responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 92
وَمَعْنَاهُ انْقِطَاعُ الدَّمِ وَبِالتَّشْدِيدِ قُرِئَ، وَمَعْنَاهُ الِاغْتِسَالُ وَهُمَا مَعْنَيَانِ مُتَضَادَّانِ ظَاهِرًا أَلَا تَرَى أَنَّ الْحَيْضَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَمْتَدَّ إلَى الِاغْتِسَالِ مَعَ امْتِدَادِهِ إلَى انْقِطَاعِ الدَّمِ؛ لِأَنَّ امْتِدَادَ الشَّيْءِ إلَى غَايَةٍ وَاقْتِصَارَهُ دُونَهَا مَعًا ضِدَّانِ لَكِنَّ التَّعَارُضَ يَرْتَفِعُ بِاخْتِلَافِ الْحَالَيْنِ بِأَنْ يُحْمَلَ الِانْقِطَاعُ عَلَى الْعِشْرَةِ فَهُوَ الِانْقِطَاعُ التَّامُّ الَّذِي لَا تَرَدُّدَ فِيهِ وَلَا يَسْتَقِيمُ التَّرَاخِي إلَى الِاغْتِسَالِ لِمَا فِيهِ مِنْ بُطْلَانِ التَّقْدِيرِ وَيُحْمَلُ الِاغْتِسَالُ عَلَى مَا دُونَ مُدَّةِ الِانْقِطَاعِ وَالتَّنَاهِي؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمُفْتَقِرُ إلَى الِاغْتِسَالِ فَيَنْعَدِمُ بِهِ التَّعَارُضُ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQلِأَنَّهُ انْقِطَاعٌ بِيَقِينٍ وَحُرْمَةُ الْقُرْبَانِ تَثْبُتُ بِاعْتِبَارِ قِيَامِ الْحَيْضِ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى أَمَرَ بِاعْتِزَالِهِنَّ لِمَعْنَى الْأَذَى بِقَوْلِهِ عَزَّ اسْمُهُ {قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: 222] فَبَعْدَ الِانْقِطَاعِ عَلَى أَكْثَرِ مُدَّةِ الْحَيْضِ لَا يَجُوزُ تَرَاخِي الْحُرْمَةِ إلَى الِاغْتِسَالِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى جَعْلِ الطُّهْرِ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الْحَيْضِ حَيْضًا وَهُوَ تَنَاقُضٌ وَإِبْطَالٌ لِلتَّقْدِيرِ الْوَارِدِ فِي الْحَيْضِ، أَوْ يُؤَدِّي إلَى مَنْعِ الزَّوْجِ عَنْ حَقِّهِ وَهُوَ الْقُرْبَانُ بِدُونِ الْعِلَّةِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا وَهِيَ الْأَذَى وَكِلَاهُمَا فَاسِدٌ، وَتُحْمَلُ الْقِرَاءَةُ بِالتَّشْدِيدِ عَلَى الِانْقِطَاعِ عَلَى مَا دُونَ أَكْثَرِ مُدَّةِ الْحَيْضِ؛ لِأَنَّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَثْبُتُ الِانْقِطَاعُ بِيَقِينٍ لِتَوَهُّمِ أَنْ يُعَاوِدَهَا الدَّمُ وَيَكُونَ ذَلِكَ حَيْضًا فَإِنَّ الدَّمَ يَنْقَطِعُ مَرَّةً وَيَدِرُّ أُخْرَى فَلَا بُدَّ مِنْ مُؤَكِّدٍ لِجَانِبِ الِانْقِطَاعِ وَهُوَ الِاغْتِسَالُ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ.
وَقَدْ أَقَامَتْ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - الِاغْتِسَالَ مَقَامَ الِانْقِطَاعِ فَإِنَّ الشَّعْبِيَّ ذَكَرَ أَنَّ ثَلَاثَةَ عَشَرَ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالُوا إنَّ الْمَرْأَةَ إذَا كَانَتْ أَيَّامُهَا دُونَ الْعَشَرَةِ لَا يَحِلُّ لِزَوْجِهَا أَنْ يَقْرَبَهَا حَتَّى تَغْتَسِلَ، وَإِذَا حَمَلْنَاهُمَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْحَالَيْنِ انْقَطَعَ التَّعَارُضُ، فَإِنْ قِيلَ قَوْله تَعَالَى {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} [البقرة: 222] فِي الْقِرَاءَةِ يَأْبَى هَذَا التَّوْفِيقَ؛ لِأَنَّهُ يُوجِبُ الِاغْتِسَالَ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ وَلَوْ كَانَ كَمَا زَعَمْتُمْ لَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقْرَأَ فِي قِرَاءَةِ التَّخْفِيفِ فَإِذَا طَهُرْنَ فَثَبَتَ أَنَّ الْمُرَادَ هُوَ الْجَمْعُ بَيْنَ الطُّهْرِ وَالِاغْتِسَالِ بِالْقِرَاءَتَيْنِ أَيْ حَتَّى يَطْهُرْنَ بِانْقِطَاعِ حَيْضِهِنَّ وَحَتَّى يَتَطَهَّرْنَ بِالِاغْتِسَالِ، قُلْنَا لَمَّا بَيَّنَّا أَنَّ تَأْخِيرَ حَقِّ الزَّوْجِ إلَى الِاغْتِسَالِ فِي الِانْقِطَاعِ عَلَى الْعَشَرَةِ لَا يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْفَسَادِ يُحْمَلُ قَوْله تَعَالَى تَطْهُرْنَ فِي قِرَاءَةِ التَّخْفِيفِ عَلَى طَهُرْنَ فَإِنَّ تَفَعَّلَ قَدْ يَجِيءُ بِمَعْنَى فَعَلَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَدُلَّ عَلَى صُنْعٍ كَتَبَيَّنَ بِمَعْنَى بَانَ أَيْ ظَهَرَ وَكَمَا يُقَالُ فِي صِفَاتِ اللَّهِ: عَزَّ وَجَلَّ تَكَبَّرَ وَتَعَظَّمَ وَلَا يُرَادُ بِهِ صِفَةٌ تَكُونُ بِإِحْدَاثِ الْفِعْلِ، إلَيْهِ أَشَارَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَقَدْ نُقِلَ عَنْ طَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ أَنَّ مَعْنَاهُ تَوَضَّأْنَ أَيْ صِرْنَ أَهْلًا لِلصَّلَاةِ كَذَا فِي عَيْنِ الْمَعَانِي يَلْزَمُ مِمَّا ذَكَرْتُمْ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَعْنَيَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ، فَإِنْ قِيلَ التَّطَهُّرُ حَقِيقَةٌ فِي الِاغْتِسَالِ وَحَمْلُهُ عَلَى انْقِطَاعِ الدَّمِ إنْ كَانَ بِطَرِيقِ الْحَقِيقَةِ فَهُوَ إثْبَاتُ الْعُمُومِ الْمُشْتَرَكِ وَإِنْ كَانَ بِطَرِيقِ الْمَجَازِ فَهُوَ جَمْعٌ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَيَيْنِ أُرِيدَا مِنْ قَوْله تَعَالَى {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} [البقرة: 222] إذْ هُوَ ثَابِتٌ فِي كُلِّ قِرَاءَةٍ وَإِرَادَةُ الْمَعْنَيَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ مِنْ لَفْظٍ وَاحِدٍ غَيْرُ جَائِزَةٍ.
وَلَا يُقَالُ مَعْنَى التَّطَهُّرِ الِاغْتِسَالُ لَا غَيْرُ عِنْدَ مَنْ اخْتَارَ التَّشْدِيدَ وَانْقِطَاعُ الدَّمِ لَا غَيْرُ عِنْدَ مَنْ اخْتَارَ التَّخْفِيفَ فَلَا يَكُونُ فِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ الْمَعْنَيَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ جَمِيعُ الْقِرَاءَاتِ الْمَشْهُورَةِ حَقٌّ عِنْدَ جَمِيعِ الْقُرَّاءِ وَجَمِيعِ أَهْلِ السُّنَّةِ فَمَنْ اخْتَارَ التَّشْدِيدَ فَالتَّخْفِيفُ عِنْدَهُ حَقٌّ وَمَنْ اخْتَارَ التَّخْفِيفَ فَالتَّشْدِيدُ عِنْدَهُ كَذَلِكَ فَيَلْزَمُ الْجَمْعُ عِنْدَ الْجَمِيعِ فِي كُلِّ قِرَاءَةٍ، قُلْنَا لَا يَلْزَمُ الْجَمْعُ؛ لِأَنَّ إرَادَةَ الِانْقِطَاعِ فِي حَالِ اخْتِيَارِ التَّخْفِيفِ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَيْسَ لَهُ مَعْنًى غَيْرُهُ وَإِرَادَةُ الِاغْتِسَالِ فِي حَالِ اخْتِيَارِ التَّشْدِيدِ وَلَيْسَ لَهُ مَعْنًى آخَرُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَالْحَالَتَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ إذْ لَا يُقْرَأُ بِهِمَا فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا يَلْزَمُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَعْنَيَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ إذْ مِنْ شَرْطِهِ اتِّحَادُ الْحَالِ وَلَمْ يُوجَدْ، وَهُوَ نَظِيرُ قَوْله تَعَالَى {مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ} [الروم: 3] فَإِنَّ الْغَلَبَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى اللَّازِمِ عَلَى قِرَاءَةِ غُلِبَتْ عَلَى الْمَجْهُولِ أَيْ غُلِبُوا وَهُمْ مِنْ بَعْدِ أَنْ صَارُوا مَغْلُوبِينَ سَيَغْلِبُونَ عَلَى عَدُوِّهِمْ وَبِمَعْنَى الْمُتَعَدِّي عَلَى قِرَاءَةِ غُلِبَتْ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 92
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست