responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 95
وَهَذَا بِنَاءً عَلَى قَوْلِ مَنْ جَعَلَ الْإِبَاحَةَ أَصْلًا وَلَسْنَا نَقُولُ لِهَذَا فِي أَصْلِ الْوَضْعِ؛ لِأَنَّ الْبَشَرَ لَمْ يُتْرَكُوا سُدًى فِي شَيْءٍ مِنْ الزَّمَانِ وَإِنَّمَا هَذَا بِنَاءٌ عَلَى زَمَانِ الْفَتْرَةِ قَبْلَ شَرِيعَتِنَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQيَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْءُ جَمِيعِهِنَّ بِالِاتِّفَاقِ تَرْجِيحًا لِلْحُرْمَةِ.
وَمَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ مِنْ كَوْنِ الْمُحَرِّمِ نَاسِخًا؛ لِأَنَّا نَعْلَمُ أَنَّهُمَا وُجِدَا فِي زَمَانَيْنِ إذْ لَوْ كَانَا فِي زَمَانٍ وَاحِدٍ لَكَانَا مُتَنَاقِضَيْنِ وَنِسْبَةُ التَّنَاقُضِ إلَى الشَّارِعِ مُحَالٌ ثُمَّ لَوْ كَانَ الْحَاظِرُ مُتَقَدِّمًا يَتَكَرَّرُ النَّسْخُ وَلَوْ كَانَ الْمُبِيحُ مُتَقَدِّمًا لَا يَتَكَرَّرُ فَكَانَ الْمُتَيَقَّنُ وَهُوَ النَّسْخُ مَرَّةً أَوْلَى مِنْ الْأَخْذِ بِالتَّكْرَارِ الَّذِي فِيهِ احْتِمَالٌ، أَوْ مَعْنَاهُ أَنَّ الْحَاظِرَ نَاسِخٌ بِيَقِينٍ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ؛ لِأَنَّهُ إمَّا نَاسِخٌ لِلْإِبَاحَةِ الْأَصْلِيَّةِ أَوْ لِلْإِبَاحَةِ الْعَارِضَةِ وَالْمُبِيحُ مُحْتَمِلٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ تَقَدَّمَ كَانَ مُقَرِّرًا لِلْإِبَاحَةِ الْأَصْلِيَّةِ لَا نَاسِخًا لَهَا فَكَانَ الْعَمَلُ بِمَا هُوَ نَاسِخٌ بِيَقِينٍ أَوْلَى مِنْ الْعَمَلِ بِالْمُحْتَمَلِ قَوْلُهُ (وَهَذَا) أَيْ جَعْلُ الْحَاظِرِ نَاسِخًا لِلْمُبِيحِ. بِنَاءً عَلَى كَذَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي تَحْتَمِلُ أَنْ يَرِدَ الشَّرْعُ بِإِبَاحَتِهَا وَحَظْرِهَا أَنَّهَا قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ عَلَى الْإِبَاحَةِ أَمْ عَلَى الْحَظْرِ فَذَهَبَ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا خُصُوصًا الْعِرَاقِيُّونَ مِنْهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ إلَى أَنَّهَا عَلَى الْإِبَاحَةِ وَأَنَّهَا هِيَ الْأَصْلُ فِيهَا حَتَّى أَنَّ مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ الشَّرْعُ أُبِيحَ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مَا شَاءَ مِنْ الْمَطْعُومَاتِ إلَيْهِ أَشَارَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْإِكْرَاهِ حَيْثُ قَالَ وَلَوْ تَهَدَّدَ بِقَتْلٍ حَتَّى يَأْكُلَ الْمَيْتَةَ أَوْ يَشْرَبَ الْخَمْرَ فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى قُتِلَ خِفْتُ أَنْ يَكُونَ آثِمًا؛ لِأَنَّ أَكْلَ الْمَيْتَةِ وَشُرْبَ الْخَمْرِ لَمْ يُحَرَّمَا إلَّا بِالنَّهْيِ عَنْهُمَا فَجَعَلَ الْإِبَاحَةَ أَصْلًا وَالْحُرْمَةَ بِعَارِضِ النَّهْيِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيٍّ الْجُبَّائِيُّ وَابْنِهِ أَبِي هَاشِمٍ وَأَصْحَابِ الظَّوَاهِرِ، وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَبَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَمُعْتَزِلَةُ بَغْدَادَ إنَّهُمَا عَلَى الْحَظْرِ حَتَّى أَنَّ مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ الشَّرْعُ لَا يُبَاحُ لَهُ شَيْءٌ إلَّا مَا يَدْفَعُ بِهِ الْهَلَاكَ عَنْ نَفْسِهِ مِثْلَ التَّنَفُّسِ وَالِانْتِقَالِ عَنْ مَكَان إلَى مَكَان.
وَقَالَتْ الْأَشْعَرِيَّةُ وَعَامَّةُ أَهْلِ الْحَدِيثِ إنَّهَا عَلَى الْوَقْفِ لَا تُوصَفُ بِحَظْرٍ وَلَا إبَاحَةٍ حَتَّى أَنَّ مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ الشَّرْعُ يَنْبَغِي أَنْ يَتَوَقَّفَ وَلَا يَتَنَاوَلَ شَيْئًا فَإِنْ تَنَاوَلَ شَيْئًا لَا يُوصَفُ فِعْلُهُ بِالْحَظْرِ وَلَا بِالْإِبَاحَةِ.
قَالَ عَبْدُ الْقَاهِرِ الْبَغْدَادِيُّ وَتَفْسِيرُ الْوَقْفِ عِنْدَهُمْ أَنَّ مَنْ فَعَلَ شَيْئًا قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ لَمْ يَسْتَحِقَّ بِفِعْلِهِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى ثَوَابًا وَلَا عِقَابًا، وَإِلَى هَذَا الْقَوْلِ مَالَ الشَّيْخُ أَبُو مَنْصُورٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي شَرْحِ التَّأْوِيلَاتِ، وَقَالَ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ إنَّ الْعَقْلَ لَا حَظَّ لَهُ فِي مَعْرِفَةِ هَذَا الْقِسْمِ يَعْنِي فِيمَا يَجُوزُ أَنْ يَرِدَ الشَّرْعُ بِإِبَاحَتِهِ فَيَجِبُ التَّوَقُّفُ فِيهِ إلَى أَنْ يَرِدَ الشَّرْعُ إلَّا بِقَدْرِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِلْبَقَاءِ.
وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ تَعَالَى غَنِيٌّ عَلَى الْحَقِيقَةِ جَوَادٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَالْغَنِيُّ الْجَوَادُ لَا يَمْنَعُ مَالَهُ عَنْ عِبَادِهِ إلَّا مَا كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ فَتَكُونُ الْإِبَاحَةُ هِيَ الْأَصْلُ بِاعْتِبَارِ غِنَاهُ وُجُودِهِ وَالْحُرْمَةُ لِعَوَارِضَ وَلَمْ يَثْبُتْ فَيَبْقَى عَلَى الْإِبَاحَةِ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّ الْأَشْيَاءَ كُلَّهَا مَمْلُوكَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى الْحَقِيقَةِ وَالتَّصَرُّفُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِإِبَاحَةِ الْمَالِكِ فَلَمَّا لَمْ يَثْبُتْ الْإِبَاحَةُ بَقِيَتْ عَلَى الْحَظْرِ لِقِيَامِ سَبَبِهِ وَهُوَ مِلْكُ الْغَيْرِ، وَوَجْهُ قَوْلِ الْوَاقِفِيَّةِ أَنَّ الْحُرْمَةَ أَوْ الْإِبَاحَةَ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِالشَّرْعِ فَقَبْلَ وُرُودِهِ لَا يُتَصَوَّرُ ثُبُوتُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَا يُحْكَمُ فِيهَا بِحَظْرٍ وَلَا إبَاحَةٍ.
ثُمَّ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - اخْتَارَ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ بِكَوْنِ الْإِبَاحَةِ أَصْلًا عَلَى الْإِطْلَاقِ عَلَى مَعْنَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الْأَشْيَاءَ فِي أَصْلِ وَضْعِهَا مُبَاحَةً مِنْ غَيْرِ تَكْلِيفٍ بِحَظْرٍ وَتَحْرِيمٍ ثُمَّ بَعَثَ الْأَنْبِيَاءَ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ - وَأَوْحَى إلَيْهِمْ بِحَظْرِ بَعْضِهَا وَإِبْقَاءِ بَعْضِهَا عَلَى الْإِبَاحَةِ الْأَصْلِيَّةِ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 95
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست