responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 394
وَكَذَلِكَ فَعَلْنَا فِي السَّفَرِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَصَدَّقَ عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ» وَذَلِكَ إسْقَاطٌ مَحْضٌ فَلَا يَصِحُّ رَدُّهُ، وَلِأَنَّ الْقَصْرَ تَعَيَّنَ تَخْفِيفًا بِخِلَافِ الْفِطْرِ فِي السَّفَرِ، وَلِأَنَّ التَّخَيُّرَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَضَمَّنُ رِفْقًا بِالْعَبْدِ وَنَفْعًا مِنْ صِفَاتِ الْأُلُوهِيَّةِ دُونَ الْعُبُودِيَّةِ عَلَى مَا عُرِفَ فَهَذِهِ دَلَالَاتُ النُّصُوصِ وَأَمَّا صِفَةُ السَّبَبِ فَمِثْلُ صِفَةِ السَّوْمِ فِي الْأَنْعَامِ أَيُشْتَرَطُ لِلزَّكَاةِ أَمْ لَا وَمِثْلُ صِفَةِ الْحِلِّ فِي الْوَطْءِ لِإِثْبَاتِ حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ وَمِثْلُ اخْتِلَافِهِمْ فِي صِفَةِ الْقَتْلِ الْمُوجِبِ لِلْكَفَّارَةِ وَفِي صِفَةِ الْيَمِينِ الْمُوجِبَةِ لِلْكَفَّارَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْحُكْمُ الثَّانِي مُتَعَلِّقٌ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَصْفَيْنِ حَيْثُ لَمْ يَنْعَدِمْ الْحُكْمُ بِعَدَمِ أَحَدِهِمَا فَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عِلَّةً كَامِلَةً يَثْبُتُ الْحُكْمُ بِهِ.
1 -
قَوْلُهُ (وَكَذَلِكَ فَعَلْنَا فِي السَّفَرِ) أَيْ كَمَا حَكَمْنَا بِسَبَبِيَّةِ الْجِنْسِ بِالدَّلَالَةِ لَا بِالْقِيَاسِ حَكَمْنَا بِكَوْنِ السَّفَرِ مُسْقِطًا لِشَطْرِ الصَّلَاةِ بِالدَّلَالَةِ أَيْضًا لَا بِالتَّعْلِيلِ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَصَدَّقَ عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ» ذَلِكَ إسْقَاطٌ مَحْضٌ أَيْ التَّصَدُّقُ بِشَطْرِ الصَّلَاةِ إسْقَاطٌ مَحْضٌ؛ لِأَنَّهُ تَصَدُّقٌ بِمَا لَا يَحْتَمِلُ التَّمْلِيكَ فَكَانَ إسْقَاطًا كَالتَّصَدُّقِ بِمِلْكِ الْقِصَاصِ، وَإِذَا كَانَ إسْقَاطًا لَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ خُصُوصًا إذَا صَدَرَ مِنْ صَاحِبِ الشَّرْعِ وَقَوْلُهُ مَحْضٌ، احْتِرَازٌ عَنْ التَّصَدُّقِ بِمَا فِيهِ مَعْنَى التَّمْلِيكِ كَإِبْرَاءِ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى الْقَبُولِ لِوُجُودِ مَعْنَى الْإِسْقَاطِ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ لِوُجُودِ مَعْنَى التَّمْلِيكِ وَلِأَنَّ الْقَصْرَ تَعَيَّنَ تَخْفِيفًا يَعْنِي السَّفَرُ مِنْ أَسْبَابِ التَّخْفِيفِ كَرَامَةً مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَجِهَةُ التَّخْفِيفِ مُتَعَيِّنَةٌ فِي الْقَصْرِ فَإِنَّهُ لَا تَخْفِيفَ فِي الْإِكْمَالِ فِي مُقَابَلَةِ الْقَصْرِ بِوَجْهٍ فَيَكُونُ الْقَصْرُ هُوَ الْمَشْرُوعُ دُونَ غَيْرِهِ بِخِلَافِ الْفِطْرِ فِي السَّفَرِ؛ لِأَنَّ جِهَةَ التَّخْفِيفِ غَيْرُ مُتَعَيِّنَةٍ فِي الْإِفْطَارِ؛ لِأَنَّ فِي الصَّوْمِ ضَرْبَ يُسْرٍ عَلَى مَا مَرَّ بَيَانُهُ فَيَخْتَارُ أَيَّ الْيُسْرَيْنِ شَاءَ وَلِأَنَّ التَّخْيِيرَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَضَمَّنُ رِفْقًا أَيْ يُسْرًا وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ دَفْعًا أَيْ دَفْعًا لِمَضَرَّةٍ وَنَفْعًا مِنْ صِفَاتِ الْأُلُوهِيَّةِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ الَّذِي يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مِنْ غَيْرِ نَفْعٍ يَعُودُ إلَيْهِ دُونَ الْعُبُودِيَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ لِلْعَبْدِ إلَّا اخْتِيَارُ مَا كَانَ لَهُ فِيهِ رِفْقٌ وَنَفْعٌ وَفِي اخْتِيَارِ إكْمَالِ الصَّلَاةِ لَا رِفْقَ لَهُ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ ثَوَابٌ لَيْسَ فِي الْقَصْرِ فَكَانَ اخْتِيَارًا مُطْلَقًا فَلَا يَثْبُتُ لِلْعَبْدِ عَلَى مَا عُرِفَ يَعْنِي فِي بَابِ الْعَزِيمَةِ وَالرُّخْصَةِ فَهَذِهِ أَيْ الْمَعَانِي الَّتِي ذَكَرْنَاهَا وَأَثْبَتْنَا كَوْنَ السَّفَرِ مُسْقِطًا لِشَطْرِ الصَّلَاةِ بِهَا دَلَالَاتُ النُّصُوصِ وَلَيْسَتْ بِأَقْيِسَةٍ.
وَفِي هَذَا الْكَلَامِ نَوْعُ تَسَامُحٍ فَإِنَّ الدَّلِيلَ الْأَوَّلَ مِنْ قَبِيلِ الْإِشَارَةِ دُونَ الدَّلَالَةِ وَأَمَّا صِفَةُ السَّبَبِ أَيْ إثْبَاتُ صِفَةِ الْمُوجِبِ ابْتِدَاءً فَمِثْلُ صِفَةِ السَّوْمِ فِي الْأَنْعَامِ أَيُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ أَمْ لَا يَعْنِي هَلْ يُشْتَرَطُ صِفَةُ النُّمُوِّ فِي مَالِ الزَّكَاةِ نَاطِقًا كَانَ أَوْ صَامِتًا فَعِنْدَ الْعَامَّةِ تُشْتَرَطُ فَلَا تَجِبُ الزَّكَاةُ إلَّا فِي الْمَالِ الْمُعَدِّ لِلتِّجَارَةِ أَوْ السَّائِمَةِ وَعِنْدَ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا تُشْتَرَطُ فَيَجِبُ الزَّكَاةُ فِي أَمْوَالِ الْقِنْيَةِ وَالْإِبِلِ الْمَعْلُوفَةِ فَلَا يَتَكَلَّمُ فِيهِ بِالْقِيَاسِ بَلْ يَسْتَدِلُّ بِالنَّصِّ عَلَى اشْتِرَاطِهِ أَوْ عَدَمِ اشْتِرَاطِهِ فَيَتَمَسَّكُ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِهِ بِإِطْلَاقِ قَوْله تَعَالَى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: 103] وَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِمُعَاذٍ «خُذْ مِنْ الْإِبِلِ فِي أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةً وَفِي خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ شَاةً» إلَى أَخْبَارٍ كَثِيرَةٍ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِوَصْفٍ وَيُحْتَجُّ لِاشْتِرَاطِهِ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَيْسَ فِي الْإِبِلِ الْحَوَامِلِ صَدَقَةٌ» «لَيْسَ فِي الْبَقَرَةِ الْمُثِيرَةِ صَدَقَةٌ» «فِي خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ السَّائِمَةِ شَاةٌ» فَصَارَ النَّمَاءُ شَرْطًا بِهَذِهِ الْأَخْبَارِ وَمِثْلُ صِفَةِ الْحِلِّ فِي الْوَطْءِ لِإِثْبَاتِ حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ فَعِنْدَنَا صِفَةُ الْحِلِّ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ بَلْ تَثْبُتُ بِمُطْلَقِ الْوَطْءِ حَلَالًا كَانَ أَوْ حَرَامًا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَيْهِ لَا بُدَّ مِنْ صِفَةِ الْحِلِّ حَتَّى لَا تَثْبُتَ بِالزِّنَا فَلَا وَجْهَ لِلتَّمَسُّكِ فِيهِ بِالرَّأْيِ بَلْ يَرْجِعُ فِيهِ إلَى النَّصِّ وَالِاسْتِدْلَالِ فَالشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَثْبَتَ صِفَةَ الْحِلِّ بِالنَّصِّ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: 23] الْآيَةَ وَنَحْنُ جَعَلْنَا الزِّنَا سَبَبًا بِالنَّصِّ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 3  صفحه : 394
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست