responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 73
وَقَدْ يَرْوِي عَمَّنْ هُوَ دُونَهُ فِي السِّنِّ أَوْ قَرِينِهِ أَوْ هُوَ مِنْ أَصْحَابِهِ وَذَلِكَ صَحِيحٌ عِنْدَ أَهْلِ الْفِقْهِ وَعُلَمَاءِ الشَّرِيعَةِ وَإِنْ طَالَ سَنَدُهُ فَيُكَنِّي عَنْهُ صِيَانَةً عَنْ الطَّعْنِ بِالْبَاطِلِ وَإِنَّمَا يَصِيرُ هَذَا جَرْحًا إذَا اُسْتُفْسِرَ فَلَمْ يُفَسِّرْ وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَا يُعَدُّ ذَنْبًا فِي الشَّرِيعَةِ مِثْلُ مَا طَعَنَ الْجَاهِلُ فِي مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لِأَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْمُبَارَكِ أَنْ يَقْرَأَ عَلَيْهِ أَحَادِيثَ سَمِعَهَا فَأَبَى فَقِيلَ لَهُ فِيهِ فَقَالَ لَا تُعْجِبُنِي أَخْلَاقُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا إنْ صَحَّ فَلَيْسَ بِهِ بَأْسٌ؛ لِأَنَّ أَخْلَاقَ الْفُقَهَاءِ تُخَالِفُ أَخْلَاقَ الزُّهَّادِ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ عُزْلَةٍ وَأُولَئِكَ أَهْلُ قُدْوَةٍ، وَقَدْ يَحْسُنُ فِي مَنْزِلِ الْقُدْوَةِ مَا يَقْبُحُ فِي مَنْزِلِ الْعُزْلَةِ وَيَنْعَكِسُ ذَلِكَ مَرَّةً
ـــــــــــــــــــــــــــــQمَوْضِعِ التُّهْمَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَثْبُتَ فِي مَوْضِعِ التُّهْمَةِ أَيْضًا إلَّا أَنَّ ذَلِكَ يُورِثُ شُبْهَةً فِي الثُّبُوتِ وَبِالشُّبْهَةِ تُرَدُّ الْحُجَّةُ وَيَنْتَفِي تَرْجِيحُ الصِّدْقِ فِي الْخَبَرِ فَلِذَلِكَ لَمْ يَثْبُتْ.
أَوْ مَعْنَاهُ لَيْسَ كُلُّ مِنْ اُتُّهِمَ بِوَجْهٍ سَاقِطَ الْحَدِيثِ مِثْلَ الْكَلْبِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ لَهِيعَةَ وَالْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَغَيْرِهِمْ فَإِنَّهُ قَدْ طُعِنَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِوَجْهٍ وَلَكِنَّ عُلُوَّ دَرَجَتِهِمْ فِي الدِّينِ وَتَقَدُّمَ رُتْبَتِهِمْ فِي الْعِلْمِ وَالْوَرَعِ مَنَعَ مِنْ قَبُولِ ذَلِكَ الطَّعْنِ فِي حَقِّهِمْ وَمِنْ رَدِّ حَدِيثِهِمْ بِهِ إذْ لَوْ رُدَّ حَدِيثُ أَمْثَالِ هَؤُلَاءِ بِطَعْنِ كُلِّ وَاحِدٍ انْقَطَعَ طَرِيقُ الرِّوَايَةِ وَانْدَرَسَتْ الْأَخْبَارُ إذْ لَمْ يُوجَدْ بَعْدَ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ - مَنْ لَا يُوجَدُ فِيهِ أَدْنَى شَيْءٍ مِمَّا يُجْرَحُ بِهِ إلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَلِذَلِكَ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى مِثْلِ هَذَا الطَّعْنِ وَيُحْمَلُ عَلَى أَحْسَنِ الْوُجُوهِ وَهُوَ قَصْدُ الصِّيَانَةِ كَمَا ذُكِرَ.
قَوْلُهُ (وَقَدْ يَرْوِي عَمَّنْ هُوَ دُونَهُ فِي السِّنِّ) كَرِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ مَالِكٍ، أَوْ قَرِينِهِ أَيْ مِثْلِهِ يُقَالُ قَرَنَهُ فِي السِّنِّ وَقَرِينُهُ إذَا كَانَ مِثْلُهُ فِيهِ، وَذَلِكَ عَلَى قِسْمَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَرْوِيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ كَرِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَرِوَايَةِ عُمَرَ عَنْهُ وَيُسَمَّى هَذَا مُدَبَّجًا، وَالثَّانِي أَنْ يَرْوِيَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ وَلَا يَرْوِيَ الْآخَرُ عَنْهُ مِثْلُ رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ مِسْعَرٍ وَهُمَا قَرِينَانِ.
أَوْ هُوَ مِنْ أَصْحَابِهِ أَيْ تَلَامِذَتِهِ كَرِوَايَةِ عَبْدِ الْغَنِيِّ الْحَافِظِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الصُّورِيِّ وَكَرِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ الْبَرْقَانِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْخَطِيبِ الْبَغْدَادِيِّ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْعُلُوَّ فِي الْإِسْنَادِ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ سُنَّةٌ مَرْغُوبٌ فِيهَا وَالنُّزُولُ فِيهِ مَفْضُولٌ مَرْغُوبٌ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْعُلُوَّ فِي الْإِسْنَادِ يُبْعِدُ الْإِسْنَادَ مِنْ الْخَلَلِ إذْ كُلُّ رَجُلٍ مِنْ رِجَالِ السَّنَدِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَقَعَ الْخَلَلُ مِنْ جِهَتِهِ سَهْوًا أَوْ عَمْدًا فَفِي قِلَّتِهِمْ قِلَّةُ جِهَاتِ الْخَلَلِ وَفِي كَثْرَتِهِمْ كَثْرَةُ جِهَاتِهِ لَكِنَّ النَّقْلَ بِالطَّرِيقَيْنِ صَحِيحٌ بِالِاتِّفَاقِ إذَا وُجِدْت الشَّرَائِطُ الَّتِي مَرَّ ذِكْرُهَا فَالشَّيْخُ نَظَرَ إلَى الصِّحَّةِ فِي هَذَا الْمَقَامِ لِحُصُولِ غَرَضِهِ بِهَا وَهُوَ دَفْعُ الطَّعْنِ، فَقَالَ وَذَلِكَ أَيْ مَا ذَكَرْنَا وَهُوَ الرِّوَايَةُ عَنْ هَؤُلَاءِ صَحِيحٌ عِنْدَ أَهْلِ الْفِقْهِ وَعُلَمَاءِ الشَّرِيعَةِ أَيْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَإِنْ طَالَ سَنَدُ الْحَدِيثِ بِهَا لِكَثْرَةِ الْوَسَائِطِ فِيهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الرِّوَايَةِ عَمَّنْ هُوَ فَوْقَهُ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ صَحَّ الْكِنَايَةُ عَنْ الْمَرْوِيِّ عَنْهُ صِيَانَةً لِنَفْسِهِ عَنْ الطَّعْنِ الْبَاطِلِ بِأَنَّهُ رُوِيَ بِإِسْنَادٍ نَازِلٍ، وَإِنَّمَا يَصِيرُ هَذَا أَيْ الْمَذْكُورُ وَهُوَ الْكِنَايَةُ عَنْ الْمَرْوِيِّ عَنْهُ جَرْحًا فِي الرَّاوِي إذَا اُسْتُفْسِرَ الرَّاوِي عَنْ الْمَرْوِيِّ عَنْهُ فَلَمْ يُفَسِّرْ كَمَا بَيَّنَّاهُ.
قَوْلُهُ (وَمِنْ ذَلِكَ) أَيْ وَمِنْ الطَّعْنِ بِمَا لَا يَصْلُحُ لَهُ الطَّعْنُ بِمَا لَا يُعَدُّ ذَنْبًا عَلَى الشَّرِيعَةِ وَلَا يُوجِبُ قَدْحًا فِي الْمُرُوءَةِ. (لِأَنَّهُ) : أَيْ مُحَمَّدًا. (فَقِيلَ لَهُ) : أَيْ لِعَبْدِ اللَّهِ. (فِيهِ) : أَيْ فِي إبَائِهِ عَنْ الِاسْتِمَاعِ يَعْنِي قِيلَ لَهُ لِمَ لَا تُجِيبُهُ إلَى اسْتِمَاعِ الْأَحَادِيثِ. (لِأَنَّ أَخْلَاقَ الْفُقَهَاءِ تُخَالِفُ أَخْلَاقَ الزُّهَّادِ) وَاعْتُبِرَ هَذَا بِمُوسَى وَالْعَبْدِ الصَّالِحِ فَإِنَّ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمَّا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْقُدْوَةِ لَمْ يَسْتَطِعْ صَبْرًا عَلَى مَا رَأَى مِنْ الْعَبْدِ الصَّالِحِ مِنْ خَرْقِ السَّفِينَةِ وَقَتْلِ النَّفْسِ وَإِقَامَةِ الْجِدَارِ حَتَّى أَنْكَرَهَا عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ قَدْ وَاعَدَ لَهُ الصَّبْرَ، وَقَدْ يَحْسُنُ فِي مَنْزِلِ الْقُدْوَةِ مَا يَقْبُحُ فِي مَنْزِلِ الْعُزْلَةِ حَتَّى اُسْتُحِبَّ لِلْمُفْتِي الْأَخْذُ بِالرُّخَصِ تَيْسِيرًا عَلَى الْعَوَامّ مِثْلُ التَّوَضُّؤِ بِمَاءِ الْحَمَّامِ وَالصَّلَاةِ فِي الْأَمَاكِنِ الطَّاهِرَةِ ظَاهِرًا بِدُونِ الْمُصَلَّى وَعَدَمِ الِاحْتِرَازِ عَلَى طِينِ الشَّوَارِعِ فِي مَوْضِعٍ حَكَمُوا بِطَهَارَتِهِ فِيهَا وَلَا يَلِيقُ ذَلِكَ بِأَهْلِ الْعُزْلَةِ بَلْ الْأَخْذُ بِالِاحْتِيَاطِ وَالْعَمَلِ بِالْعَزِيمَةِ أَوْلَى بِهِمْ.
(وَيَنْعَكِسُ ذَلِكَ مَرَّةً) أَيْ يَحْسُنُ فِي مَنْزِلَةِ الْعُزْلَةِ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 73
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست