responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 68
وَمِثَالُ الْقِسْمِ الْآخَرِ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ بِحَدِيثِ الْوُضُوءِ عَلَى مَنْ قَهْقَهَ فِي الصَّلَاةِ وَلَمْ تَكُنْ جَرْحًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْحَوَادِثِ النَّادِرَةِ فَاحْتَمَلَ الْخَفَاءَ، وَأَمَّا الطَّعْنُ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ فَلَا يُقْبَلُ مُجْمَلًا؛ لِأَنَّ الْعَدَالَةَ فِي الْمُسْلِمِينَ ظَاهِرَةٌ خُصُوصًا فِي الْقُرُونِ الْأُولَى فَلَوْ وَجَبَ الرَّدُّ بِمُطْلَقِ الطَّعْنِ لَبَطَلَتْ السُّنَنُ أَلَا يُرَى أَنَّ شَهَادَةَ الْحُكْمِ أَضْيَقُ مِنْ هَذَا وَلَا يُقْبَلُ فِيهَا مِنْ الْمُزَكِّي الْجَرْحُ الْمُطْلَقُ فَهَذَا أَوْلَى، وَإِذَا فَسَّرَهُ بِمَا لَا يَصْلُحُ جَرْحًا لَمْ يُقْبَلْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّطْبِيقُ مَشْرُوعًا أَصْلًا، وَهُوَ مَذْهَبُ عَامَّةِ الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ -، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ «سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَأَى ابْنًا لَهُ يُطَبِّقُ فَنَهَاهُ فَقَالَ رَأَيْت عَبْدَ اللَّهِ يَفْعَلُهُ فَقَالَ رَحِمَ اللَّهُ ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ كُنَّا أُمِرْنَا بِهَذَا ثُمَّ نُهِينَا عَنْهُ» وَلِأَنَّ الْإِنْسَانَ إنَّمَا يُخَيَّرُ بَيْنَ الْعَزِيمَةِ وَالرُّخْصَةِ إذَا كَانَ فِي الْعَزِيمَةِ نَوْعُ تَخْفِيفٍ وَفِي الرُّخْصَةِ كَذَلِكَ فَحِينَئِذٍ يُفِيدُ التَّخْيِيرَ، فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْعَزِيمَةِ نَوْعُ تَخْفِيفٍ وَفِي الرُّخْصَةِ تَخْفِيفٌ انْقَلَبَتْ تِلْكَ الرُّخْصَةُ عَزِيمَةً وَهَاهُنَا لَيْسَ فِي الْعَزِيمَةِ تَخْفِيفٌ وَفِي الرُّخْصَةِ نَوْعُ تَخْفِيفٍ فَانْقَلَبَتْ عَزِيمَةً.
قَوْلُهُ (وَمِثَالُ الْقِسْمِ الْآخَرِ) أَيْ نَظِيرُ الْقِسْمِ الْآخِرِ وَهُوَ مَا يَكُونُ مِنْ جِنْسِ مَا يَحْتَمِلُ الْخَفَاءَ عَلَى الرَّاوِي مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ بِحَدِيثِ الْقَهْقَهَةِ وَهُوَ مَا رَوَى زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ الْجُهَنِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ إذْ أَقْبَلَ أَعْمَى فَوَقَعَ فِي بِئْرٍ أَوْ زُبْيَةٍ فَضَحِكَ بَعْضُ الْقَوْمِ فَلَمَّا فَرَغَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ مَنْ ضَحِكَ مِنْكُمْ قَهْقَهَةً فَلْيُعِدْ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ» ثُمَّ لَمْ يُوجِبْ مَا ذُكِرَ عَنْ أَبِي مُوسَى إنْ ثَبَتَ جَرْحًا فِي الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّ مَا رَوَاهُ زَيْدٌ مِنْ الْحَوَادِثِ النَّادِرَةِ فَاحْتَمَلَ الْخَفَاءَ عَلَى أَبِي مُوسَى فَلِذَلِكَ لَمْ يَعْمَلْ بِهِ، عَلَى أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ بِهِ فَإِنَّهُ قَدْ اشْتَهَرَ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ رِوَايَةُ هَذَا الْحَدِيثِ مُسْنَدًا وَمُرْسَلًا عَنْ أَبِي مُوسَى كَذَا فِي الْأَسْرَارِ وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الثِّقَاتِ أَنَّهُ تَرَكَ الْعَمَلَ بِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا ذَكَرُوهُ غَيْرُ ثَابِتٍ، ثُمَّ فِي هَذَا الْقِسْمِ لَمْ يَخْرُجْ الْحَدِيثُ عَنْ كَوْنِهِ حُجَّةً؛ لِأَنَّ الْحَدِيثَ الصَّحِيحَ وَاجِبٌ الْعَمَلُ بِهِ فَلَا يُتْرَكُ الْعَمَلُ بِهِ بِمُخَالَفَةِ بَعْضِ الصَّحَابَةِ إذَا أَمْكَنَ الْحَمْلُ عَلَى وَجْهٍ حَسَنٍ، وَقَدْ أَمْكَنَ هَاهُنَا بِأَنْ يُقَالَ إنَّمَا عَمِلَ أَوْ أَفْتَى بِخِلَافِهِ؛ لِأَنَّهُ خَفِيَ عَلَيْهِ النَّصُّ وَلَوْ بَلَغَهُ لَرَجَعَ إلَيْهِ فَالْوَاجِبُ عَلَى مِنْ بَلَغَهُ الْحَدِيثُ بِطَرِيقٍ صَحِيحٍ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ.
قَوْلُهُ (وَأَمَّا الطَّعْنُ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ فَلَا يُقْبَلُ مُجْمَلًا) أَيْ مُبْهَمًا بِأَنْ يَقُولَ هَذَا الْحَدِيثُ غَيْرُ ثَابِتٍ أَوْ مُنْكَرٌ أَوْ فُلَانٌ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ أَوْ ذَاهِبُ الْحَدِيثِ أَوْ مَجْرُوحٌ أَوْ لَيْسَ بِعَدْلٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَذْكُرَ سَبَبَ الطَّعْنِ وَهُوَ مَذْهَبُ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ وَالْمُحَدِّثِينَ، وَذَهَبَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ وَجَمَاعَةٌ إلَى أَنَّ الْجَرْحَ الْمُطْلَقَ مَقْبُولٌ؛ لِأَنَّ الْجَارِحَ إنْ لَمْ يَكُنْ بَصِيرًا بِأَسْبَابِ الْجَرْحِ فَلَا يَصْلُحُ لِلتَّزْكِيَةِ وَإِنْ كَانَ بَصِيرًا بِهَا فَلَا مَعْنَى لِاشْتِرَاطِ بَيَانِ السَّبَبِ إذْ الْغَالِبُ مَعَ عَدَالَتِهِ وَبَصِيرَتِهِ أَنَّهُ مَا أَخْبَرَ إلَّا وَهُوَ صَادِقٌ فِي مَقَالِهِ، وَاخْتِلَافُ النَّاسِ فِي أَسْبَابِ الْجَرْحِ وَإِنْ كَانَ ثَابِتًا إلَّا أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الْعَدْلِ الْبَصِيرِ بِأَسْبَابِ الْجَرْحِ أَنْ يَكُونَ عَارِفًا بِمَوَاقِعِ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ فَلَا يُطْلَقُ الْجَرْحُ إلَّا فِي صُورَةٍ عُلِمَ الْوِفَاقُ عَلَيْهَا وَإِلَّا كَانَ مُدَلِّسًا مُلْبِسًا بِمَا يُوهِمُ الْجَرْحَ عَلَى مَنْ لَا يَعْتَقِدُهُ وَهُوَ خِلَافُ مُقْتَضَى الْعَدَالَةِ، أَلَا تَرَى أَنَّ التَّعْدِيلَ الْمُطْلَقَ مَقْبُولٌ بِأَنْ قَالَ الْمُعَدِّلُ هُوَ عَدْلٌ أَوْ ثِقَةٌ أَوْ مَقْبُولُ الْحَدِيثِ أَوْ مَقْبُولُ الشَّهَادَةِ فَكَذَا الْجَرْحُ الْمُطْلَقُ، وَلِعَامَّةِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْعَدَالَةَ ثَابِتَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ بِاعْتِبَارِ الْعَقْلِ وَالدِّينِ خُصُوصًا فِي الْقُرُونِ الْأُولَى وَهِيَ الْقُرُونُ الثَّلَاثَةُ الَّتِي شَهِدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعَدَالَتِهَا فَلَا يُتْرَكُ هَذَا الظَّاهِرُ بِالْجَرْحِ الْمُبْهَمِ؛ لِأَنَّ الْجَارِحَ رُبَّمَا اعْتَقَدَ مَا لَا يَصْلُحُ سَبَبًا لِلْجَرْحِ جَارِحًا بِأَنْ ارْتَكَبَ الرَّاوِي صَغِيرَةً مِنْ غَيْرِ إصْرَارٍ أَوْ شَرِبَ النَّبِيذَ مُعْتَقِدًا إبَاحَتَهُ أَوْ لَعِبَ بِالشِّطْرَنْجِ كَذَلِكَ فَجَرَّحَهُ بِنَاءً عَلَيْهِ.
وَكَذَا الْعَادَةُ الظَّاهِرَةُ أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا لَحِقَهُ مِنْ غَيْرِهِ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 68
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست