيَةِ.
فَإِنْ قِيلَ فَمَا وَجْهُ إلْزَامِ الْحُجَّةِ بِهَذِهِ الْآيَةِ وَنَحْنُ لَا نَذْكُرُ هَذَا الْمِيثَاقَ وَإِنْ تَفَكَّرْنَا جُهْدَنَا فِي ذَلِكَ قُلْنَا أَنْسَانَا اللَّهُ تَعَالَى ابْتِلَاءً لِأَنَّ الدُّنْيَا دَارُ غَيْبٍ وَعَلَيْنَا الْإِيمَانُ بِالْغَيْبِ وَلَوْ تَذَكَّرْنَا ذَلِكَ زَالَ الِابْتِلَاءُ وَلَيْسَ مَا يُنْسَى يَزُولُ بِهِ الْحُجَّةُ وَيَثْبُتُ بِهِ الْعُذْرُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي أَعْمَالِنَا {أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ} [المجادلة: 6] وَأَخْبَرَ أَنَّهُ سَيُنَبِّئُنَا بِهَا وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَدَّدَ هَذَا الْعَهْدَ وَذَكَّرَنَا هَذَا الْمَنْسِيَّ بِإِنْزَالِ الْكُتُبِ وَإِرْسَالِ الرُّسُلِ فَلَمْ نُعْذَرْ كَذَا فِي التَّيْسِيرِ وَالْمَطْلَعِ وَذَكَرَ فِي الْكَشَّافِ أَنَّ مَعْنَى أَخْذِ ذُرِّيَّتِهِمْ مِنْ ظُهُورِهِمْ إخْرَاجُهُمْ نَسْلًا وَإِشْهَادُهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ.
وَقَوْلُهُ {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا} [الأعراف: 172] مِنْ بَابِ التَّمْثِيلِ وَالتَّخْيِيلِ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ نَصَبَ لَهُمْ الْأَدِلَّةَ عَلَى رُبُوبِيَّتِهِ وَوَحْدَانِيِّتِهِ وَشَهِدَتْ بِهَا عُقُولُهُمْ وَبَصَائِرُهُمْ الَّتِي رَكَّبَهَا فِي أَنْفُسِهِمْ وَجَعَلَهَا مُمَيِّزَةً بَيْنَ الضَّلَالَةِ وَالْهُدَى فَكَأَنَّهُ أَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَقَرَّرَهُمْ.
وَقَالَ {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} [الأعراف: 172] وَكَأَنَّهُمْ قَالُوا بَلَى أَنْتَ رَبُّنَا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَأَقْرَرْنَا بِوَحْدَانِيِّتِك وَبَابُ التَّخْيِيلِ وَاسِعٌ فِي كَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَفِي كَلَامِ الْعَرَبِ وَإِلَى هَذَا الْقَوْلِ مَالَ الشَّيْخُ أَبُو مَنْصُورٍ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ أَخْذُ الْمِيثَاقِ الَّذِي نَحْنُ بِصَدَدِهِ ثَابِتًا بِالسُّنَّةِ دُونَ الْآيَةِ قَوْلُهُ (وَقَالَ تَعَالَى {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ} [الإسراء: 13] أَيْ أَلْزَمْنَاهُ مَا طَارَ لَهُ مِنْ عَمَلِهِ مِنْ قَوْلِهِمْ طَارَ سَهْمُهُ بِكَذَا يَعْنِي عَمَلُهُ لَازِمٌ لَهُ لُزُومَ الْقِلَادَةِ أَوْ هُوَ رَدٌّ لِتَطَيُّرِهِمْ بِالسَّانِحِ وَالْبَارِحِ مِنْ الطَّيْرِ وَقَوْلُهُ فِي عُنُقِهِ عِبَارَةٌ عَنْ اللُّزُومِ يُقَالُ لِمَنْ الْتَزَمَ شَيْئًا يُقَلِّدُهُ طَوْقُ الْحَمَامَةِ وَيَقُولُ الرَّجُلُ لِآخَرَ جَعَلْت هَذَا الْأَمْرَ فِي عُنُقِك إذَا أَلْزَمَهُ إيَّاهُ أَوْ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الشَّخْصِ كَالرَّقَبَةِ.
وَالذِّمَّةُ فِي اللُّغَةِ الْعَهْدُ لِأَنَّ نَقْضَهُ يُوجِبُ الذَّمَّ قَالَ تَعَالَى {لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلا وَلا ذِمَّةً} [التوبة: 10] أَيْ عَهْدًا وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «وَإِنْ أَرَادُوكُمْ أَنْ تُعْطُوهُمْ ذِمَّةَ اللَّهِ فَلَا تُعْطُوهُمْ» أَيْ عَهْدَهُ وَإِنَّمَا يُرَادُ بِهِ أَيْ بِالذِّمَّةِ فِي الشَّرْعِ عَلَى تَأْوِيلِ الْمَذْكُورِ أَوْ الْعَهْدِ نَفْسٌ وَرَقَبَةٌ لَهَا ذِمَّةٌ وَعَهْدٌ أَيْ عَهْدٌ سَابِقٌ كَمَا بَيَّنَّا يَعْنِي الْمُرَادَ بِالْوُجُوبِ فِي الذِّمَّةِ فِي قَوْلِهِمْ وَجَبَ فِي ذِمَّتِهِ كَذَا الْوُجُوبُ فِي مَحَلٍّ ثَبَتَ فِيهِ الْعَهْدِ الْمَاضِي وَهُوَ النَّفْسُ أَوْ الرَّقَبَةُ إلَّا أَنَّهُ سَمَّى مَحَلَّ الْتِزَامِ السُّنَّةِ بِهَا.
وَقَوْلُهُ: حَتَّى أَنَّ وَلِيَّ الصَّبِيِّ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ يُولَدُ وَلَهُ ذِمَّةٌ صَالِحَةٌ لِلْوُجُوبِ لَزِمَهُ الثَّمَنُ لِأَنَّهُ أَهْلٌ لِلْمِلْكِ وَأَهْلٌ لِحُكْمِ الْوُجُوبِ وَهُوَ الْمُطَالَبَةُ بِوَاسِطَةِ الْوَلِيِّ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ مَالِيٌّ فَتَجْرِي فِيهِ النِّيَابَةُ وَقَبْلَ الِانْفِصَالِ عَنْ الْأُمِّ هُوَ جُزْءٌ مِنْ وَجْهٍ يَعْنِي حِسًّا وَحُكْمًا أَمَّا حِسًّا فَلِأَنَّ قَرَارَهُ وَانْتِقَالَهُ بِقَرَارِ الْأُمِّ وَانْتِقَالِهَا كَيَدِهَا وَرِجْلِهَا وَسَائِرِ أَعْضَائِهَا وَلِهَذَا يُقْرَضُ بِالْمِقْرَاضِ عَنْهَا عِنْدَ الْوِلَادَةِ وَأَمَّا حُكْمًا فَلِأَنَّهُ بِعِتْقِهَا يُعْتَقُ وَيَرِقُّ بِاسْتِرْقَاقِهَا وَيَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ بِبَيْعِهَا وَلَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ مُنْفَرِدًا

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 4  صفحه : 239
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست