responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 4  صفحه : 231
حَتَّى أَبْطَلُوا إيمَانَ الصَّبِيِّ وَقَالَتْ الْأَشْعَرِيَّةُ فِيمَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ فَغَفَلَ عَنْ الِاعْتِقَادِ حَتَّى هَلَكَ إنَّهُ مَعْذُورٌ قَالُوا وَلَوْ اعْتَقَدَ الشِّرْكَ وَلَمْ يَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ أَنَّهُ مَعْذُورٌ أَيْضًا وَهَذَا الْفَصْلُ أَعْنِي أَنْ يَجْعَلَ شِرْكَهُ مَعْذُورًا تَجَاوَزَ عَنْ الْحَدِّ كَمَا تَجَاوَزَتْ الْمُعْتَزِلَةُ عَنْ الْحَدِّ فِي الطَّرَفِ الْآخَرِ وَالْقَوْلُ الصَّحِيحُ فِي الْبَابِ هُوَ قَوْلُنَا إنَّ الْعَقْلَ مُعْتَبَرٌ لِإِثْبَاتِ الْأَهْلِيَّةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQصَبِيٍّ غَيْرِ عَاقِلٍ فَلَا يُعْتَبَرُ كَمَا تَجَاوَزَتْ الْمُعْتَزِلَةُ عَنْ الْحَدِّ فِي الطَّرَفِ الْآخَرِ بِقَوْلِهِمْ فِيمَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ وَغَفَلَ عَنْ اعْتِقَادِ الْكُفْرِ وَالْإِيمَانِ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ تَمَسَّكَتْ الْأَشْعَرِيَّةُ فِيمَا ذَهَبُوا إلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا} [الإسراء: 15] نَفَى الْعَذَابَ قَبْلَ الْبَعْثَةِ وَلَمَّا انْتَفَى الْعَذَابُ عَنْهُمْ انْتَفَى عَنْهُمْ حُكْمُ الْكُفْرِ وَبَقُوا عَلَى الْفِطْرَةِ.
وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165] أَخْبَرَ أَنَّ الْحُجَّةَ كَانَتْ قَائِمَةً لَهُمْ قَبْلَ الرُّسُلِ عَلَى تَرْكِهِمْ لِلْإِيمَانِ فَلَوْ كَانَ الْعَقْلُ قَبْلَ السَّمْعِ مُوجِبًا لَكَانَتْ حُجَّةُ اللَّهِ تَعَالَى قَبْلَ بَعْثَةِ الرُّسُلِ تَامَّةً فِي حَقِّهِمْ وَبِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخْبَرَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ أَنَّ خَزَنَةَ النَّارِ يَقُولُونَ لِلْكَافِرِينَ {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ} [الأنعام: 130] فَيَقُولُونَ بَلَى فَتَلْزَمُهُمْ الْحُجَّةُ فَأَلْزَمَهُمْ اسْتِيجَابَهُمْ النَّارَ بِالرُّسُلِ لَا بِالْعُقُولِ وَحْدَهَا وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ} [الأنعام: 131] أَخْبَرَ أَنَّ الْإِهْلَاكَ بِالْعَذَابِ قَبْلَ إرْسَالِ الرُّسُلِ كَانَ ظُلْمًا وَلَوْ كَانَ الْعَقْلُ بِنَفْسِهِ حُجَّةً لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَبِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ الْهَوَى غَالِبًا فِي النُّفُوسِ شَاغِلًا لِلْعُقُولِ بِعَاجِلِ الْمَنَافِعِ وَالْحُظُوظِ فَيَخْرُجُ الْإِنْسَانُ عَلَى مَا عَلَيْهِ أَصْلُ الْبِنْيَةِ فِي فَكِّ عَقْلِهِ عَنْ أَسْرِ الْهَوَى وَتَنْبِيهِ قَلْبِهِ عَنْ نَوْمِ الْغَفْلَةِ بِلَا شَرْعٍ حَرَجًا أَكْثَرَ مِنْ حَرَجِ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ بِسَبَبِ نُقْصَانِ عَقْلِهِ لِإِدْرَاكِ مَا يُدْرِكُهُ الْبَالِغُ ثُمَّ ذَلِكَ الْعُذْرُ أَسْقَطَ عَنْ الصَّبِيِّ وُجُوبَ الِاسْتِدْلَالِ بِعَقْلِهِ وَأَسْقَطَ عَنْهُ الْخِطَابَ فَلَأَنْ يَسْقُطَ الِاسْتِدْلَال بِمُجَرَّدِ الْعَقْلِ قَبْلَ إعَانَةِ الْوَحْيِ كَانَ أَوْلَى وَتَمَسَّكَ مَنْ جَعَلَ الْعَقْلَ حُجَّةً مُوجِبَةً بِدُونِ السَّمْعِ بِقِصَّةِ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَإِنَّهُ قَالَ لِأَبِيهِ {إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [الأنعام: 74] .
وَكَانَ هَذَا الْقَوْلُ قَبْلَ الْوَحْيِ فَإِنَّهُ قَالَ أَرَاك وَلَمْ يَقُلْ أُوحِيَ إلَيَّ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْعَقْلُ بِنَفْسِهِ حُجَّةً وَكَانُوا مَعْذُورِينَ لَمَا كَانُوا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ وَكَذَلِكَ اسْتَدَلَّ بِالنُّجُومِ فَعَرَفَ رَبَّهُ مِنْ غَيْرِ وَحْيٍ وَاَللَّهُ تَعَالَى جَعَلَ ذَلِكَ الِاسْتِدْلَالَ مِنْهُ حُجَّةً عَلَى قَوْمِهِ بِقَوْلِهِ عَزَّ ذِكْرُهُ {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ} [الأنعام: 83] وَبِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَاتَبَ الْكُفَّارَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ بِأَنْ لَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ وَأَخْبَرَ أَنَّ قُلُوبَهُمْ عُمْيٌ بِتَرْكِ التَّأَمُّلِ وَلَوْ كَانُوا مَعْذُورِينَ لَمَّا عُوتِبُوا بِمُطْلَقِ التَّرْكِ وَبِأَنَّ اللَّهَ قَالَ {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} [فصلت: 53] وَلَمْ يَقُلْ نُسْمِعُهُمْ وَنُوحِي إلَيْهِمْ.
وَقَالَ {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ} [الروم: 8] أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ {وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ} [الذاريات: 20] {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ} [الذاريات: 21] فِي شَوَاهِدَ لَهَا كَثِيرَةٍ فَثَبَتَ أَنَّ وُجُوبَ الِاسْتِدْلَالِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْوَحْيِ وَأَنَّ الْعُذْرَ يَنْقَطِعُ بِالْعَقْلِ وَحْدَهُ إذْ لَوْ لَمْ يَكُنْ بِهِ كِفَايَةُ الْمَعْرِفَةِ لَمَا انْقَطَعَ بِهِ الْعُذْرُ، وَبِأَنَّ الْمُعْجِزَةَ بَعْدَ الدَّعْوَةِ لَا تُعْرَفُ إلَّا بِدَلِيلٍ عَقْلِيٍّ وَآيَاتُ الْحَدَثِ فِي الْعَالَمِ أَدَلُّ عَلَى الْمُحْدِثِ مِنْ عَلَامَاتِ الْمُعْجِزَةِ عَلَى أَنَّهَا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى فَلَمَّا كَانَ بِالْعَقْلِ كِفَايَةُ مَعْرِفَةِ الْمُعْجِزَةِ وَالرِّسَالَةِ كَانَ بِهِ كِفَايَةُ مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى وَلَمَّا كَانَ بِالْعَقْلِ كِفَايَةٌ كَانَ بِنَفْسِهِ حُجَّةٌ بِدُونِ الشَّرْعِ وَلَزِمَ الْعَمَلُ بِهِ كَمَا يَجِبُ وَبِالشَّرْعِ وَبِسَائِرِ الْحُجَجِ إذَا قَامَتْ كَذَا فِي التَّقْوِيمِ وَالْأَسْرَارِ قَوْلُهُ (وَالْقَوْلُ الصَّحِيحُ هُوَ قَوْلُنَا أَنَّ الْعَقْلَ) غَيْرُ مُوجِبٍ بِنَفْسِهِ لَا كَمَا قَالَ الْفَرِيقُ الْأَوَّلُ وَغَيْرُ مُهْدَرٍ أَيْضًا لَا كَمَا قَالَ الْفَرِيقُ الثَّانِي فَإِنَّ مَنْ أَنْكَرَ مَعْرِفَةَ اللَّهِ تَعَالَى بِدَلَالَاتِ الْعُقُولِ وَحْدَهَا فَقَدْ قَصَّرَ.
وَمَنْ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 4  صفحه : 231
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست