responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 57
وَالسُّنَّةُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنْوَاعٌ: مَا يَكُونُ مُحْكَمًا لَا يَشْتَبِهُ مَعْنَاهُ وَلَا يَحْتَمِلُ غَيْرَ مَا وُضِعَ لَهُ، وَظَاهِرٌ يَحْتَمِلُ غَيْرَ مَا ظَهَرَ مِنْ مَعْنَاهُ مِنْ عَامٍّ يَحْتَمِلُ الْخُصُوصَ أَوْ حَقِيقَةً يَحْتَمِلُ الْمَجَازَ، وَمُشْكِلٌ أَوْ مُشْتَرَكٌ لَا يُعْمَلُ بِهِ إلَّا بِتَأْوِيلٍ، وَمُجْمَلٌ أَوْ مُتَشَابِهٌ، وَقَدْ يَكُونُ مِنْ جَوَامِعِ الْكَلِمِ الَّتِي اخْتَصَّ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِيمَا يَحْكِي مِنْ اخْتِصَاصِهِ «وَأُوتِيت جَوَامِعَ الْكَلِمِ» فَهِيَ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ:
أَمَّا الْأَوَّلُ فَلَا بَأْسَ لِمَنْ لَهُ بَصَرٌ بِوُجُوهِ اللُّغَةِ أَنْ يَنْقُلَهُ إلَى لَفْظٍ يُؤَدِّي مَعْنَاهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مُحْكَمًا مُفَسَّرًا أُمِنَ فِيهِ الْغَلَطُ عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ بِوُجُوهِ اللُّغَةِ فَثَبَتَ النَّقْلُ رُخْصَةً وَتَيْسِيرًا، وَقَدْ ثَبَتَ فِي كِتَابِ اللَّهِ ضَرْبٌ مِنْ الرُّخْصَةِ مَعَ أَنَّ النَّظْمَ مُعْجِزٌ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ» وَإِنَّمَا ثَبَتَ ذَلِكَ بِبَرَكَةِ دَعْوَةِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ رُخْصَةُ إسْقَاطٍ وَهَذِهِ رُخْصَةُ تَخْفِيفٍ وَتَيْسِيرٍ مَعَ قِيَامِ الْأَصْلِ عَلَى نَحْوِ مَا مَرَّ تَقْسِيمُهُ فِي بَابِ الْعَزِيمَةِ وَالرُّخْصَةِ.
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي فَلَا رُخْصَةَ فِيهِ إلَّا لِمَنْ حَوَى إلَى عِلْمِ اللُّغَةِ فِقْهَ الشَّرِيعَةِ (كَشْفٌ) وَالْعِلْمَ بِطَرِيقِ الِاجْتِهَادِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ (ثَالِثٌ) كَذَلِكَ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْقُلَهُ إلَى مَا لَا يَحْتَمِلُ مَا احْتَمَلَهُ اللَّفْظُ الْمَنْقُولُ مِنْ خُصُوصٍ أَوْ مَجَازٍ وَلَعَلَّ الْمُحْتَمَلَ هُوَ الْمُرَادُ وَلَعَلَّهُ يَزِيدُهُ عُمُومًا فَيُخِلُّ بِمَعَانِيهِ فِقْهًا وَشَرِيعَةً.
ـــــــــــــــــــــــــــــQنَقْلُهُ بِالْمَعْنَى بِالِاتِّفَاقِ فَثَبَتَ أَنَّ اعْتِبَارَ النَّقْلِ بِالتَّفْسِيرِ لَا يَصِحُّ، وَبِأَنَّا نَعْلَمُ قَطْعًا أَنَّ اللَّفْظَ غَيْرُ مَقْصُودٍ فِي بَابِ الْحَدِيثِ كَالشَّهَادَةِ.
وَلِهَذَا كَانَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَذْكُرُ الْمَعْنَى الْوَاحِدَ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ بَلْ الْمَقْصُودُ هُوَ الْمَعْنَى وَهُوَ حَاصِلٌ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى اخْتِلَافِ اللَّفْظِ كَالشَّهَادَةِ لَمَّا كَانَ الْمَقْصُودُ فِيهَا الْمَعْنَى دُونَ اللَّفْظِ صَحَّ أَدَاؤُهَا بِالْمَعْنَى وَيُعْتَبَرُ اتِّفَاقُ الشُّهُودِ بِخِلَافِ الْقُرْآنِ وَالْأَذَانِ وَالتَّشَهُّدِ وَسَائِرِ مَا تُعُبِّدَ فِيهِ بِاللَّفْظِ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ فِيهَا مَقْصُودٌ كَالْمَعْنَى حَتَّى تَعَلَّقَ جَوَازُ الصَّلَاةِ وَحُرْمَةُ الْقِرَاءَةِ عَلَى الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ بِالْآيَةِ الْمَنْسُوخَةِ فَلَا يَجُوزُ الْإِخْلَالُ بِهِ كَمَا لَا يَجُوزُ بِالْمَعْنَى وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الشَّيْخِ وَهَذَا لِأَنَّ النَّظْمَ مِنْ السُّنَّةِ غَيْرُ مُعْجِزٍ إلَى آخِرِهِ أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ مُعْجِزًا لَا يَكُونُ مَقْصُودًا.
قَوْلُهُ (وَالسُّنَّةُ فِي هَذَا الْبَابِ) أَيْ فِي النَّقْلِ بِالْمَعْنَى. مَا يَكُونُ مُحْكَمًا لَا يَشْتَبِهُ مَعْنَاهُ وَلَا يَحْتَمِلُ غَيْرَ مَا وَضَعَ لَهُ إنَّمَا فَسَّرَهُ بِهِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ الْمُحْكَمَ الَّذِي لَا يَحْتَمِلُ النَّسْخَ فِي ذَاتِهِ إنَّمَا أَرَادَ بِهِ الْمُحْكَمَ عَلَى التَّفْسِيرِ الْمَذْكُورِ وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ» كَذَا ذَكَرَ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ التَّقْوِيمِ قَالَ الْغَزَالِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنَّمَا جَازَ النَّقْلُ بِالْمَعْنَى عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْفُقَهَاءِ إذَا كَانَ ظَاهِرًا مُفَسَّرًا بِأَنْ قَالَ قَعَدَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ مَكَانَ مَا رُوِيَ عَنْهُ جَلَسَ، أَوْ أَقَامَ لَفْظَ الْعِلْمِ مَقَامَ الْمَعْرِفَةِ أَوْ الِاسْتِطَاعَةَ مَكَانَ الْقُدْرَةِ أَوْ الْحَظْرَ مَقَامَ التَّحْرِيمِ وَنَحْوِهَا. جَوَامِعُ الْكَلِمِ هِيَ الْأَلْفَاظُ الْيَسِيرَةُ الَّتِي تَجْمَعُ الْمَعَانِيَ الْكَثِيرَةَ وَالْأَحْكَامَ الْمُخْتَلِفَةَ وَاخْتَصَّ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ قَالَ «فُضِّلْت بِسِتٍّ أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ وَنُصِرْت بِالرُّعْبِ. وَأُحِلَّتْ لِي الْغَنَائِمُ وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا وَأُرْسِلْت إلَى الْخَلْقِ كَافَّةً وَخُتِمَ بِي النَّبِيُّونَ» وَإِنَّمَا ثَبَتَ ذَلِكَ أَيْ التَّرَخُّصُ بِبَرَكَةِ دَعْوَةِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَيْ دُعَائِهِ وَهُوَ مَا رُوِيَ عَنْ «النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ لِأُبَيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَا أُبَيَّ أُرْسِلَ إلَيَّ أَنْ اقْرَأْ الْقُرْآنَ عَلَى حَرْفٍ فَرَدَدْتُ أَنْ هَوِّنْ عَلَى أُمَّتِي فَرَدَّ إلَيَّ الثَّانِيَةَ اقْرَأْهُ عَلَى حَرْفٍ فَرَدَدْت أَنْ هَوِّنْ عَلَى أُمَّتِي فَرَدَّ إلَيَّ الثَّالِثَةَ اقْرَأْهُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ» وَتَمَامُ الْحَدِيثِ فِي الْمَصَابِيحِ. غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ أَيْ التَّرَخُّصَ الَّذِي ثَبَتَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى رُخْصَةُ إسْقَاطٍ أَيْ رُخْصَةٌ لَازِمَةٌ وَهِيَ الَّتِي لَمْ تَبْقَ الْعَزِيمَةُ فِيهَا مَشْرُوعَةٌ مِثْلُ رُخْصَةِ الْقَصْرِ لِلْمُسَافِرِ وَرُخْصَةِ الْمَسْحِ لِلَابِسِ الْخُفِّ فَلَمْ يَبْقَ لُزُومُ رِعَايَةِ النَّظْمِ الْمُنَزَّلِ أَوَّلًا مَشْرُوعًا وَلَمْ تَبْقَ لَهُ أَوْلَوِيَّةٌ بَلْ سَاوَى الْأَحْرُفَ الْبَاقِيَةَ فِي الْقُرْآنِيَّةِ وَإِحْرَازِ الثَّوَابِ وَسَائِرِ الْأَحْكَامِ لَا أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْأَحْرُفِ أَصْلًا وَالْبَاقِي رُخْصَةً.
وَهَذِهِ أَيْ الرُّخْصَةُ الثَّابِتَةُ فِي نَقْلِ الْحَدِيثِ رُخْصَةُ تَيْسِيرٍ وَتَخْفِيفٍ حَتَّى كَانَ الْعَمَلُ بِالْعَزِيمَةِ وَهُوَ النَّقْلُ بِاللَّفْظِ الْمَسْمُوعِ أَوْلَى مِنْ النَّقْلِ بِالْمَعْنَى بِالِاتِّفَاقِ كَأَوْلَوِيَّةِ الصَّوْمِ فِي حَقِّ الْمُسَافِرِ مِنْ الْإِفْطَارِ وَأَوْلَوِيَّةِ الصَّبْرِ عَلَى الْقَتْلِ فِي حَقِّ الْمُكْرَهِ عَلَى الْكُفْرِ مِنْ إجْرَاءِ كَلِمَةِ الْكُفْرِ.
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي وَهُوَ مَا كَانَ ظَاهِرًا يَحْتَمِلُ غَيْرَ مَا ظَهَرَ مِنْ مَعْنَاهُ فَلَا رُخْصَةَ فِيهِ أَيْ لَا يَجُوزُ نَقْلُهُ بِالْمَعْنَى إلَّا لِمَنْ جَمَعَ بَيْنَ الْعِلْمَيْنِ اللُّغَةِ وَالْفِقْهِ (مِنْ خُصُوصٍ أَوْ مَجَازٍ) بَيَانٌ لِمَا احْتَمَلَهُ اللَّفْظُ يَعْنِي إذَا لَمْ يَكُنْ فَقِيهًا رُبَّمَا يَنْقُلُهُ إلَى عِبَارَةٍ لَا تَكُونُ فِي احْتِمَالِ الْخُصُوصِ وَالْمَجَازِ مِثْلِ الْعِبَارَةِ الْأُولَى بِأَنْ يَضُمَّ إلَيْهَا مِنْ الْمُؤَكِّدَاتِ مَا يَقْطَعُ احْتِمَالَ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 57
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست