responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 81
وَلِأَنَّ الْقَوْلَ بِتَعَارُضِ الْقِيَاسَيْنِ يُوجِبُ الْعَمَلَ بِلَا دَلِيلٍ هُوَ الْحَالُ، وَتَعَارُضُ الْحُجَّتَيْنِ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ يُوجِبُ الْعَمَلَ بِالْقِيَاسِ الَّذِي هُوَ حُجَّةٌ وَمِثَالُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُسَافِرَ إذَا كَانَ مَعَهُ إنَاءَانِ فِي أَحَدِهِمَا مَاءٌ نَجِسٌ وَفِي الْآخَرِ طَاهِرٌ وَهُوَ لَا يَدْرِي عَمِلَ بِالتَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّهُ طَهُورٌ مُطْلَقٌ عِنْدَ الْعَجْزِ، وَقَدْ وَقَعَ الْعَجْزُ بِالتَّعَارُضِ فَلَمْ يَقَعْ بِالضَّرُورَةِ فَلَمْ يَجُزْ الْعَمَلُ بِشَهَادَةِ الْقَلْبِ وَلَوْ كَانَ مَعَهُ ثَوْبَانِ نَجِسٌ وَطَاهِرٌ لَا ثَوْبَ مَعَهُ غَيْرُهُمَا عَمِلَ بِالتَّحَرِّي
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْقِيَاسَيْنِ جَمِيعًا كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَمَّا كَانَ وَاحِدًا كَانَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي الْعَمَلِ جَمْعًا بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ كَذَا قَالَ أَبُو الْيُسْرِ؛ لِأَنَّهُ أَيْ الْمَذْكُورَ وَهُوَ شَهَادَةُ الْقَلْبِ دَلِيلٌ لِطَلَبِ الْحَقِّ عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَهِيَ انْقِطَاعُ الْأَدِلَّةِ كَمَا فِي اشْتِبَاهِ الْقِبْلَةِ وَغَيْرِهِ، وَالْفِرَاسَةُ نَظَرُ الْقَلْبِ بِنُورٍ يَقَعُ فِيهِ.
وَفِي الصِّحَاحِ الْفِرَاسَةُ بِالْكَسْرِ اسْمٌ مِنْ قَوْلِك تَفَرَّسْت فِيهِ خَيْرًا أَيْ أَبْصَرْت وَفَهِمْت وَهُوَ يَتَفَرَّسُ أَيْ يَتَثَبَّتُ وَيَنْظُرُ وَتَقُولُ مِنْهُ رَجُلٌ فَارِسُ النَّظَرِ وَأَنَا أَفَرَسُ مِنْهُ أَيْ أَعْلَمُ وَأَبْصَرُ وَمِنْهُ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «اتَّقُوا فِرَاسَةَ الْمُؤْمِنِ» .
وَأَمَّا فِيمَا يَحْتَمِلُ النَّسْخَ: أَيْ التَّعَارُضُ فِيمَا يَحْتَمِلُ النَّسْخَ وَهُوَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ. فَجَهْلٌ مَحْضٌ: أَيْ بِنَاءً عَلَى جَهْلٍ مَحْضٍ بِالنَّاسِخِ. بِلَا شُبْهَةٍ: أَيْ بِلَا شُبْهَةِ حَقِّيَّةَ فِي كِلَيْهِمَا فِي حَقِّ الْعَمَلِ بَلْ الْحَقُّ لَيْسَ إلَّا وَاحِدًا مِنْهُمَا فِي حَقِّ الْعِلْمِ أَوْ الْعَمَلِ جَمِيعًا.
قَوْلُهُ (وَلِأَنَّ الْقَوْلَ بِتَعَارُضِ الْقِيَاسَيْنِ) يَعْنِي إذَا قُلْنَا بِتَحَقُّقِ التَّعَارُضِ فِي الْقِيَاسَيْنِ فَلَا نَجِدُ بُدًّا مِنْ تَرْتِيبِ حُكْمِهِ عَلَيْهِ وَهُوَ التَّسَاقُطُ وَيُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى الْعَمَلِ بِلَا دَلِيلٍ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَضْطَرُّ إلَى مَعْرِفَةِ حُكْمِ الْحَادِثَةِ الْوَاقِعَةِ وَلَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ إلَّا بِدَلِيلٍ وَأَحَدُ الْقِيَاسَيْنِ حَقٌّ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى لَا مَحَالَةَ وَحُجَّةٌ يَقِينًا فَكَانَ الْعَمَلُ بِأَحَدِهِمَا عَلَى احْتِمَالِ أَنَّهُ الْحُجَّةُ حَقِيقَةً أَوْلَى مِنْ الْعَمَلِ بِلَا دَلِيلٍ فَحَلَّ لَهُ الْعَمَلُ بِالْمُحْتَمَلِ لِهَذِهِ الضَّرُورَةِ، فَأَمَّا فِي تَعَارُضِ الْحُجَّتَيْنِ مِنْ الْكِتَابِ أَوْ السُّنَّةِ فَلَا ضَرُورَةَ؛ لِأَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِمَا دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ يُرْجَعُ إلَيْهِ فِي مَعْرِفَةِ حُكْمِ الْحَادِثَةِ وَهُوَ الْقِيَاسُ فَلَا ضَرُورَةَ فِي الْعَمَلِ بِمَا يَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ أَصْلًا وَهُوَ الْمَنْسُوخُ.
قَوْلُهُ (وَمِثَالُ ذَلِكَ) أَيْ نَظِيرُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ التَّسَاقُطِ وَعَدَمِ التَّخْيِيرِ فِي تَعَارُضِ النَّصَّيْنِ وَعَدَمِ التَّسَاقُطِ وَثُبُوتِ التَّخْيِيرِ بِشَرْطِ التَّحَرِّي فِي تَعَارُضِ الْقِيَاسَيْنِ مَسْأَلَتَا الْإِنَاءَيْنِ وَالثَّوْبَيْنِ فَإِنَّ الْمُسَافِرَ إذَا كَانَ مَعَهُ إنَاءَانِ مِنْ الْمَاءِ أَحَدُهُمَا نَجِسٌ وَالْآخَرُ طَاهِرٌ وَلَيْسَ لَهُ مَاءٌ طَاهِرٌ سِوَاهُمَا وَأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ الطَّاهِرَ مِنْ النَّجَسِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَحَرَّى لِلْوُضُوءِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بَلْ يُصَلِّي بِالتَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّهُ أَيْ التَّيَمُّمَ أَوْ التُّرَابَ طَهُورٌ مُطْلَقٌ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْمَاءِ الطَّاهِرِ، وَقَدْ تَحَقَّقَ الْعَجْزُ هَاهُنَا بِالتَّعَارُضِ فَلَمْ يَكُنْ مُضْطَرًّا إلَى اسْتِعْمَالِ التَّحَرِّي لِلْوُضُوءِ لَمَّا أَمْكَنَهُ إقَامَةُ الْفَرْضِ بِالْبَدَلِ فَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّوَضُّؤُ بِأَحَدِهِمَا بِالتَّحَرِّي وَبِدُونِهِ فَهَذَا نَظِيرُ تَعَارُضِ النَّصَّيْنِ، وَنَظِيرُ تَعَارُضِ الْقِيَاسَيْنِ مَسْأَلَةُ الثَّوْبَيْنِ وَهِيَ مَا لَوْ كَانَ مَعَهُ ثَوْبَانِ نَجِسٌ وَطَاهِرٌ وَلَا يَعْرِفُ الطَّاهِرَ مِنْ النَّجِسِ وَلَيْسَ لَهُ ثَوْبٌ آخَرُ طَاهِرٌ وَلَا مَاءٌ يَغْسِلُهُمَا بِهِ فَإِنَّهُ يَتَحَرَّى وَيُصَلِّي فِي الَّذِي يَقَعُ تَحَرِّيهِ عَلَى أَنَّهُ طَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ قَدْ تَحَقَّقَتْ هَاهُنَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِدُ بُدًّا مِنْ سَتْرِ الْعَوْرَةِ فِي الصَّلَاةِ وَلَيْسَ لِلسَّتْرِ بُدٌّ يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى إقَامَةِ الْفَرْضِ فَجَازَ لَهُ التَّحَرِّي لِهَذِهِ الضَّرُورَةِ حَتَّى أَنَّ فِي مَسْأَلَةِ الْإِنَاءَيْنِ لَوْ احْتَاجَ إلَى الْمَاءِ لِلشُّرْبِ عِنْدَ اسْتِيلَاءِ الْعَطَشِ وَعَدَمِ الْمَاءِ الطَّاهِرِ كَانَ لَهُ أَنْ يَتَحَرَّى أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمَاءَ لَا خَلَفَ لَهُ فِي حَقِّ الشُّرْبِ فَكَانَ مُضْطَرًّا فِي إقَامَةِ الشُّرْبِ بِهِ فَيَجُوزُ لَهُ التَّحَرِّي لِلشُّرْبِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ جَازَ لَهُ شُرْبُ الْمَاءِ النَّجِسِ حَقِيقَةً عِنْدَ الضَّرُورَةِ فَالتَّحَرِّي الَّذِي فِيهِ إصَابَةُ الطَّاهِرِ مَأْمُولٌ فِيهِ أَوْلَى بِالْجَوَازِ يُوَضِّحُهُ أَنَّ فِي مَسْأَلَةِ الْإِنَاءَيْنِ لَوْ كَانَا نَجِسَيْنِ لَا يُؤْمَرُ بِالتَّوَضُّؤِ بِهِمَا وَلَوْ فَعَلَ لَا يَجُوزُ لِوُجُودِ الْخَلَفِ وَهُوَ التُّرَابُ وَفِي مَسْأَلَةِ الثَّوْبَيْنِ لَوْ كَانَ كِلَاهُمَا نَجِسَيْنِ يُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ فِي أَحَدِهِمَا وَيُجْزِيه وَذَلِكَ لِأَنَّ لَيْسَ لِلسَّتْرِ أَوْ لِلثَّوْبِ خَلَفٌ يَنْتَقِلُ الْحُكْمُ إلَيْهِ عِنْدَ الْعَجْزِ فَيَجُوزُ لَهُ التَّحَرِّي الَّذِي فِيهِ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 81
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست