responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 79
أَوْ قِرَاءَتَيْنِ فِي آيَةٍ أَوْ بَيْنَ سُنَّتَيْنِ أَوْ سُنَّةٍ وَآيَةٍ؛ لِأَنَّ النَّسْخَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ سَائِغٌ عَلَى مَا نُبَيِّنُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَإِمَّا بَيْنَ قِيَاسَيْنِ أَوْ قَوْلَيْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَلَا لِأَنَّ الْقِيَاسَ لَا يَصْلُحُ نَاسِخًا، وَقَوْلُ الصَّحَابِيِّ بِنَاءً عَلَى رَأْيِهِ فَحَلَّ مَحَلَّ الْقِيَاسِ أَيْضًا، بَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الْقِيَاسَيْنِ إذَا تَعَارَضَا لَمْ يَسْقُطَا بِالتَّعَارُضِ لِيَجِبَ الْعَمَلُ بِهِ فِي الْحَالِ بَلْ يَعْمَلُ الْمُجْتَهِدُ بِأَيِّهِمَا شَاءَ بِشَهَادَةِ قَلْبِهِ؛ لِأَنَّ تَعَارُضَ النَّصَّيْنِ كَانَ لِجَهْلِنَا بِالنَّاسِخِ وَالْجَهْلُ لَا يَصْلُحُ دَلِيلًا شَرْعِيًّا لِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ وَهُوَ الِاخْتِيَارُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَى السُّنَّةِ وَإِنْ كَانَ بَيْنَ سُنَّتَيْنِ فَنَوْعَانِ الْمَصِيرُ إلَى الْقِيَاسِ وَإِلَى أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ، وَإِنْ جَعَلْتَ الْمَصِيرَ إلَى أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ وَالْقِيَاسِ نَوْعًا وَاحِدًا وَتَقْرِيرَ الْأُصُولِ عِنْدَ الْعَجْزِ نَوْعًا آخَرَ فَلَهُ وَجْهٌ، وَبِالْجُمْلَةِ فِي هَذَا الْكَلَامِ نَوْعُ اشْتِبَاهٍ وَلَمْ يَتَّضِحْ لِي سِرُّهُ.
ثُمَّ الْمَصِيرُ إلَى السُّنَّةِ فِي تَعَارُضِ الْآيَتَيْنِ وَالْمَصِيرُ إلَى أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ وَالْقِيَاسِ فِي تَعَارُضِ السُّنَّتَيْنِ إنَّمَا يَجِبُ إذَا كَانَ التَّسَاوِي ثَابِتًا فِي عَدَدِ الْحُجَجِ بِأَنْ كَانَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَاحِدٌ أَوْ أَكْثَرَ فَإِنْ كَانَ مِنْ جَانِبٍ دَلِيلٌ وَاحِدٌ وَمِنْ جَانِبٍ دَلِيلَانِ فَاخْتُلِفَ فِيهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّ أَحَدَ الدَّلِيلَيْنِ يَسْقُطُ بِالتَّعَارُضِ وَالدَّلِيلُ الْآخَرُ الَّذِي سَلِمَ عَنْ الْمُعَارَضَةِ يُتَمَسَّكُ بِهِ وَلَا يَجِبُ الْمَصِيرُ إلَى مَا بَعْدَهُ مِنْ الدَّلَائِلِ، وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ لَا عِبْرَةَ لِكَثْرَةِ الْعَدَدِ وَقِلَّتِهِ فِي التَّعَارُضِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.
ثُمَّ قِيلَ نَظِيرُ التَّعَارُضِ بَيْنَ الْآيَتَيْنِ وَالْمَصِيرِ إلَى السُّنَّةِ قَوْله تَعَالَى {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: 20] وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: 204] فَإِنَّ الْأَوَّلَ بِعُمُومِهِ يُوجِبُ الْقِرَاءَةَ عَلَى الْمُقْتَدِي لِوُرُودِهِ فِي الصَّلَاةِ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ التَّفْسِيرِ وَبِدَلَالَةِ السِّيَاقِ، وَالسِّيَاقُ الثَّانِي يَنْفِي وُجُوبَهَا عَنْهُ إذْ الْإِنْصَاتُ لَا يُمْكِنُ مَعَ الْقِرَاءَةِ وَأَنَّهُ وَرَدَ فِي الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ أَيْضًا عِنْدَ عَامَّةِ أَهْلِ التَّفْسِيرِ فَيَتَعَارَضَانِ فَيُصَارُ إلَى الْحَدِيثِ وَهُوَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ كَانَ لَهُ إمَامٌ فَقِرَاءَةُ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ» وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي الْحَدِيثِ الْمَعْرُوفِ «وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا» وَلَا يُعَارِضُهُمَا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا صَلَاةَ إلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَمَلٌ فِي نَفْسِهِ قَدْ يُرَادُ بِهِ نَفْيُ الْفَضِيلَةِ عَلَى مَا عُرِفَ.
وَنَظِيرُ التَّعَارُضِ بَيْنَ السُّنَّتَيْنِ وَالْمَصِيرِ إلَى الْقِيَاسِ مَا رَوَى النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى صَلَاةَ الْكُسُوفِ كَمَا تُصَلُّونَ رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ» وَمَا رَوَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «أَنَّهُ صَلَّاهَا رَكْعَتَيْنِ بِأَرْبَعِ رُكُوعَاتٍ وَأَرْبَعِ سَجَدَاتٍ» فَإِنَّهُمَا لَمَّا تَعَارَضَا صِرْنَا إلَى الْقِيَاسِ وَهُوَ الِاعْتِبَارُ بِسَائِرِ الصَّلَوَاتِ. قَوْلُهُ (أَوْ قِرَاءَتَيْنِ) مِثْلُ قَوْله تَعَالَى {وَأَرْجُلَكُمْ} [المائدة: 6] بِالنَّصْبِ وَالْجَرِّ وَقَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ يَطْهُرْنَ بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ، وَلَا يُقَالُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَقَعَ التَّعَارُضُ بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقَعُ لِلْجَهْلِ بِالنَّاسِخِ وَلَا يُتَصَوَّرُ نَسْخُ إحْدَى الْقِرَاءَتَيْنِ بِالْأُخْرَى لِنُزُولِهِمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَلَا يَتَحَقَّقُ شَرْطُ النَّسْخِ وَهُوَ زَمَانٌ يَتَمَكَّنُ فِيهِ مِنْ الْعَمَلِ أَوْ الِاعْتِقَادِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَا نُسَلِّمُ نُزُولَهُمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ بَلْ الْإِذْنُ بِالْقِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ ثَبَتَ بِسُؤَالِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ مَا نَزَلَتْ الْقِرَاءَةُ الْأُولَى بِزَمَانٍ طَوِيلٍ فَيَتَحَقَّقُ شَرْطُ النَّسْخِ وَتَكُونُ الْقِرَاءَةُ الثَّانِيَةُ نَاسِخَةً لِحُكْمِ الْأُولَى فِيمَا لَمْ يُمْكِنْ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا، إلَّا أَنَّا لَمَّا لَمْ نَعْرِفْ الْأُولَى مِنْ الثَّانِيَةِ وَقَعَ التَّعَارُضُ بَيْنَهُمَا كَمَا يَقَعُ بَيْنَ الْآيَتَيْنِ.
(قَوْلُهُ) ؛ (لِأَنَّ الْقِيَاسَ لَا يَصْلُحُ نَاسِخًا) أَيْ لَا يُصْلَحُ نَاسِخًا لِشَيْءٍ أَصْلًا أَمَّا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ فَلِأَنَّ النَّاسِخَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فَوْقَ الْمَنْسُوخِ أَوْ مِثْلَهُ وَلَا مُمَاثَلَةَ بَيْنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ وَبَيْنَ الْقِيَاسِ وَأَمَّا الْقِيَاسُ فَلِأَنَّ النَّسْخَ لِبَيَانِ انْتِهَاءِ مُدَّةِ حُسْنِ الْمَشْرُوعِ، وَلِهَذَا لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا مُدَّةٌ وَلَا مَدْخَلَ لِلرَّأْيِ فِي مَعْرِفَةِ انْتِهَاءِ حُسْنِ الْمَشْرُوعِ وَلَا يَتَحَقَّقُ التَّقَدُّمُ وَالتَّأَخُّرُ فِي الْمَعَانِي الْمُودَعَةِ فِي النَّصِّ أَيْضًا.
وَبَيَانُ ذَلِكَ: أَيْ بَيَانُ عَدَمِ التَّعَارُضِ بَيْنَ الْقِيَاسَيْنِ كَذَا يَعْنِي. الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِنَا لَا تَعَارُضَ بَيْنَ الْقِيَاسَيْنِ أَنَّهُمَا لَا يَسْقُطَانِ بِهِ بَلْ يَجِبُ الْعَمَلُ بِأَحَدِهِمَا لِشَرْطِ التَّحَرِّي

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 79
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست